بكين أول فبراير 2021 (شينخوا) مع دخول العالم إلى الشهر الثاني من عام 2021، لا يزال يكافح جاهدا للتعامل مع وباء كوفيد-19 المستعر، والركود الاقتصادي العميق، فضلا عن النظام العالمي المضطرب والمتحوّل.
وفي ظل خلفية المخاطر والشكوك المتزايدة، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ، في مجموعة من المناسبات الدبلوماسية الثنائية والمتعددة الأطراف، حلول الصين لتلك التحديات الرهيبة.
وأسهمت تعهداته ومقترحاته، التي تراوحت بين تعزيز التعاون العالمي في مجال اللقاحات والبناء المشترك للحزام والطريق، إلى ممارسة التعددية، في رسم المسار لعالم وصل إلى مفترق طرق تاريخي.
تعزيز التعاون في مجال اللقاحات
لقد تجاوزت حالات الإصابة بكوفيد-19 في العالم، الـ100 مليون حالة في 26 يناير، وفقا لمركز علوم وهندسة النظم بجامعة جونز هوبكنز.
ووسط تزايد العدوى، يُعتقد أن التوزيع العادل للقاحات الفعالة هو الطريقة الأفضل لتوجيه العالم للخروج من هذا النفق.
ومنذ تفشي وباء كوفيد-19، ظل شي منهمكا في "الدبلوماسية السحابية" المكثفة، ومنها المشاركة أو ترؤس اجتماعات افتراضية وإجراء مكالمات هاتفية مع قادة أجانب ورؤساء منظمات دولية، والتي دعا خلالها مرارا وتكرارا إلى التضامن ضد الوباء، فضلا عن التعاون العالمي في البحث والتطوير وتوزيع لقاحات كوفيد-19.
خلال محادثته الهاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في نوفمبر 2020، قال شي إن الصين مستعدة لتعزيز التبادلات والتعاون مع ألمانيا بشأن لقاحات كوفيد-19، والدفع من أجل توزيع اللقاحات بشكل عادل كمنفعة عامة عالمية، وخاصة لصالح الدول النامية.
وفي محادثة هاتفية يوم 21 يناير مع ثونغلون سيسوليث، الأمين العام للجنة المركزية لحزب الشعب الثوري في لاوس، قال شي إن الصين ستواصل دعم جهود لاوس لمكافحة الوباء، ومستعدة للنظر بفعالية في مساعدة لاوس بدفعة من لقاحات كوفيد-19.
وقال شي يوم الخميس في محادثة هاتفية مع نظيره البوليفي، لويس آرسي، إن الصين مستعدة لتعزيز التعاون مع بوليفيا بشأن لقاحات كوفيد-19.
وفي كلمته أمام الحدث الافتراضي لأجندة دافوس للمنتدى الاقتصادي العالمي، في الـ25 من يناير، قال شي إن "الصين ستواصل تشاطر تجربتها مع الدول الأخرى، وستبذل قصارى جهدها لمساعدة الدول والمناطق الأقل استعدادا للوباء، والعمل على تحقيق إمكانية أكبر للحصول على لقاحات كوفيد-19 والقدرة على تحمل تكاليفها في البلدان النامية"، مضيفا أنه يأمل أن هذه الجهود "ستسهم في تحقيق نصر مبكر وكامل على فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم".
وقال شي "لا يوجد أدنى شك في أن البشرية ستنتصر على الفيروس، وستخرج أقوى من هذه الكارثة".
البناء المشترك للحزام والطريق
لقد تبيّن أن الركود الاقتصادي العالمي الناجم عن وباء كوفيد-19 هو الأشد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945؛ فقد تعرضت جميع القطاعات الاقتصادية الرئيسية للدمار في آن واحد لأول مرة في التاريخ، وتعرضت سلاسل التوريد العالمية لضرر بالغ، ولا تزال التجارة والاستثمار ضعيفين.
رغم ذلك، فإن مقترحات الصين والتزاماتها التي أوضحها شي في خطابه في دافوس، قد ضخت زخما جديدا في الاقتصاد العالمي المتعثر.
