مازال وباء كورونا المستجد يحاصر سكان العالم في كل مكان، وفي مواجهة هذا التهديد الإنساني المشترك، يتعين على جميع البلدان العمل معًا للتغلب على الصعوبات. ومع ذلك، فإن بعض السياسيين الأمريكيين يعملون بشكل خبيث لزرع بذور الفتنة بين الدول، وإعاقة جهود التعاون العالمي، للتغطية على تقصيرهم في مقاومة الوباء. مما أدى إلى تأجيج جولة جديدة من الأصوات المناهضة للعولمة. وهذه الموجة قد تخفي في داخلها اتجاه نحو "مناهضة الصين".
على الرغم من أن العولمة نشأت في الغرب، إلا أنها تجاوزت نطاق الغرب. ومع تقدم العلم والتكنولوجيا، ولا سيما التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات، شهدت العولمة مزيدا من التقدم. ومن الناحية الموضوعية، للعولمة تأثيرات مختلفة على الدول حول العالم، حيث تعتقد بعض الدول أن إعادة توزيع الموارد والثروة التي جلبتها العولمة سيف ذو حدين، وأن هناك مستفيدون وخاسرون. وخلال العامين الماضيين، ظهرت بعض التيارات في أمريكا وأوروبا، تقول بأن الدول الناشئة استفادت من العولمة بشكل أكبر، وبالتالي أصبحت الأصوات المعادية للعولمة أكثر شيوعًا.
وأظهر تقرير بحثي صدر مؤخرا عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث أمريكي، أن الوباء قد جعل الناس أكثر قلقا بشأن الضعف الناجم عن الاعتماد المتبادل بين الدول. وفي ظل التحالفات غير المستقرة ونقص التعاون الدولي، بات هناك المزيد من الناس الذين يؤيدون الحد من الترابط الاقتصادي. ولا شك في أن التأثير الأكثر مباشرة للوباء على العولمة هو إعادة تنظيم السلسلة الصناعية العالمية.
سواء قبل ظهور الوباء أو أثناء انتشاره، كانت أمريكا هي قائدة هذه الموجة المناهضة للعولمة. ورغم أنها مستفيد رئيسي من العولمة، لكن ترامب منذ أن تولّى السلطة، تبنى خطابا مناهضا للعولمة، يرى بأن آليات التجارة الدولية الحالية، تضرّ بمصالح الولايات المتحدة. وبادر بشكل أحادي لإرباك نظام العولمة، وشلّ وظيفة التحكيم لمنظمة التجارة العالمية.
في الوقت الذي تناهض فيه أمريكا العولمة، تعمل أيضًا على دفع تيار "مناهضة الصين". حيث خططت إدارته منذ فترة طويلة لسحب بعض الشركات الأمريكية في الصين. وبعد تفشي الوباء، زادت واشنطن من حدّة هذا التوجه، حتى أن بعض مسؤولي البيت الأبيض صرّحوا بأن الحكومة الأمريكية ستتكفل بنفقات انسحاب الشركات الامريكية من الصين.
ثانيا، على مستوى المنظمات الدولية الكبرى، تبذل الولايات المتحدة المزيد من الجهود للتأثير. وبعد أن أعلن المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، أزيفيدو عن استقالته، رأت الولايات المتحدة في ذلك فرصة لاختيار خليفة له حسب رغبتها. وقال الممثل التجاري الأمريكي لايتهايزر، "في الأشهر القليلة المقبلة، تتطلع الولايات المتحدة إلى المشاركة في انتخابات المدير العام الجديد".
ثالثا، من منظور مالي، بسبب تأثير الوباء، قام الاحتياطي الفيدرالي الامريكي بإنشاء آلية مبادلة مؤقتة بالدولار مع بنوك عدة دول، من أجل تقديم الدعم للسيولة بالدولار الأمريكي، لكنه استثنى المركزي الصيني.
أمام الاتجاه نحو "مناهضة الصين"، كيف على الصين أن تستجيب؟ أولاً، الاستمرار في الالتزام بسياسة الانفتاح. وقد أكد القادة الصينيون مرارًا وتكرارًا على أن الصين لن تغلق أبوابها، بل ستفتحها على نطاق أوسع. وهذه الروح يجب ألا تقتصر على السياسات فحسب، بل وكذلك على مستوى الواقع. وفي العلاقة مع الشركات الأجنبية، يجب دمجها في التنمية المستقبلية للصين من خلال تعزيز الاصلاح والانفتاح.
ثانيًا، جب أن نثبّت موقعنا في السلسلة الصناعية العالمية من خلال تحسين بيئة الأعمال. وقد أظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأمريكية في الصين، وغرفة التجارة الأمريكية في شنغهاي، ومؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز" في مارس من العام الحالي، أن معظم الشركات الأمريكية متفائلة بشأن استئناف الإنتاج في الصين خلال الفترة المقبلة وليس لديها نية الانسحاب من السوق الصينية.
ثالثًا، جعل المزيد من دول العالم تتمتع بالمزيد من التسهيلات التي تقدمها الصين. فالعولمة لا تنفصل عن الشركاء، وطالما أنها تحظى بدعم دولي، فليس هناك ما يدعو للقلق من موجة "مناهضة الصين" التي تروج لها بعض الدول.