صدم العالم مؤخرًا بانسداد قناة السويس، مما أدّى إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأخير في تسليم البضائع وارتفاع أسعار النفط، وأحدث سلسلة من التأثيرات المتتالية. ورغم أن سفينة الشحن التي تقطعت بها السبل في قناة السويس قد تم تخليصها من مأزقها في النهاية واستأنفت الملاحة، إلا أن سبب الحادث لا يزال قيد التحقيق. ولا تزال التأثيرات على سلسلة التوريد العالمية وحتى التجارة العالمية غير واضحة. وتقدر بعض الوكالات أن انسداد القناة قد يتسبب في خسائر تتراوح بين 6 و10 مليارات دولار أمريكي للتجارة العالمية في كل أسبوع. فمن يجب أن "يدفع" هذه الفواتير الباهظة، مع بدء "حرب" المطالبات؟ وماهي السلع التي يمكن أن تشهد نقصا في ظل انسداد قناة السويس؟
في هذا الصدد، نقلت شبكة الأخبار الاقتصادية ببوينس آيرس في الأرجنتين عن خبراء الشحن بأن أنشطة التجارة العالمية قد تعاني من نقص العديد من السلع بما في ذلك لب الخشب لإنتاج ورق التواليت، وبن القهوة والأثاث. كما قد يرتفع سعر البنزين أيضًا.
ويشير تشيان شي مينغ، مدير مشروع الطاقة بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إلى أن الزيادة في أسعار الشحن البحري الدولي، كانت نتيجة مباشرة لحادث السفينة الجانحة بقناة السويس. كما ارتفعت أسعار تأجير ناقلات النفط في بعض المناطق. حيث بلغ سعر الإيجار اليومي لناقلة من سعة مليون برميل حوالي 17000 دولار أمريكي، وهو رقم قياسي منذ يونيو 2020. كما قفزت تكلفة استئجار السفن السياحية من الشرق الأوسط إلى آسيا بنسبة 47٪ .
وبحسب مقال نُشر على الموقع الإلكتروني لمحطة تلفزيون روسيا اليوم، فإن سفينة "ايفر غيفن" التي جنحت في قناة السويس لمدّة أسبوع، قد تسببت في خسائر قدرت بـ 9 مليارات دولار أمريكي يوميًا. مما قد يتسبب في انخفاض معدل النمو السنوي للتجارة العالمية بنسبة 0.2٪ إلى 0.4٪.
الممرّات البديلة يمكن أن تخفف الضغوط
أثار غلق السفينة الجانحة لقناة السويس قلق العالم من تكرار حوادث مشابهة في المستقبل من شأنها أن تؤثر على التجارة العالمية. وقال موقع تلفزيون روسيا اليوم أن إغلاق قناة السويس قد ذكّر الناس بهشاشة طرق الشحن العابر للقارات، وسلّط الضوء مرّة أخرى على الحاجة إلى وجود طرق بديلة للشحن الدولي.
وفي هذا السياق، صرّح نائب رئيس الوزراء الروسي تروتنيف مؤخرًا أن عدد الشحنات التي يتم نقلها حاليًا عبر الممر المائي في القطب الشمالي يتزايد تدريجيًا، وأن وقت استعمال الممر يزداد طولًا. كما برزت أهمية هذا الممر كحل بديل خلال أزمة السفينة الجانحة. وتعمل روسيا في الوقت الحالي إلى تحويل ممر الملاحة عبر القطب الشمالي حلا بديلا لقناة السويس لتقليل كلفة الشحن.
ويرى سو تشينغ يي، نائب مدير مكتب أبحاث التجارة الدولية بمعهد الاقتصاد العالمي والسياسة بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن تكلفة النقل البحري تمثل طريقة الشحن الأقل التكلفة في التجارة الدولية. بينما أظهرت حادثة السفينة الجانحة بأن النقل البحري يعتمد بشكل مفرط على قناة السويس. وأن سلسلة لا تتأثر بتوقف الإنتاج فقط، بل وبتوقف النقل أيضا. من أجل تجنب حوادث مماثلة في المستقبل، وبالإضافة إلى النظر في إمكانية توسيع قناة السويس، من الضروري أيضًا تعزيز لامركزية النقل الدولي، وتطوير النقل عبر السكك الحديدية.
توجد في الوقت الحالي بعض البدائل للنقل الدولي، مثل الالتفاف على قناة السويس، ونقل البضائع عبر رأس الرجاء الصالح، ونقل النفط عبر الأنابيب. كما أن جدوى طريق الشحن في القطب الشمالي آخذة في الازدياد. ويعد قطار الشحن الصين- أوروبا خط نقل بديلا متزايد الأهمية يمكنه أن يخفف الضغوط على الشحن الدولي بفضل مزايا السرعة والفاعلية والنقل عبر الأجزاء.