أصدرت وكالة المخابرات الأمريكية في 26 فبراير الماضي، تقريرها حول التحقيق في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وفور صدور التقرير، أعلنت الحكومة الأمريكية عقوبات على السعودية. وفي نفس اليوم، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا، رفضت فيه ما ورد في تقرير وكالة المخابرات الأمريكية، وقالت أن التقرير تضمّن استنتاجات ومعلومات غير دقيقة.
ويرى المحلّلون أن الموقف الأمريكي الاخير من المملكة، يمثل "إعادة تصحيح" للعلاقات بين البلدين. وأن التقرير قد يؤدي إلى انتكاسة في العلاقات بين أمريكا والسعودية، لكن في ذات الوقت يؤكدون على أن أمريكا تبقى في حاجة إلى مساعدة السعودية في الشرق الأوسط، مما يعني بأن أمريكا ستحافظ على التعاون الثنائي بين البلدين، والاتجاه نحو سياسة أكثر توازنا في الشرق الأوسط.
وأشار ستيفن كوك الباحث البارز في المعهد الأمريكي للشؤون الخارجية إلى أن المملكة العربية السعودية لا تزال المحور الرئيسي للولايات المتحدة في العالم العربي، وإذا أراد بايدن التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران أو إنهاء الحرب في اليمن، فلا شك في أنه يحتاج إلى التعاون مع المملكة العربية السعودية.
ويعتقد ليو تشونغ مين، الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، أنه بالمقارنة مع الحزب الجمهوري، يركز الحزب الديمقراطي بقيادة بايدن بشكل أكبر على الديمقراطية وحقوق الإنسان في سياسته الخارجية. مما قد يؤدي إلى المزيد من الخلافات في العلاقات الأمريكية السعودية، لكن ذلك لا يعني تخلي أمريكا عن حليفتها-- السعودية. وعليه، فإن إدارة بايدن ستحاول الوصول إلى أهدافها من خلال ضغوط مدروسة على السعودية.
يعتقد المحللون أن لدى إدارة بايدن حاليًا عددًا من الأهداف السياسية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحد من الأنشطة النووية الإيرانية ونفوذ ايران الاقليمي، وتهدئة الحلفاء غير الراضين عن الاتفاق النووي الإيراني مثل إسرائيل والسعودية، وتهدئة العلاقات مع تركيا، وايجاد توازن في الأهداف.
ويرى ليو تشونغ مين أن قضية خاشقجي تخص تركيا أيضًا، وأن أمريكا ستعمل على موازنة علاقاتها مع الحلفاء الإقليميين، على أمل توحيد القوى الكبرى في المنطقة، بما في ذلك تركيا. وفي الآونة الأخيرة، اتخذت إدارة بايدن سلسلة من الإجراءات الجديدة في الشرق الأوسط، سواء المتعلّقة بالاشارات الايجابية للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، أو القيام بضربات جوية في سوريا، ونشر تقرير مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وهي اشارات تعكس محاولات ادارة بايدن اجراء تعديلات على التوازن الإقليمي.