وانغ شيانغ جون يكتشف الأنهار الجليدية في محافظة بومي بمنطقة التبت ذاتية الحكم جنوب غربي الصين. (صورة مقدمة لشينخوا) |
تشنغدو 15 أبريل 2020 (شينخوا) عمل وانغ شيانغ جون بنقل الطوب في مواقع البناء، ونظّف أرضيات المصانع وحمل الصواني في المطاعم، لكن أكثر تجربة فريدة لهذا العامل المهاجر الصيني كانت تسجيل ذوبان الأنهار الجليدية باستخدام الهاتف المحمول، ما أوصله إلى الأمم المتحدة.
في العقد الماضي، صعد وانغ أكثر من 70 نهرا جليديا وسجل كيف ذابت أو اختفت ببساطة، في محاولة لزيادة الوعي العام بتغير المناخ.
ونتيجة لجهوده، دُعي وانغ لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي عقد في مدريد قبل بضعة أشهر.
وقال وانغ: "سمعتُ أنهم يريدون خفض ثاني أكسيد الكربون، وهو أمر جيد لأنه سيساعد على إطالة عمر الأنهار الجليدية".
وانغ ينزل إلى داخل نهر جليدي. (صورة مقدمة لشينخوا)
-- العامل المهاجر في حيرة
ولد وانغ في عائلة فلاحين في محافظة لينشوي بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين، وقضى والداه حياتهما يكدحان في الحقول لكنهما لم يكسبا الكثير من المال.
بعد الأداء الباهت في امتحان القبول الوطني للجامعات، غادر وانغ مسقط رأسه للبحث عن عمل كعامل مهاجر.
وقال: "لم أكن أعرف ماذا أفعل في ذلك الوقت، كنت في حيرة."
بعد فترة من عمله في تنظيف أرضيات المصانع في شنتشن بمقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين، وجد أن العمل ممل، وقال: "لقد بدأت في القيام بوظائف مختلفة في جميع أنحاء البلاد أثناء السفر."
وقال: "أردت توسيع أفقي."
صورة التقطها وانغ لمشهد نهر لايقو الجليدي في محافظة باشوي بمنطقة التبت ذاتية الحكم جنوب غربي الصين. (صورة مقدمة لشينخوا)
-- تعقب المياه الجليدية نحو الأنهار الجليدية
جاء شغف وانغ بالأنهار الجليدية بالصدفة. وذلك أثناء عمله في مدينة ليجيانغ بمقاطعة يوننان جنوب غربي الصين، شاهد إعلانًا سياحيًا لجبل يولونغ المغطى بالثلوج أثناء ركوبه لحافلة.
وقال: "لم أر الكثير من الثلج من عمري، لذلك كنت مفتونا وأردت أن ألقي نظرة عليه."
ترك وانغ ركوب التلفريك بسب ارتفاع سعره، واختار المشي ثماني ساعات إلى نهر جليدي على ارتفاع 4500 متر فوق مستوى سطح البحر. كان يوما ممطرا والضباب يخيم على الجبل.
وقال "في اللحظة التي رأيت فيها النهر الجليدي، كنت في حالة صدمة ورهبة من جماله".
منذ ذلك الحين، شرع وانغ في رحلة ملحمية للبحث عن الأنهار الجليدية وتسجيلها في مقاطع الفيديو.
تغطي الأنهار الجليدية حوالي 50 ألف كيلومتر مربع في الصين، معظمها في منطقتي التبت وشينجيانغ بغربي البلاد.
وانغ شيانغ جون يكتشف الأنهار الجليدية في محافظة كانغمار بمنطقة التبت ذاتية الحكم جنوب غربي الصين. (صورة مقدمة لشينخوا)
وقال وانغ إن تسلق الأنهار الجليدية أسهل من تسلق الجبال، لأن من السهل تحديد الاتجاهات ومن دون وجود نباتات في الطريق.
وقال: "في المناطق التبتية، لدى السكان المحليين تقاليد الرعي وجمع الفطر، لذلك كثيرا ما أجد كبائن خشبية صغيرة في الطريق، حيث يمكنني تدفئة نفسي،" مضيفا: "إنها أكثر أمانا من الخيام."
