واشنطن 28 يناير 2021 (شينخوا) قال مسؤول بصندوق النقد الدولي إن الصين استجابت "بقوة" لكوفيد-19 بفضل السياسة المالية، التي ساهمت بشكل كبير في نموها في عام 2020، داعيا إلى استمرار الإجراءات المالية للمساعدة في إعادة التوازن إلى الاقتصاد الصيني.
"فقد كان هناك تركيز كبير على الاستثمار العام، ولكن أيضا على دعم الأسر والشركات. وكانت هناك بعض إجراءات الإعفاء الضريبي في هذه العملية"، هكذا ذكر فيتور غاسبار، مدير إدارة الشؤون المالية بصندوق النقد الدولي، خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) عن بُعد عبر الفيديو في وقت سابق من هذا الأسبوع، تعليقا على السياسة المالية للصين وسط الجائحة.
وقال غاسبار إنه بالنظر إلى المستقبل، في خطط الحكومة، فسوف يستمر الدعم، مشيرا إلى أنه سيكون هناك "انخفاض تدريجي" في العجز الإجمالي للصين بمرور الوقت، مع تباطؤ في زيادة الدين العام.
وذكر غاسبار أن "وضع الدعم المالي المتسم بمعدل استدامة مرتفع للغاية من قبل الحكومة الصينية يبدو مناسبا تماما نظرا لطبيعة الصدمة".
وأوضح المسؤول بصندوق النقد الدولي أن السياسة المالية يمكن أن تساعد أيضا في إعادة التوازن للاقتصاد الصيني، لافتا إلى أن أحد الشواغل بشأن أداء الاقتصاد الصيني في عام 2020 يتمثل في ضعف الاستهلاك الخاص.
وقال "للمضي قدما، سيكون من المهم أن ينتعش الاستهلاك الخاص. ولذا فإن ديناميات الاقتصاد الصيني ستستند إلى دينامية الطلب الصيني الداخلي".
ولدى إشارته إلى أن الصين تعمل على تحسين إطارها المالي العام بمرور الوقت "بطريقة ناجحة للغاية"، ذكر غاسبار أن "هذا المسار ينبغي أن يستمر"، داعيا البلاد إلى توسيع شبكات الضمان الاجتماعي وتعديل السياسة الضريبية لدعم الاستهلاك المحلي بشكل أفضل.
وذكر المسؤول بصندوق النقد الدولي أنه في مجال تخصيص الموارد، يعد النظر في تحقيق "حياد تنافسي" عبر الاقتصاد أمر في غاية الأهمية، مضيفا أنه يتعين على الصين مواصلة إصلاحاتها القائمة منذ عقود بشأن ضريبة الشركات والشركات المملوكة للدولة.
وعندما طُلب منه وصف النمو الاقتصادي الصيني في عام 2020 في ثلاث كلمات رئيسية، قال غاسبار لـ((شينخوا)) إنه سيصفه بأنه "عظيم حتى الآن"، حيث سيطرت البلاد على كوفيد-19، وتعافت "بقوة" بعد تعرضها لخسارة اقتصادية في بداية العام.
وقد أفادت مصلحة الدولة للإحصاء في الصين مؤخرا بأن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سجل معدل نمو سنويا بلغ 2.3 في المائة في عام 2020، ليصبح الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي حقق نموا إيجابيا في العام الذي عصفت به الجائحة.
ووفقا لأحدث تقاريره حول آفاق الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الصيني سينمو بنسبة 8.1 في المائة في عام 2021، وسط انتعاش عالمي جزئي ومتفاوف.
وذكر غاسبار "للمضي قدما، لا تزال هناك تحديات عديدة تتعلق بالنمو المحلي للصين"، مضيفا "هناك أيضا بعض التحديات التي تحدث على المستوى العالمي الذي تعتبر مساهمة الصين على صعيده مهمة للغاية".
وفي معرض إشارته إلى أن الصين لديها دور لتلعبه في صياغة إجماع عالمي، قال المسؤول بصندوق النقد الدولي إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يمكن أن يساهم في النمو العالمي من خلال تعزيز الاستثمار الأخضر وتسهيل عملية الرقمنة، وذلك من بين أمور أخرى.
