بكين 25 أغسطس 2020 (شينخوا) مع اقتراب شهر سبتمبر، الشهر الذي من المعتاد أن تبدأ فيه الدراسة بالمدارس في الكثير من دول العالم، كيف يمكن إعادة فتح المدارس بأمان أثناء الجائحة؟ فقد نشرت مجلة ((نايتشور)) تقريرا عن هذا الموضوع مؤخرا، قالت فيه إن الكمامات وعدد الطلبة في الفصول والنظافة ستكون أمورا مهمة، ولكن تراجع انتشار المرض في المجتمع يمثل السبيل الأساسي في هذا الصدد.
وفي الحقيقة، تتخذ بلدان العالم إجراءات مختلفة لبدء الدراسة وتعمل في الوقت ذاته على مواجهة تحديات انتشار فيروس كورونا الجديد، وقد يستقبل قطاع التعليم "واقعا جديدا" في المستقبل المنظور.
-- "الواقع الجديد"
في المدارس بجميع أنحاء كوريا الجنوبية، يتناول الطلبة وجبة الغداء بالمدرسة وهم جالسين في صمت أمام لوائح بلاستيكية تفصلهم عن زملائهم. ويرتدون الكمامات ولا يخلعونها إلا عند ممارسة نشاط فيه تباعد اجتماعي في الملعب، ويجري فحص درجة حرارتهم مرتين كل صباح: الأولى في المنزل والثانية عند بوابة المدرسة.
قد يكون هذا هو الواقع الجديد بالنسبة لملايين الأطفال حول العالم. تقترب العطلة الصيفية من نهايتها في نصف الكرة الشمالي وتناقش الحكومات الأوروبية والآسيوية والإفريقية كيفية بدء الدراسة. ويظهر عدد متزايد من الدراسات أن هناك طرقا للقيام بذلك بأمان. والسبيل الرئيسي إلى ذلك هو التزام اليقظة بشأن النظافة والتباعد الجسدي، وتحقيق استجابة سريعة لشؤون الصحة العامة من أجل وقف انتشار الفيروس، والأهم من ذلك، خفض مستويات انتشار الفيروس في المجتمع.
وقال زوي هايد، عالم الأوبئة في جامعة أستراليا الغربية في بيرث، إن "بعض البلدان في آسيا، ولا سيما كوريا الجنوبية، قدمت نموذجا جيدا لكيفية قيام المدارس بتوفير الدراسة وجها لوجه أثناء الجائحة".
لكن الباحثين يقولون إنه إذا ما فُتحت المدارس قبل أن يصل معدل انتقال العدوى في المجتمع إلى مستويات منخفضة، فسترتفع حالات الإصابة.
-- بيئة عالية الخطورة
يمكن أن تكون المدارس أماكن عالية الخطورة، هكذا يقول يونج جون تشوي طبيب الأطفال وعالم الأوبئة بجامعة هاليم في تشونشيون بكوريا الجنوبية، مشيرا إلى أن الأطفال غالبا ما يتكدسون في غرف سيئة التهوية لمدة ثماني ساعات أو أكثر. وهناك نشهد الكثير من الاختلاط، لأن الأطفال يأتون من جميع أنحاء الحي، بعضهم في وسائل النقل العام والبعض الآخر مع آبائهم.
في وقت سابق من الجائحة، ظهر أن الفيروس قد يصيب الأطفال بشكل مختلف عن البالغين. ولأن الأطفال يعانون من أعراض أخف حدة، فقد كان من المفترض أن يكونوا أقل عدوى. ولكن يوجد الآن دليل على أن الأطفال يمكن أن ينقلوا الفيروس إلى أشخاص آخرين، وخاصة أولئك الذين يعيشون معهم في نفس المنزل. وتظهر العديد من الدراسات أنه بمجرد إصابة الأطفال، فإنهم لا يكونون أقل عدوى من البالغين.
كيف ينشر الأطفال فيروس كورونا؟ العلم لا يزال غير واضح. وقال هايد "إذا أعيد فتح المدارس في مناطق بها مستويات عالية من انتقال العدوى في المجتمع، فلا مفر من حدوث فاشيات كبيرة وستحدث وفيات في المجتمع نتيجة لذلك". يمكن رؤية الدليل على ذلك في حالات التفشي المتفرقة والزيادة في حالات الإصابات التي تبعت هذا بالفعل، بما في ذلك تلك التي رُصدت بمدرسة ثانوية في إسرائيل ومعسكر صيفي في الولايات المتحدة.
-- إجراءات وقائية
في موسكو، صرح وزير التعليم الروسي سيرجي كرافتسوف مؤخرا بأن المؤسسات التعليمية الروسية ستستأنف الدراسة في أول سبتمبر، وأن 27 مليون طالب سيدخلون 80 ألف مدرسة لحضور الدراسة لفصل الخريف.
