في الصورة الملتقطة يوم 7 أبريل عام 2020، عامل يعود إلى عمله في مصنع بمقاطعة خبي شمالي الصين، حيث تواصل الحكومة المحلية توفير مساعداتها لاستئناف الانتاج في المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر مثل المصنع المذكور آنفا بعد تراجع تفشى كوفيد-19 في عموم البلاد. |
بكين 15 أبريل 2020 (شينخوا) اطلقت الصين منذ انحسار تفشى وباء كورونا الجديد فيها حزمة تحفيز قوية تستهدف عددا هائلا من المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فضلا عن العائلات الصغيرة القائمة على الأعمال الصناعية والتجارية أو عائلات المزارعين لمساعدتهم في التغلب على العواقب الوخيمة في فترة المحنة، حيث كشفت أحدث البيانات الإحصائية تحسنا جزئيا في الاقتصاد الحقيقي.
كما أشار رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ إلى أن هذه المجموعة من السياسات المواتية تتركز بشكل أكبر على ثلاثة جوانب: توسيع الطلب المحلي ، وتسهيل استئناف الانتاج ، وضمان التوظيف، مؤكدا على أنه ينبغي تعزيز جهود الدولة من حيث تعديل السياسات المالية والنقدية الرامية إلى مقاومة الصدمات الشديدة الناجمة عن الوباء في الداخل والخارج. ومن ثم يتعين على الحكومة أن تدعم مختلف المؤسسات ولا سيما الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ومؤسسات التجارة الدولية والعائلات الصغيرة التي تقتات على الأعمال الصناعية والتجارية، في سبيل تجاوز وتذليل الصعاب خلال هذه الظروف القاسية والاستثنائية.
وفي الوقت الحاضر، تستأنف المؤسسات الانتاجية الصينية عملها بشكل تدريجي، غير أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تجد أنها تتعرض لصعوبات أكبر لاستئناف عملها.
وبينما توفر هذه المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر خدمات متكاملة حيوية لمؤسسات رئيسية، لذا فإن الصعوبات التي تواجهها لها تأثيرات سلبية أيضا على هذه المؤسسات الرئيسية على وجه خاص، وعلى عملية إعادة تشغيل القطاع الانتاجي، الذي كان قد توقف مؤقتا بسبب تفشى كورونا الجديد في أوائل العام الحالي، في عموم البلاد بوجه عام.
كما تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر تحتل نصيب الأسد من استيعاب القوى العاملة في الصين، ومن ثم تلقي الصعوبات التي تبتلى هذه المؤسسات بها بظلالها على أعمال التوظيف التي تعد أكبر موضوع للرفاه العام في البلاد.
وكشفت أرقام واردة من نتائج التعداد الاقتصادي الرابع التي تم إصدارها في يوم 18 ديسمبر عام 2019، كشفت أن عدد المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر قد وصل إلى 18.07 مليون إجمالا، حيث كانت توظف ما يربو على 233 مليون شخص إجمالا من الأيدي العاملة في الصين حتى نهاية عام 2018.
ونظرا لذلك، واظبت الصين على بذل جهود مكثفة لتبني سياسات تحفيزية لإمداد هذا العدد الضخم من المؤسسات بـ "الأكسجين" خلال الشهرين الماضيين على غرار الأطباء الذين ينقذون حياة المرضى المصابين بكوفيد-19.
وقد تحسنت البيانات الاقتصادية للصين بشكل ملحوظ في مارس قياسا إلى الأرقام في فبراير، بما يرمز إلى الصلابة التي يتمتع بها الاقتصاد الصيني، فضلا عن تحسن جزئي بالاقتصاد الحقيقي، وفق ما قال نائب محافظ بنك الشعب الصين (البنك المركزي) ليو قوه تشيانغ، مشيرا إلى أن الصدمات المؤقتة الناجمة عن تفشى جائحة كوفيد-19 في انحاء العالم لم تتجاوز شدتها التأثيرات السلبية الكبيرة المترتبة على الأزمة المالية في عام 2008، وأنه ما زالت لدى الصين خيارات كثيرة من الادوات المالية والسياساتية المتعددة.
فما هي الاجراءات الناجحة التي تم تنفيذها من قبل الحكومات على مختلف المستويات لانقاذ تلك المؤسسات في ثاني أكبر الاقتصادات في العالم؟
بالنسبة إلى الحكومة المركزية، انبثقت أخر خطواتها من الاجتماع التنفيذي لمجلس الدولة الذي انعقد في الأسبوع الماضي، والذي قرر تنشيط آلية الربط بين سياسات الميزانية والتمويل، وتمديد بعض السياسات التفضيلية التي قد انقضت مدتها إلى نهاية عام 2023، إلى جانب تطبيق السياسة المالية الشاملة وسياسة الدعم الضريبي لشركات خدمات القروض الصغيرة، من أجل تعزيز الخدمات المالية الشاملة للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر إضافة إلى العائلات الصغيرة التي تمتهن الأعمال الصناعية والتجارية وعائلات المزارعين.