لكن الأنهار الجليدية يمكن أن تكون خطيرة أيضًا. ففي المناطق التي يبلغ ارتفاعها 5000 متر فوق مستوى سطح البحر، حيث لم يزرها عدد كبير من الناس، لذا تشكّل الحيوانات البرية تهديدات محتملة، فضلا عن ذلك، يمكن أن تكون الانهيارات الجليدية والصخور المتساقطة والأنهار الجليدية المتفتتة مميتة.
يتذكر وانغ وقال: "لقد صادفت ذات مرة مجموعة من الذئاب عندما كنت في الطريق إلى نهر جليدي في التبت، واختبأت في الكابينة ورأيت أكثر من 10 ذئاب بالخارج من خلال شقوق الباب. شعرت برعب شديد!"
لم يكن هناك أحد حوله، ولم يلتقط هاتفه المحمول أي إشارة.
وقال: "سمعت أن الذئاب تخاف النيران، لذلك ظللت أحرق الحطب والتففتُ في حقيبة النوم مرتجفا".
على الرغم من كل التحديات، فإن سحر الأنهار الجليدية يفوق الوصف في عيني وانغ.
وقال: "لقد رأيت الأنهار الجليدية الزرقاء والسوداء. فالزرقاء تشكلت عبر مئات أو حتى آلاف السنين وهي بلورية للغاية، بينما تحتوي الأنهار الجليدية السوداء على صخور ورمال وأرض، ومعظمها تقع في الأنهارالجليدية المحاطة بالجبال."
وأشار وانغ إلى أن هذه الأنهار الجليدية لديها تشكيلات مختلفة أيضا، فبعضها تبدو مثل الأنفاق والكهوف والمنحدرات وحتى الأبراج.
الصورة الملتقطة من قبل وانغ شيانغ جون تظهر نهرًا تحت الأرض داخل نهر جليدي في محافظة كانغمار بمنطقة التبت ذاتية الحكم جنوب غربي الصين. (صورة مقدمة لشينخوا)
-- ذوبان الأنهار الجليدية
عادة ما يختار وانغ مقاصده للأنهار الجليدية على هاتفه المحمول. يستخدم نظام تحديد المواقع لتحديد المناطق البيضاء الشاسعة على الخريطة، ويذهب لزيارة تلك التي يبدو أنها تحتوي على قطع كبيرة من الجليد.
وقال: "لكنني وجدت في كثير من الأحيان أن الأنهار الجليدية قد ذابت بالفعل إلى قطع صغيرة من الجليد، لأن صور الأقمار الصناعية عادة ما تم التقاطها قبل بضع سنوات".
وقال: "كانت معظم الأنهار الجليدية التي زرتها تبدو مختلفة عن الصور الموجودة على هاتفي،" مؤكدا: "إنه عليك الوقوف أمام الأنهار الجليدية لإدراك مدى سرعة ذوبانها."
وذكر وانغ ان بعض الأنهار الجليدية تحولت إلى أنهار صغيرة، وأصبحت بعضها بحيرات، لكن الكثير بدأ في الانهيار من الداخل.
وقال: "تذيب الشمس سطح النهر الجليدي أولاً، وتتسلل المياه في القاع، ومع تراكم المزيد من المياه في النهر، يبدأ النهر الجليدي في فقد التوازن والانهيار".
وفقًا لتقرير صدر بالاشتراك بين الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ومصلحة الدولة الصينية للأرصاد الجوية، وصلت مستويات البحار العالمية إلى ارتفاع جديد في عام 2018 تزامنا مع ارتفاع درجة الحرارة. كما قال التقرير إن كتلة الأنهار الجليدية في الصين قد تنخفض بنحو 70 في المائة بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين في أسوأ الأحوال.
في ديسمبر من العام الماضي، أخذ وانغ مقاطع الفيديو والقصص الجليدية إلى مدريد الاسبانية لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ كأحد رجال البيئة في الصين وقام بتبادلات مع الشباب من دول أخرى.
وقال وانغ: "بالنسبة للكثير، تبدو الأنهار الجليدية الذائبة بعيدة عن حياتهم إلى حد ما، لكني آمل في أن يرى الناس تغير المناخ يحدث حاليا من خلال مقاطع الفيديو والقصص الخاصة التي صورتُها."