بيروت 15 يونيو 2020 (شينخوا) قرر المجلس الأعلى للدفاع في لبنان اليوم (الإثنين) تكثيف التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية وتبادل المعلومات فيما بينها لتفادي أي أعمال تخريبية تحت حجة مطالب معيشية محقة، والتشدد بعدم التساهل مع المخلين بالأمن والنظام.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي لأمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمود الأسمر بعد اجتماع برئاسة الرئيس اللبناني ميشال عون وحضور رئيس الحكومة حسان دياب ووزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية والاقتصاد والنائب العام التمييزي وقائد الجيش وقادة الأجهزة الآمنية.
وتشهد العديد من المناطق اللبنانية منذ أيام، تحركات احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لا سيما مع ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل غير مسيوق مقابل الليرة اللبنانية.
وكانت الاحتجاجات وأعمال قطع الطرق في لبنان قد تم استئنافها احتجاجا على الظروف المعيشية الصعبة في البلاد مساء يوم (الجمعة) الماضي ورافقها مواجهات بين المحتجين وقوى مكافحة الشغب بعد إحراق متاجر ومكاتب في وسط بيروت.
وشهدت مدينة طرابلس بشمال لبنان بدورها جولات من المواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية ليل يوم (السبت) الماضي بعد إحراق المحتجين لفروع مصرفية ومحال تجارية ، وقد اسفرت المواجهات عن 89 إصابة بينهم 20 عسكريا ، حيث جرى رشق الجيش بالحجارة والمفرقعات وقنابل المولوتوف.
ونقل اللواء الأسمر عن الرئيس عون دعوته لاتخاذ إجراءات متشددة لمنع تكرار أحداث الشغب التي حصلت في بيروت وطرابلس كبرى مدن الشمال والتي اخذ بعضها طابعا طائفيا، إضافة إلى استهداف القوى العسكرية والأمنية بالاعتداء المباشر.
وطلب القيام بحملة توقيفات تشمل المخططين والمحرضين والمنفذين على حد سواء، مؤكدا أنه لن يكون من المسموح بعد اليوم تجدد مثل هذه الأعمال التخريبية التي تؤثر على هيبة الدولة ما ينذر بمضاعفات خطيرة.
ودعا إلى " تنفيذ عمليات استباقية لتفادي تكرار ما حصل من فلتان وتعد على الأملاك العامة والخاصة وإحراقها" كما أدان "الاعتداء على القوات العسكرية والأمنية" منوها بالجهود التي تبذلها هذه القوى في مواجهة أعمال الشغب.
كما نقل اللواء الأسمر عن رئيس الوزراء قوله إن هناك قرارا داخليا أو خارجيا وربما الاثنين معا للعبث بالسلم الأهلي وتهديد الاستقرار الأمني.
وقال دياب "ما يحصل يحمل رسائل كثيرة وخطيرة ولم يعد مقبولا أن يبقى الفاعل مجهولا، وأن لا يكون هناك موقوفون من الممولين والمحرضين والمنفذين".
وأضاف "مشاغبون يستبيحون الشوارع ويدمرون البلد ومؤسساته والدولة تتفرج"، مؤكدا أن "هذه ليست احتجاجات ضد الجوع والوضع الاقتصادي بل هذه عملية تخريب منظمة".
وشدد على "توقيف الذين يحرضون والذين يدفعون لهم والذين يديرونهم، من الداخل والخارج وإذا لم نفعل ذلك، سوف تخسر الدولة نفسها وهيبتها".
وكان دياب قد وصف في وقت سابق اليوم أعمال التخريب التي حصلت في طرابلس وبيروت بأنها "كارثة".
وذكر بيان صدر عن مكتب دياب انه ترأس اجتماعا أمنيا ماليا تقرر خلاله إنشاء غرفة عمليات أمنية لمتابعة عمليات المضاربة على الليرة اللبنانية.
وأكد دياب وجود تلاعب بسعر صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي وأنه أمام تراجع قيمة رواتب الموظفين وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مشددا على إجراء تحقيق أمني وقضائي في هذا الصدد.
ولفت دياب إلى أن إجراءات مجلس الوزراء المتخذة قبل يومين قد دخلت حيز التنفيذ بتخفيض سعر الدولار تدريجيا أمام الليرة وسط تسليم مصرف لبنان المركزي كميات من الدولار للصرافين المرخصين لمنع وصولها إلى المضاربين أو تهريبها إلى الخارج.
وكانت الحكومة قد تعهدت يوم (الجمعة) الماضي باتخاذ إجراءات مالية وأمنية لتعزيز العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي بعدما سجل سعر صرفها يوم (الخميس) الماضي رقما قياسيا يزيد عن 5 آلاف ليرة لبنانية في السوق السوداء مقابل السعر الرسمي البالغ 1507 ليرات.
وفي سياق متصل وخلال اجتماعين منفصلين مع مجلس القضاء الأعلى والهيئات الرقابية دعا دياب القضاء والهيئات الرقابية إلى ممارسة دورها وملاحقة كل الارتكابات وشبهات الفساد والهدر والصفقات المشبوهة .
وأعلن "بدء الحرب على الفساد" ، مشيرا إلى أن "منظومة الفساد صارت أقوى من الدولة نفسها".
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة في 29 من الشهر ذاته لتشكل في 11 فبراير الماضي حكومة برئاسة حسان دياب التي تحاول وقف التدهور وحل المشاكل المالية والاجتماعية .
ويعاني لبنان من أزمة مالية واقتصادية وتدهور معيشي متصاعد وشح في السيولة ومن قيود مصرفية على سحب الودائع ما دفع الحكومة إلى التوقف عن سداد الدين الخارجي في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين الذي تجاوز 90 مليار دولار امريكي.
كما تسببت الأزمة وانعكاسات مرض (كوفيد- 19) الاقتصادية إلى تفاقم المشكلة المالية وإلى تراجع قيمة الليرة اللبنانية، إضافة إلى تصاعد البطالة والفقر وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 55 %.
وتأمل حكومة حسان دياب في تنشيط قطاعاتها المختلفة لتكون قادرة على إنعاش اقتصادها بعدما أقرت في 29 أبريل الماضي خطة إصلاح وانقاذ اقتصادي تستمر 5 سنوات وشرعت في التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية .