بكين 25 فبراير 2021 (شينخوا) أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي كان عمله مرتبطا ارتباطا وثيقا بحرب البلاد ضد الفقر، اليوم (الخميس)، أن الصين حققت "نصرا كاملا".
خلقت البلاد "نموذجا صينيا" لتخفيف حدة الفقر وقدمت إسهامات عظيمة في القضاء على الفقر عالميا، حسبما ذكر شي خلال كلمته في اجتماع كبير للاحتفال بإنجازات البلاد في القضاء على الفقر والإشادة بالنماذج المثالية في تلك القضية وتكريمها.
وخلال معركة القضاء على الفقر في الداخل، كان الرئيس الصيني يدرك تماما أن القضاء على الفقر هدف مشترك للبشرية. وبالتالي حث بلاده على لعب دور استباقي بشكل متزايد في الجهود العالمية لتخفيف حدة الفقر.
وصف شي ذلك بأنه "المنظور الأكبر".
التنمية المرتكزة على الشعب
في أواخر الستينيات، ذهب شي، الذي كان حينها أقل من 16 عاما، إلى قرية صغيرة على هضبة اللوس بمقاطعة شنشي شمالي الصين وعمل هناك لسبع سنوات.
في ذلك الوقت، لم يكن للمزارعين هناك سوى العرق والكدح ليقدموه أملا في حياة أفضل ولكن بسبب الندرة الشديدة في الموارد كان هذا أمرا بعيد المنال. شكلت هذه التجربة قوة دفع مستمرة في تفاني شي في قضية مكافحة الفقر.
وبنهاية عام 2010، بلغ الاقتصاد الصيني نحو ستة تريليونات دولار أمريكي، وتخطى اليابان ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بينما كان هناك نحو 150 مليون شخص يصل دخلهم إلى أقل من دولار أمريكي واحد في اليوم.
وعندما ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي من 4551 دولار أمريكي في عام 2010 إلى 10276 دولار أمريكي في 2019 ليتخطى بذلك حاجز 10 آلاف دولار للمرة الأولى، قال شي مرارا "يجب عدم ترك أي منطقة فقيرة أو فرد فقير".
وعلى مدار العقد الماضي، كان الهدف الشامل للمسعى الصيني في مكافحة الفقر هو تحقيق "التأكيدين والضمانات الثلاثة" -- لضمان عدم قلق فقراء الريف بشأن المطعم والملبس، وتمكنهم من الالتحاق بالتعليم الإلزامي والحصول على الخدمات الطبية الأساسية والإسكان الآمن.
وأوضح شي خلال جولة تفقدية ببلدية تشونغتشينغ جنوب غربي الصين في أبريل عام 2019 أنه "بحلول عام 2020 سننجح في تحقيق التأكيدين والضمانات الثلاثة لمواطني الريف الفقراء، وهذا مطلب أساسي ومؤشر رئيسي في جهود القضاء على الفقر".
وأضاف "هذا هو مفتاح النجاح في المرحلة الأخيرة من مكافحتنا للفقر".
وبينما يقترب الشعب الصيني مما يعرف بالحلم الصيني، لا يزال يعيش مئات الملايين من الشعوب في الدول الأخرى في فقر مدقع.
وذكر شي خلال كلمته في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2015 بمقر الأمم المتحدة في نيويورك "لا يمكننا سوى الشعور بالقلق الشديد إزاء ذهاب أكثر من 800 مليون شخص كل يوم إلى الفراش ومعدتهم فارغة".
وبما أنها دولة نامية، ستتقاسم الصين الفرص التنموية لديها مع الدول النامية الأخرى، حسبما تعهد شي في اليوم نفسه في اجتماع طاولة مستديرة رفيع المستوى بشأن التعاون الجنوبي-الجنوبي.
وتابع قائلا إن "الصين ستربط تنميتها بشكل وثيق مع النمو المشترك للعالم النامي، وستربط الحلم الصيني بأحلام جميع شعوب الدول النامية فيما يتعلق بحياة أفضل، وستتعاون مع الدول النامية الأخرى لخلق مستقبل أكثر إشراقا للتقدم المشترك". التخفيف المستهدف للفقر
في عام 2012، كان لا يزال هناك ما يقرب من 100 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر الوطني - 2300 يوان (نحو 356 دولارًا بالقيمة الحالية) أو أقل سنويًا، وهي فترة جديدة ولكنها قاسية في حرب الصين ضد الفقر.
تثبت فكرة "التخفيف المستهدف للفقر" أنها سلاح الصين العظيم في حملتها الأخيرة ضد الفقر، التي طرحها شي لأول مرة خلال جولة تفقدية في عام 2013 في قرية شيبادونغ، وهي قرية من أقلية مياو في مقاطعة هونان وسط البلاد.
وعلى الرغم من موقعها في أعماق الجبال، تزخر شيبادونغ بالروعة القومية والموارد الإيكولوجية. ولذلك، قرر القرويون الرهان بمستقبلهم على ست صناعات رئيسية، لا سيما التطريز التقليدي والسياحة الريفية.