وبحسب أحدث تقارير ((الراصد المالي)) الصادرة عن صندوق النقد الدولي والذي نُشر يوم الخميس، بلغ الدعم المالي العالمي قرابة 14 تريليون دولار أمريكي بنهاية ديسمبر 2020، بزيادة تصل إلى حوالي 2.2 تريليون دولار منذ أكتوبر 2020.
وقال غاسبار إن "كوفيد-19 كان مصدر إرباك كبير لجميع البلدان في أنحاء العالم كافة. وقد تقلصت عائدات الضرائب بشكل كبير جدا"، واصفا مثل هذه الإجراءات المالية السريعة والقوية بأنها "ضرورية للغاية" للمساعدة في احتواء الجائحة وتجنب حدوث أزمة مالية.
وإلى جانب الانكماش الاقتصادي، أدى هذا الدعم إلى ارتفاع الدين العام والعجز، وفقا لما ذكره تقرير ((الراصد المالي)) الصادر مؤخرا. واقترب متوسط الدين العام في جميع أنحاء العالم من 98 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2020، مقارنة بنسبة 84 في المائة المتوقعة قبل انتشار الجائحة لنفس التاريخ.
وعندما سُئل عما إذا كان يتعين على صانعي السياسات القلق بشأن تضخم الدين العام، قال المسؤول بصندوق النقد الدولي لـ((شينخوا)) إنه يتعين على المرء دائما أن يهتم بالإدارة السليمة لمخاطر المالية العامة، وأن يضع في اعتباره القدرة على تحمل الدين العام، ولكن في هذه المرحلة"، "تأتي الأولوية الأولى لدحر الجائحة".
وذكر غاسبار "من الواضح أن هناك إدراكا عاما لحاجة الدول الفقيرة إلى الدعم"، مشيرا إلى أن عملية التطعيم متخلفة بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل في هذا الوقت.
وقال "لكن بالطبع لن يصبح كوفيد-19 تحت السيطرة في أي مكان قبل أن يصبح تحت السيطرة في كل مكان. وربما يكون الاستثمار في عملية التطعيم هو الاستثمار الأكثر ربحية الذي يمكن للمرء تنفيذه الآن في الاقتصاد العالمي".
كما حث المسؤول بصندوق النقد الدولي صانعي السياسة على تحقيق "توازن" بين تقديم مزيد من الدعم قصير الأجل لضمان انتعاش قوي والحفاظ على الديون عند مستوى يمكن التحكم فيه على المدى الطويل.
وذكر المسؤول بصندوق النقد الدولي أن "الأولوية تكمن في تقديم مساعدات الإغاثة، وتوفير شريان الحياة، والتأكد من توافر الدعم عند الحاجة"، مضيفا بقوله "ولكن لكي ينجح ذلك جيدا، من المهم جدا أن يثق الناس في أن الوضع على المدى الطويل تحت السيطرة".
وأضاف غاسبار "ينبغي على المرء أن يفكر دائما في النشاط الاقتصادي والتوظيف على المدى القصير من منطلق رؤية تنموية طويلة الأمد، فوجود رؤية طويلة الأمد يساعد كثيرا".
ووفقا لأحدث تقارير ((الراصد المالي)) الصادرة عن صندوق النقد الدولي، ينبغي أن تتيح السياسة المالية تحولا أخضر ورقميا وشاملا للاقتصاد في بيئة ما بعد كوفيد-19، مع وجود أولويات تشمل الاستثمار في النظم الصحية والتعليم والبنية التحتية، ومساعدة الناس على العودة للعمل والتنقل بين الوظائف، وكذا تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب على صانعي السياسات إعادة التفكير في الأنظمة الضريبية لدفع تحقيق عدالة أكبر وتقديم حوافز لحماية البيئة، وخفض الإنفاق المهدر، وتعزيز شفافية مبادرات الإنفاق، وتحسين ممارسات الحوكمة لجني الفوائد الكاملة للدعم المالي.
وقال غاسبار إن "الحكومات تحتاج إلى الفوز في سباق التطعيم، والاستجابة بمرونة للظروف الاقتصادية المتغيرة، وتمهيد الطريق لانتعاش أكثر اخضرارا وعدالة واستمرارية".