غزة 24 ديسمبر 2020 (شينخوا) تنشغل السيدة سهاد صيدم من سكان مدينة غزة في حياكة وتطريز الآلاف من الكمامات الطبية لعدد من زبائنها المسيحيين قبيل أعياد الميلاد المجيد (الكريسماس).
وتقضي صيدم في الأربعينات من عمرها وهي أم لأربعة أبناء، ساعات طويلة مع زميلاتها في مشغلها الصغير الذي تطلق عليه "إبرة وخيط" لتحضير طلبيتها الجديدة.
وفي المشغل تبدع السيدات بتطريز أشجار الميلاد وبابا نويل على تلك الكمامات لاستخدامها للوقاية من الإصابة بمرض فيروس كورونا الجديد.
وتقول صيدم لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنها اعتادت في مثل هذه الأيام على تطريز "الثياب الفلسطينية ذات الطراز التراثي والتي عادة ما تتباهى بها النساء الفلسطينيات في الأعياد والمناسبات السعيدة".
وتضيف "غير أن الحال تبدل على الجميع هذا العام بسبب أزمة مرض كورونا فأصبحت الكمامة الطبية جزءا أساسيا من الروتين اليومي، كوسيلة أساسية للحماية من المرض".
ولأجل ذلك، حاولت صيدم أن تواكب التطورات عبر صنع كمامات طبية مطرزة ومستوحاة مِن التراث الفلسطيني.
ويشهد إقبال النساء الفلسطينيات في الأراضي الفلسطينية على ارتداء الكمامات المطرزة تزايدا ملحوظا، خاصة بعد الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بالمرض، كنوع من مواكبة الزينة مع الالتزام بالتعليمات الصحية.
وساهم الإقبال الملحوظ في زيادة الإنتاج في مشغل صيدم في تسويق منتجاتها بأسواق قطاع غزة بالإضافة إلى الضفة الغربية.
ويبدأ المسيحيون الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد بدءا من ليلة 24 ديسمبر حتى أوائل يناير من العام التالي، حيث عادة ما تبدأ الاحتفالات بإضاءة شجرة الميلاد (الكريسماس).
وتقول صيدم إن المسيحيين يتحضرون للاحتفال بأعيادهم، ولا شك بأنه سيكون هناك تجمعات صغيرة لهم على الرغم من انتشار مرض كورونا في القطاع.
وتضيف أنها تشعر بسعادة كبيرة بأن تكون الكمامة الطبية التي ترتديها النساء تحمل التراث الفلسطيني، بالإضافة إلى أن النساء "لن يضطررن لإلغاء احتفالاتهن أو الشعور بأي حرج من ارتداء الكمامات الطبية".
وتعتمد صيدم على استخدام القماش القطني بنسبة 80 في المائة، بناء على تعليمات وزارة الصحة في غزة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ولم تقتصر صيدم على إنتاج الكمامات للأسواق المحلية، بل تمكنت مؤخرا من تصديرها إلى دول أوروبية من خلال شركات في الضفة الغربية.
وتقول إنه تم تصدير حوالي 1500 كمامة مطرزة إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي يتم تصدير منتجاتها للخارج.
والتصدير من غزة يجابه بقيود من إسرائيل التي تفرض حصارا مشددا على القطاع منذ سيطرة حماس عليه عام 2007.
وكانت صيدم بدأت مهنة التطريز منذ 16 عاما، بعد إصابتها بمرض السرطان، وذهابها إلى مستشفى المقاصد في الضفة الغربية لتلقي علاجها، في محاولة منها لتأمين مصدر دخل لها، يساعدها على مصاريف العلاج.
وتضيف "في ذلك الوقت شاهدت العديد من النساء مريضات بالسرطان ولا يستطعن توفير الأموال اللازمة للأدوية، بالإضافة إلى تدهور حالتهن النفسية بسبب ذلك".
وتتابع "من النادر أن تجد امرأة فلسطينية لا تجيد التطريز، ولذلك اقترحت على زميلاتي المريضات بأن نبدأ التطريز وأن نبيعه لزبائن في المستشفى، وهذا ما حصل فعلا".
وما أن عادت إلى قطاع غزة بعد رحلة علاج طويلة، حتى افتتحت مشروعها الرسمي في عام 2017، وبدأت بتطريز الملابس والفساتين النسائية وبيعها لزبائنها في القطاع، مع حفاظها على زبائنها في الضفة الغربية.
وحاليا، يضم مشروع "إبرة وخيط" 40 عاملة أغلبهن إما مريضات سرطان أو ناجيات من السرطان، حيث يشكل مصدر دخل أساسي لهن.
وتقول نور النملة إحدى العاملات في المشغل لـ ((شينخوا))، إنها انضمت إلى هذا العمل لممارسة هوايتها في التطريز الفلسطيني بالإضافة إلى كسب المال.
وتضيف النملة وهي في العشرينات من عمرها أن التطريز الفلسطيني "يعتبر بمثابة هوية لنا، فأنا أشعر بسعادة كبيرة حين أرى استعادة ارتداء الثياب المطرزة أو حتى الكمامات المطرزة لأننا ببساطة نبرز انتمائنا الفلسطيني".
من جانبها عبرت سلمى ترزي عن سعادتها بتصنيع كمامات خاصة بالمسيحيين وأعياد الميلاد في قطاع غزة، مشيرة إلى أنها لفتة جميلة من "سيدات مسلمات لمشاركتنا في أعيادنا حتى وإن كانت بمبادرات بسيطة".
وتقول سلمى لـ ((شينخوا)) إن "التراث الفلسطيني يضم الجميع من مسيحيين ومسلمين، وجميعنا نفتخر بتاريخنا وتراثنا ونتباهى بالزي الفلكلوري في جميع مناسباتنا السعيدة".