بعد أسبوع من التنقل بين الأرض والقمر والفرملة بالقرب من القمر ومن ثم الدوران حوله، هبط المسبار تشانغ آه-5 على منطقة الهبوط المحددة مسبقا على سطح القمر في الساعة الـ 23:11 من يوم 1 ديسمبر.
في تمام الساعة العاشرة مساءً من يوم 2 ديسمبر، وبعد حوالي 19 ساعة من العمل على سطح القمر، أكمل مسبار مشروع استكشاف القمر تشانغ آه-5 بنجاح أخذ العينات بشكل تلقائي لسطح القمر ومن ثم تعبئتها وتخزينها في عبوة داخل مركبة الصعود في المسبار كما هو مخطط.
لكن أين يكمن الفرق في عملية هبوط تشانغ آه-5 على سطح القمر مقارنة بـ تشانغ آه-3 وتشانغ آه-4؟ وما هي الأدوات الخارقة للعادة التي استخدمها؟
خلال عملية الهبوط على سطح القمر بالنسبة لتشانغ آه-5 فقد تم تخفيض السرعة وتعديلها والاقتراب من السطح وتجنب العواقب وتحديدها والهبوط البطيء بشكل تلقائي. وهذا ما يؤكد أن وراء هذا الهبوط الثابت والمريح حكمة وتراكم خبرات العديد من الباحثين والعلماء الصينيين.
وفقا للشخص المسؤول عن الأكاديمية الخامسة لمؤسسة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، وهي وحدة البحث والتطوير الرئيسية لمسبار تشانغ آه-5 فإن لدى هذا الأخير خاصيات غير مسبوقة فيما يتعلق بدقة تحديد المواقع وسلاسة أماكن الهبوط مقارنة بتشانغ آه- 3 و4، حيث يتطلب أماكن بدون مرتفعات عالية جدا وحفر عميقة للغاية بالإضافة إلى منحدر مناسب متوافق مع متطلبات المهمة.
وفقا للخبراء، فإن مسبار تشانغ آه-5 يتبنى طريقة "التفادي العام والدقيق للعقبات" التي تم تطبيقها على تشانغ آه-3 و4. أي أنه تحت قيادة نظام الملاحة والتحكم (GNC)، تقوم مركبة الصعود والنزول أولا بالخفض السريع لسرعتها من خلال الكبح العكسي، ثم القيام بضبط الموقف بسرعة والتقاط الصور والتعرف على تضاريس منطقة الهبوط المحددة مسبقا لتجنب العوائق الكبيرة بشكل عام . بعد ذلك عندما تصل المركبة على بعد 100 متر من سطح القمر تقوم بالتقاط صورة دقيقة للمنطقة المحددة مرة أخرى لتتفادى أي عقبات، ثم تحلق بشكل عمودي مستقر فوق نقطة الهبوط وتبدأ في الهبوط رويدا رويدا، وقبل الاقتراب من ملامسة سطح القمر يتم إيقاف تشغيل المحرك، ويتم استغلال آلية الهبوط السلس بواسطة الأرجل الذكية للمركبة المضادة للاهتزازات.
إن مفتاح الهبوط السلس على القمر هو عامل الاستقرار. نظرا لأن مركبة الإنزال والصعود للمسبار تشانغ آه-5 هي مركبة مُركبّة فإنه خلال عملية هبوطها على السطح سيكون هناك تصادم كبير، وبالتالي وجب تصميم آلية تكون فيها عملية هبوط سلسة ومن دون اهتزازات، أو ما يعرف بـ "أرجل" تشانغ آه-5
إن هذه الأرجل الأربعة التي ترتكز عليها مركبة المسبار عند لمس سطح القمر هي استثنائية. حيث تتمتع هذه الأرجل بحقوق ملكية فكرية مستقلة تماما، مما يضمن لها ثنيها بسهولة وفتحها بطريقة موثوقة بها، مما يحل العديد من المشاكل بالنسبة لمركبة الهبوط مثل الهبوط السلس والمستقر إلى غير ذلك من مختلف المشاكل الأخرى.
بالمقارنة مع تصميم آلية التخفيف من آثار صدمة الهبوط على السطح لتشانغ آه-3، فإنه ونظرا للصعوبات المتزايدة للمهمة، فقد تمت زيادة طاقة هذه الآلية لتشانغ آه-5 بنسبة ثلاثين بالمائة، لكن تم تقليل مؤشرات وزنها بنسبة 5 بالمائة.
أثناء هبوط تشانغ آه-5 على سطح القمر، كان هناك أيضا تصميمان أكثر دقة. أحدهما أنه وبالرغم من أن عربة الهبوط كانت تحمل عربة الصعود فوقها، لكن في الواقع خلال هذه العملية برمتها فقد استعانت مركبة الهبوط بحاسوب خارجي "يحتوي على كاميرات خارجية أيضا". حيث يعتبر أقوى حاسوب تحكم مركزي يتم استخدامه من قبل مركبة الصعود أثناء انطلاقها من على سطح القمر والذي من خلاله يتم استشعار النجوم ورؤيتها وبالتالي يمكن تحديد موقف المركبة في الفضاء مما يوفر التكاليف ويقلل من الوزن.
ثانيا نظرا لأن غبار القمر الذي يثيره المحرك الرئيسي عندما يكون قريبا من سطح القمر سيلوث مستشعرات النجوم ويؤثر على إقلاع مركبة الصعود من فوق السطح، فقد صمم الباحثون غطاءً خاصا يُوضع على عدسة استشعار النجوم على ارتفاع معين من القمر والقيام بإخطار العدسة بفتح الخطاء بشكل تلقائي بعد أن يزول كل الغبار القمري من حولها.