ووفقا لصحيفة ((درايغون نيوز)) الروسية، يوجد حاليا أكثر من 30 ألف مؤسسة تعليمية في روسيا مستعدة لبدء العام الدراسي. وبعد بدء الدراسة في الأول من سبتمبر، لابد من تزويد جميع المعلمين والطلبة والموظفين بالكمامات أثناء تواجدهم في المدرسة، ولابد من قياس درجة حرارة كل شخص عند دخول المدرسة. و"لا يحتاج المعلمون إلى ارتداء الكمامات أثناء المحاضرات، ولكن يجب على الطلاب ارتدائها".
وهؤلاء الموظفون بالجامعة الذين لا يتعين عليهم الوقوف على المنصة للتدريس يمكنهم اختيار العمل عن بُعد من المنزل. ويمكن للطلاب الدوليين الذين يدرسون في روسيا أيضا الذهاب إلى المدرسة بشكل طبيعي بعد الخضوع لحجر صحي مدته 14 يوما وإجراء اختبار الكشف عن الفيروس.
-- فحص سلامة الأطعمة
في بكين، تم إطلاق فحص للتأكد من سلامة الأغذية فيما يتعلق بالمدارس على نطاق واسع ومن المقرر أن يستمر لمدة شهر كامل. ويشمل الفحص للمقاصف في المدارس، وأماكن إعداد الطعام بدور رياض الأطفال، ومحال السوبر ماركت حول الحرم الجامعي والمدارس، وشركات ووحدات توفير خدمات تقديم الطعام.
وعلى وجه الخصوص، أكدت الهيئات المعنية على ضرورة تعزيز إدارة أغذية سلسلة التبريد، التي تعد مصدرا رئيسيا للفيروسات، وتعزيز فحص التراخيص التجارية وشهادات تأهيل المنتج. ولا يُسمح مبدئيا للمقاصف المدرسية بطهي وبيع الأطعمة الباردة والنيئة وأنواع أخرى من الأطعمة.
-- إشارة الضوء
بالنسبة لـ1.1 مليون طالب في النمسا، فإن العام الدراسي الجديد على وشك أن يبدأ. وقد أكد وزير التعليم النمساوي هاينز فاسمان في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا "آمل أن تعمل المدارس بشكل طبيعي بعد بدء الدراسة، ولن يتم إجراء تناوب في الحضور. وسنتخذ إجراءات وقائية لتقليل مخاوف الآباء".
من أجل الوقاية من الفيروس والسيطرة عليه بعد بدء الفصل الدراسي الجديد، وضعت وزارة التعليم العديد من اللوائح الجديدة للمدارس. على سبيل المثال، يجب تهوية الفصل الدراسي لمدة 5 دقائق كل 20 دقيقة؛ ويمكن تقديم أكبر عدد ممكن من الحصص الدراسية في الهواء الطلق، طالما يسمح الطقس بذلك، مع تقديم جميع الحصص الخاصة بالتربية البدنية والموسيقى والحوار وما إلى ذلك في الهواء الطلق ...
بالإضافة إلى ذلك، تقوم المدرسة بتنسيق الترتيبات بما يتوافق مع "إشارة الضوء" الصادرة عن قطاع الصحة الحكومي: فاللون الأخضر يعني "العمل بصورة اعتيادية" واللون الأصفر يعني "العدوى مستمرة" ويجب ارتداء الكمامات في المدارس، أما اللون البرتقالي فيشير إلى "وجود عدوى في مناطق واسعة" ومن الأفضل أن تختار المدارس "التدريس عن بعد". وإذا تحولت إشارة الضوء إلى اللون الأحمر الذي يدل على انتشار الفيروس، فهذا يعني ضرورة توجه المدرسة إلى تطبيق "التدريس عن بعد" بشكل كلي.
-- الدراسة عبر الإنترنت
في مصر وبالنسبة للمدارس التي تُطبق مناهج دولية، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني عدم جواز بدء الدراسة بشكل نظامي "بحضور الطلاب" في المدارس التي تطبق مناهج ذات طبيعة خاصة "الدولية" قبل 15 سبتمبر المقبل.
فيما أجازت الوزارة إمكانية البدء فى الدراسة أون لاين من أول سبتمبر 2020، مع التشديد على الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية التى أعلنتها جهات الاختصاص، بشأن الحفاظ على صحة وسلامة الطلاب والمعلمين وجميع العاملين بالمدرسة.
-- تسييس الموضوع
في الولايات المتحدة، عاد ملايين الأطفال الأمريكيين إلى مدارسهم في الأسابيع القليلة الماضية، ومن المقرر أن يبدأ ملايين آخرون الدراسة في سبتمبر.
ومنحت العديد من المناطق التعليمية العائلات حق الاختيار بين التعليم وجها لوجه والتعليم عبر الإنترنت. وفي العديد من الأماكن، أجبرت حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا الجديد المدارس على الإغلاق بعد أيام قليلة من فتحها.
ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أضفى على هذه المسألة طابعا سياسيا، حيث هدد بمعاقبة المدارس التي لن تفتح أبوابها للتعلم وجها لوجه، وسط قلق المعلمين الشديد من أن العودة ليست آمنة بعد.