وتشتمل هذ السياسات المواتية على الآتي:
- إعفاء ضريبة القيمة المضافة على دخل الفائدة للمؤسسات المالية التي تقدم قروضا للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر والعائلات الصغيرة القائمة على الأعمال الصناعية والتجارية وعائلات المزارعين بأقل من مليون يوان؛
- تخفيض 10 بالمائة من ضريبة الدخل على الفائدة للمؤسسات المالية التي توفر قروضا لعائلات المزارعين بما يقل من 100 ألف يوان؛
- تخفيض 10 بالمائة من ضريبة الدخل على الفائدة للمؤسسات المالية التي تزود قطاعي زراعة النباتات وتربية الحيوانات بخدمات التأمين؛
- إعفاء ضريبة القيمة المضافة على دخل الفائدة لشركات التمويل الصغير التي تقدم خدمات الاقراض المالي لعائلات المزارعين بقيمة أقل من 100 ألف يوان من قيمة كل قرض؛ وتخفيض 10 بالمائة من ضريبة الدخل المذكور آنفا؛ وخصم احتياطي خسارة القروض لها بنسبة 1 بالمائة من رصيد القروض في نهاية العام قبل احتساب ضريبة الدخل.
وفي 31 مارس المنصرم، قرر مجلس الدولة زيادة حجم إعادة الاقراض إلى البنوك التجارية المتوسطة والصغيرة بمبلغ تريليون يوان إجمالا، وقطع مزيد من نسبة الاحتياطي الالزامي لصالح هذه البنوك، وارشاد اتجاه اقراضها لاستخدام جميع الأصول التي تم توفيرها من خلال السياستين المذكورتين آنفا داخل المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر بنسبة فائدة مواتية، ودعم توسيع اقتراض البنوك لخدمة قطاعات تعرضت للتأثيرات السلبية الأشد الناجمة عن الجائحة إضافة إلى قطاعات متعلقة بالزراعة وقطاع التجارة الخارجية.
وعلاوة على ذلك عبر مجلس الدولة عن تأييده لأن تصدر المؤسسات المالية 300 مليار يوان من السندات المالية المختصة لإقراض المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر.
وفي مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين ، قال لو شياو ميانغ ، المدير العام لشركة لانشان للآلات الكهربائية بمدينة يوهياو شمال شرقي المقاطعة، قال لمراسل وكالة أنباء شينخوا، إن بنك سيتيك قد وفر للشركة ما يزيد عن 1.8 مليون يوان من خلال خصم للفواتير بنسبة 2.75 بالمائة فقط مؤخرا، بما ساعد الشركة في تسوية مشكلتها من السيولة لشراء المواد الخام بأقل التكاليف.
وفي 3 أبريل الحالي، أعلن بنك الشعب الصيني تقليل معدل الاحتياطي الإلزامي بنقطة مئوية واحدة لصالح البنوك المتوسطة والصغيرة فقط، كما خفض معدل احتياطي الودائع الفائضة للمؤسسات المالية في البنك المركزي إلى 0.35 بالمائة، مما أدى إلى إطلاق زهاء 400 مليار يوان من رؤوس الأموال الطويلة الأجل.
وتجدر الاشارة إلى أن بنك الشعب الصيني قد قام بتخفيض معدل الاحتياطي الإلزامي لثلاث مرات منذ بداية العام الحالي. ويستفيد من ذلك زهاء 4 آلاف بنك تجاري متوسط أو صغير الحجم، بما يشكل 99 بالمائة من إجمالي البنوك التجارية الصينية. وبعد ذلك، لم يصل معدل الاحتياطي الإلزامي في المؤسسات المالية المتوسطة والصغيرة التي تقوم بأعمال الودائع سوى إلى 6 بالمائة فقط، وهو رقم منخفض على نحو قياسي.
كما أشار لي كه تشيانغ إلى أن هناك مبدأ لن يتغير مهما عدلت الحكومة سياساتها في المرحلة الحالية، وهو مواصلة بذل المزيد من الجهود لتوفير دعم بالموازنة والتمويل للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والعائلات القائمة بالأعمال الصناعية والتجارية.
وأفادت أحدث البيانات الرسمية أن حجم القروض الجديدة بالرنمينبي في الصين في الربع الأول من العام الحالي قد بلغ 7.1 تريليون يوان بزيادة 1.29 تريليون يوان على أساس سنوي، وتم إقراض 85.1 بالمائة منها إلى كيانات بالاقتصاد الحقيقي، حسب ما ذكر روان جيان هونغ المتحدث باسم بنك الشعب الصيني.
وأضاف بأن إجمالي حجم القروض الجديدة المقومة بعملة الرنمينبي والنقد الأجنبي، للاقتصاد الحقيقي الصيني في الربع الأول من العام الجاري قد بلغ مستوى قياسيا هو 7.44 تريليون يوان، بزيادة 1.13 تريليون يوان على أساس سنوي.
كما أكد كبير الباحثين في بنك مينشنغ الصيني، ون بينغ، أن التأثيرات الإيجابية الناتجة عن السياسات التي تركزها السلطات المالية الصينية على التعديل المضاد للتقلبات الدورية قد ظهرت تدريجيا، تماشيا مع تزايد تعزيز مدخلات الاقتصاد الحقيقي من القطاع المالي.