تعد حماية الأمن القومي قضية حيوية بالنسبة لأي دولة ذات سيادة. ومع ذلك، عندما شرعت الصين في إنشاء وتحسين النظام القانوني وآلية الإنفاذ في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، بهدف حماية أمنها القومي، وجّه بعض الساسة الامريكيين والغربيين انتقادات لاذعة للصين. ودعوا الى "رد فعل قوي" و "اعادة تقييم المكانة الاستثنائية لهونغ كونغ"، في محاولة للتدخل في الشأن الصيني والتأثير على الاستقرار داخل هونغ كونغ.
ترجع التشريعات المتعلقة بالأمن القومي إلى صلاحيات السلطة المركزية. وفي أي بلد في العالم، سواء كان نظامًا وحدويًا أو نظامًا فيدراليًا، فإن تشريعات الأمن القومي تعود السلطة التشريعية الوطنية. ويقع على عاتق الحكومة المركزية المسؤولية الكبرى والأخيرة في الحفاظ على الأمن القومي، وتتمتع بحق ممارسة جميع السلطات اللازمة. وهذا هو المبدأ الأساسي للسيادة الوطنية، والممارسة الشائعة في جميع دول العالم. ويأتي هذا التشريع في إطار نصوص الدستور الصيني، وأحكام قانون هونغ كونغ الأساسي بشأن الحفاظ على الأمن القومي وقرارت الجلسة العامة الرابعة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب، المتعلقة بتحسين النظام القانوني للمنطقة الإدارية الخاصة وحماية الأمن القومي والسيادة الوطنية والأمن والتنمية والاستقرار في هونغ كونغ.
وقد بات من الضروري في الوقت الحالي إنشاء وتحسين النظام القانوني وآلية الإنفاذ في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة لحماية الأمن القومي. فمنذ "عاصفة التعديلات القانونية" في شهر يونيو الماضي، اخترقت منظمة "استقلال هونغ كونغ" والقوى الانفصالية الراديكالية في الجزيرة الحد الادني من المسلّمات الوطنية، مما مثل خطرا وتحديا لمبدأ "دولة واحدة ونظامان"، وتهديدا للامن القومي الصيني. حيث دعا البعض علناً إلى "استقلال هونغ كونغ"، وطالبوا بـ"تأسيس دولة باستخدام القوة" و"وضع الدستور في الميدان" و "القتال من أجل أمريكا". في المقابل أهانوا وأحرقوا العلم الوطني وشوهوا الشعار الوطني وهاجموا المؤسسات المركزية وحكومة المنطقة الادارية الخاصة. وأشعلوا النار في الشوارع، وألقوا قنابل القنابل الحارقة في كل مكان، ونشروا الفوضى والدمار في مختلف ارجاء المدينة. ومارسوا تصرفات ارهابية، تسببت في إلحاق ضرر بالغ بالأمن القومي الصيني، وشكلت تهديدا كبيرًا لازدهار واستقرار هونغ كونغ ومبدأ "دولة واحدة ونظامين".
ليس هناك أي دولة يمكنها أن تتسامح مع الأنشطة التي تهدد أمنها القومي. ولدى الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا، قوانين أمنية وطنية متكاملة تحدد بوضوح الجرائم المتعلقة بالانشطة الانفصالية والإرهاب والخيانة والتجسس والتخريب والشغب. وهي أنشطة يمكن أن تؤدي بمرتكبيها إلى عقود من السجن أو المؤبد والاعدام. وهناك عدة قوانين سنتها الولايات المتحدة لحماية أمنها القومي، اندرجت تحت مسميات مختلفة، فبعد أحداث "11 سبتمبر" 2001، تم تمرير "قانون الباتريوت" و"قانون الأمن الداخلي"، يعتبران كل من يقوم بأنشطة متعمدة تدعو لاستخدام القوة للإطاحة بالحكومة الأمريكية جريمة تخريب، يعاقب عليها بالسجن لمدة أقصاها 20 عامًا. ومعاقبة الخائن أو من يساعد عدو أعداء أمريكا بالسجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات، ويمكن أن تصل العقوبة في بعض الاحيان إلى الاعدام. وبالنسبة للإرهابيين المحليين، يتيح القانون الامريكي للشرطة الاطلاع على سجلات الهاتف والبريد الإلكتروني والسجلات الطبية والمالية وغيرها من الصلاحيات، من أجل قطع طرق دخول المتطرفين الاجانب الى أمريكا. كما تقوم الحكومة الامريكية بتمويل المؤسسات التعليمية لاجراء دورات حول الأمن القومي أو البحوث ذات الصلة. ويبذل بعض السياسيين الامريكيين قصارى جهدهم لإنشاء شبكة أمنية وطنية، وقد يصل الامر الى استخدام الأمن القومي كذريعة لوضع قيود على الاستثمار الأجنبي. وهو مايعكس ازدواجية الموقف الامريكي في التعاطي مع قضايا الامن القومي الامريكي والامن القوي الصيني.
بدون استقرار طويل الأمد، لن تكون هناك تنمية وازدهار، ويجسد تحسين النظام القانوني لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة وآلية الإنفاذ على المستوى الوطني، تصميم الصين على حماية السيادة الوطنية والأمن ومصالح التنمية. وعزمها على التصدي لأي تدخل للقوى الخارجية في شؤون هونغ كونغ. وكل من يأمل حقًا في أن يرى هونغ كونغ تتمتع بالسلام والاستقرار طويل المدى واستمرار مبدأ "دولة واحدة ونظامين" سيدعم الخطوات الصينية. ولا شك في أن عدم رغبة بعض الساسة الامريكيين في رؤية ضمانات السلام والنظام في هونغ كونغ، يكشف عدم مسؤوليتهم تجاه سكان هونغ كونغ.
ستبقى المعايير المزدوجة دائما ممارسة غير عادلة، وتثير احتقار العالم. وكل محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للصين من خلال هونغ كونغ، ستكون محاولات محكومة بالفشل.