قال شي إن "الصين ستواصل تعزيز تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار، والمساعدة في الحفاظ على سلاسل الصناعة والتوريد العالمية سلسة ومستقرة، وتعزيز التعاون عالي الجودة ضمن الحزام والطريق".
لقد حظي تعاون الحزام والطريق، وهو عبارة رئيسية في مكالمات شي الهاتفية مع القادة الأجانب في يناير، بترحيب حار من المجتمع الدولي.
قال ثونغلون في محادثة هاتفية مع شي يوم 21 يناير، إن لاوس ستعزز التعاون الثنائي في مجالات مثل بناء الحزام والطريق، وتعزيز التبادلات الودية على جميع المستويات.
على الصعيد نفسه، قال رئيس وزراء الدومينيكان روزفلت سكيريت، في محادثة هاتفية مع شي يوم 25 يناير، إن الدومينيكان ستشارك بنشاط في البناء المشترك للحزام والطريق لتعزيز التنمية المستمرة للعلاقات بين الدومينيكان والصين والعلاقات بين دول الكاريبي والصين.
وقال الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في محادثة هاتفية مع شي يوم 26 يناير، إن بلاده مستعدة للانضمام إلى الصين في التعزيز الفعال للتعاون الثنائي للحزام والطريق وبناء المنطقة الصناعية البيلاروسية - الصينية، وتعزيز التعاون في مختلف المجالات مثل الاقتصاد والتجارة والتبادلات على المستويات المحلية.
إن تنمية الصين فرصة للعالم، هذا ما قاله شي في خطاب رئيسي في حفل افتتاح الاجتماع السنوي الـ47 للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قبل أربع سنوات.
الآن، وفي خطابه في دافوس مؤخرا، قال شي إنه "مع دخول الصين مرحلة تنموية جديدة، سوف نتبع فلسفة تنموية جديدة ونعزز نموذجا جديدا للتنمية مع اعتبار التداول المحلي الدعامة الأساسية، وحيث تعزز التداولات المحلية والدولية بعضها البعض".
وأضاف شي أن "الصين ستعمل مع الدول الأخرى لبناء عالم منفتح وشامل ونظيف وجميل، ويتمتع بسلام دائم وأمن شامل ورخاء مشترك".
في الحقيقة، أنه من خلال نموذج التنمية الجديد، ستعمل الصين على تعميق الإصلاح والانفتاح، الأمر الذي سيوفر بالتأكيد المزيد من الفرص للتنمية والتعاون العالميين.
ممارسة تعددية الأطراف
قال شي في خطابه في دافوس مؤخرا إن "المشاكل التي تواجه العالم متشابكة ومعقدة. والمخرج منها هو من خلال دعم التعددية وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية".
في الواقع، كان الخطاب الخاص الذي استمر 25 دقيقة مليئا بدعوة شي للتعددية، وقد لاقى صدى دوليا. وقال شي إن "التعددية تتعلق بمعالجة الشؤون الدولية من خلال التشاور، ومستقبل العالم الذي يقرره كل مَن يعمل معا".
وقال شي في وقت لاحق في خطابه "إن (التعددية الانتقائية) ينبغي أن لا تكون خيارنا"، مضيفا أنه "لدعم التعددية في القرن الـ21، يتعين علينا تعزيز تقاليدها الرائعة، واتخاذ وجهات نظر جديدة، والتطلع إلى المستقبل".
إلى جانب ذلك، تحدث شي بوضوح أيضا في خطابه، عن خمس مبادرات ستتخذها الصين لممارسة التعددية: من خلال الاستمرار في المشاركة بنشاط في التعاون العالمي فيما يتعلق بكوفيد-19، وتنفيذ استراتيجية الانفتاح ذات المنفعة المزدوجة للجميع، وتعزيز التنمية المستدامة، ودفع العلوم والتكنولوجيا والابتكار، إضافة لدفع نوع جديد من العلاقات الدولية.
وقال شي "نؤمن بأنه عندما تكون مصالح البشرية جمعاء على المحك، يجب على الصين أن تتقدم، وتتخذ إجراءات وإنجاز المهمة"، مضيفا "دعونا نتكاتف جميعا وندع التعددية تنير طريقنا نحو مجتمع مستقبل مشترك للبشرية".