وفي مطلع عام 2017، تم انتشال جميع السكان الفقراء في القرية البالغ عددهم 533 من الفقر، في حين نما صافي دخل الفرد تسعة أضعاف تقريبًا بين عامي 2013 و2019.
وفي عام 2018، قاد رئيس لاوس بوننهانغ فوراتشيث، وفدًا إلى شيبادونغ للتعلم من تجربتها في مكافحة الفقر.
ونظرًا لأن لاوس تسعى جاهدة للحد من الفقر، فقد أصبح نجاح القرية نموذجًا لبلاده، وكتب بوننهانغ إلى سكان القرية في عام 2019.
وبعد أن شقت الصين طريقها للحد من الفقر بخصائص صينية، فإن الصين، بتوجيه من شي، تساعد البلدان النامية الأخرى في الاستفادة من مواردها وتحويلها إلى مميزات للتنمية.
وفي عام 2000، ساعد شي في إطلاق مشروع "جونكاو" التجريبي للمساعدة في تحسين معيشة شعب بابوا نيو غينيا، عندما كان حاكم مقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين.
جونكاو، المعروف باسم "العشب السحري" واكتشفه العلماء الصينيون، هو بديل اقتصادي وصديق للبيئة للأخشاب، ويمكن استخدامه ركيزة لزراعة الفطر.
وبعد 18 عامًا، خلال زيارة شي لبابوا نيو غينيا، وقعت الدولتان مشروع مساعدات آخر بشأن استخدام تكنولوجيا العشب. وبحلول عام 2023، من المتوقع أن ينتشل برنامج المساعدات 30 ألفًا من السكان المحليين من براثن الفقر.
وخلال اجتماع للأمم المتحدة في عام 2019، وصفت الرئيسة السابقة للجمعية العامة ماريا فرناندا إسبينوزا جارسيس "جونكاو" بأنه "رمز مبادرة الحزام والطريق الصينية"، الذي، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، يمكن أن يسهم في انتشال 7.6 مليون شخص من الفقر المدقع و32 مليونا من الفقر المعتدل.
معركة شاقة
قال شي اليوم إنه على مدار السنوات الثماني الماضية، انتشلت الصين 98.99 مليون ريفي فقير تحت خط الفقر الحالي، من الفقر، مع إزالة 832 محافظة فقيرة و128 ألف قرية فقيرة من قائمة الفقر، مشيدًا بإنجاز البلاد في القضاء على الفقر المدقع بصفتها معجزة "تاريخية".
لقد كانت معركة شاقة، لا سيما بعد الجائحة، التي ظهرت في أواخر عام 2019، وأثرت على الاقتصاد الصيني.
وبفضل جهود الصين المزدوجة للوقاية من تفشي المرض والسيطرة عليه وتحقيق استقرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ظهر اقتصادها باعتباره الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي حقق نموا عام 2020، مع زيادة بنسبة 2.3 بالمئة في إجمالي الناتج المحلي على أساس سنوي، حسبما أظهرت بيانات رسمية في منتصف يناير.
ورغم انتعاش الصين، إلا أن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأخرى قد تتبع مسارات تعافٍ متباينة، حيث لا تزال الجائحة تجتاح أجزاء كثيرة من العالم، وفقًا لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في 26 يناير.
لقد عانى السعي نحو إنهاء الفقر من أسوأ نكسة له لأول مرة منذ جيل.
قال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في ديسمبر، إنه من المتوقع أن تعيد أزمة (كوفيد-19) 32 مليون شخص إلى براثن الفقر المدقع، وإن جهود إعادة بناء اقتصادات دول العالم الأشد فقرًا بعد الجائحة ستفشل بشكل كبير.
ودعا المؤتمر إلى اتخاذ إجراءات سريعة وهامة وجوهرية فيما يتعلق بالسياسات.
وفي خطابه الخاص خلال الاجتماع الافتراضي لأجندة دافوس للمنتدى الاقتصادي العالمي في يناير، قال شي إن الصين، بصفتها عضوا راسخا أساسيا في مجتمع البلدان النامية، ستعمل على تعميق التعاون الجنوبي-الجنوبي، وستسهم في مساعي الدول النامية للقضاء على الفقر، والتخفيف من عبء الديون، وتحقيق المزيد من النمو.
وفي قمة مجموعة العشرين بالرياض في 21 نوفمبر، قال شي "يجدر بنا مواصلة دعمنا للدول النامية ومساعدتها في التغلب على الصعوبات التي تسببها الجائحة".
وتعهد بأن الصين ستزيد من مستوى تعليق الديون وتخفيف أعبائها عن الدول التي تواجه صعوبات خاصة، وستشجع مؤسساتها المالية على تقديم دعم تمويلي جديد على أساس طوعي ووفقًا لمبادئ السوق.
وقال شي نقلا عن قصيدة صينية "بعد سقوط سفينة، ستبحر ألف واحدة فصاعدا". "بهذه الروح، فلنتكاتف لتحقيق حياة أفضل لشعبنا وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية".