دمشق 28 مارس 2020 (شينخوا) وجد السوري الخمسيني شاهر الحمدان، في الحجر الصحي المنزلي المفروض في البلاد بحكم الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، فرصة للتقارب الأسري، بخلاف آخرين كثر رأوا فيه تحديا مع تغير روتين الحياة اليومي.
وبات الحجر الصحي المنزلي ضرورة ملحة للحفاظ على السلامة العامة مع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيدـ 19) في جميع أنحاء العالم.
وفي ظل هذا الوضع الجديد أصبحت العلاقات والروابط بين العائلات محل اختبار صعب.
ففي تاريخنا الحديث، نادرة هي اللحظات التي تجمع أفراد العائلة في المنزل معا لفترة طويلة، فغالبا ما يكون الناس مشغولين بالذهاب إلى وظائفهم اليومية وقضاء حاجيتهم ورؤية أشخاص آخرين والتفاعل مع الأصدقاء بشكل مباشر أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي سوريا، حيث يحب الناس الحياة واللقاءات والتجمعات بين العائلات، مثل البقاء في المنزل فترة طويل دون أنشطة خارجية فرصة وتحديا للعلاقات بين السوريين.
وأطلقت الحكومة السورية في الآونة الأخيرة حملة حظيت بشعبية كبيرة في البلاد تحت عنوان "خليك بالبيت"، أي "ابقى في المزل" في محاولة لمنع انتشار فيروس كورونا.
وجاء ذلك في إطار سلسلة من الإجراءات الاحترازية للحد من تفشي الفيروس، شملت تعليق الدوام بالمدارس والجامعات، وإغلاق الأسواق والمطاعم والمقاهي.
كما أوقفت الحكومة وسائل النقل العام في جميع أنحاء البلاد.
وفرضت وزارة الداخلية حظر تجوال جزئيا لمدة 12 ساعة في البلاد، طبق مساء يوم الأربعاء الماضي بعد يومين من تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا.
ودفعت هذه الإجراءات السوريين للبقاء في المنزل لفترات طويلة في حجر صحي إلزامي.
ويقول الحمدان، وهو موظف حكومي متزوج ولديه أربعة أولاد، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "منذ سنوات طويلة لم نجلس مع بعض فترة طويلة".
ويضيف أنه "خلال هذا الحجر الصحي الالتزامي تعرفت على أفراد عائلتي أكثر، واقتربت من أولادي وخاصة البنات".
وقبل ذلك لم تكن حياة الحمدان تخلو من روتين يومي جعل اجتماعه بعائلته كاملة أمرا نادرا.
ويوضح الرجل الخمسيني الأمر قائلا "بشكل اعتيادي أذهب إلى مكان عملي، وكان الجلوس مع العائلة بشكل كامل نادرا إلا في عطلة نهاية الأسبوع، وفي بعض الأحيان يكون بعض الأولاد مرتبطين مع أصدقائهم بمواعيد للخروج للتسلية".
ومضى قائلا "إن الجلوس في المنزل حاليا له جوانب إيجابية وازدادت الروابط الأسرية فيما بيننا".
ويدعو الحمدان البالغ من العمر (42 عاما ) العائلات لاستغلال الحجر الصحي للتقارب بشكل أكبر وتعزيز العلاقات الأسرية.
لكن ثمة من شكل له الحجر الصحي الإلزامي في المنزل تحديا مع غياب مواضيع جديدة وتغير نمط الحياة والعادات اليومية.
وتقول السورية أمل حنا، وهي ربة منزل، فرضت على نفسها حجرا لمدة أسبوعين، إن البقاء في المنزل مع زوجها وطفليها يشكل تحديا لعلاقتهم.
وتضيف لـ(شينخوا) "تزوجنا قبل خمس سنوات بعد قصة حب طويلة، لكننا عادة لا نقضي وقتا طويلا مع بعضنا".
وتتابع "خلال هذه الأيام، بتنا نختلف على معظم الأشياء، وفي بعض الأحيان لا نستطيع البقاء وقتا طويلا مع بعض كي لا تتطور الأمور أكثر".
وتؤكد أنه لتفادي الاصطدام تقوم بتقديم بعض التنازلات كي لا يتفاقم الموقف أكثر، خاص أن أيام الحجر الصحي قد تطول.
وأردفت قائلة "أن هذا الحجر الصحي جعلني أتعلم كيفية تقديم تنازلات كي تستمر الحياة".
وفي الوقت الحالي، تعيش المرأة البالغة من العمر (35 عامًا) حالة جيدة في الحجر الصحي المنزلي، لكنها تشير إلى أنها قد تنتقل إلى منزل والديها، حيث يتواجد المزيد من الأشخاص هناك للتسلية إذا استمرت هذه الحالة لفترة أطول.
وبشكل عام، يتفاجأ السوريون بالأخبار عن فيروس كورونا لأنهم عانوا حربا مستمرة منذ تسع سنوات، لذا اعتقدوا أنهم يمكن أن يكونوا أكثر حظًا من الدول الأخرى في عدم وصول الفيروس إلى بلادهم.
ويقول الشاب عمار محمد إحسان، ل(شينخوا) "كنت أعتقد أنه بعد هذه الحرب سنقضي وقتا طيبا وأن الحياة ستبتسم لنا في النهاية، ولكننا ما زلنا نشهد الحرب والأمراض القاتلة، وهذا لم يكن متوقعا على الإطلاق".
وقضى إحسان البالغ من العمر (33 عاما) مثل العديد من الشبان السوريين أفضل سنوات شبابه في الحرب، خاصة أنه اضطر لمغادرة منزله في منطقة قتال شرقي دمشق خلال الحرب.
ويقول "ما زلت أعيش مع والدي وأشقائي الآخرين في نفس المنزل الآن، لكننا ما زلنا نحاول مواجهة الوضع والقيام بأشياء تجعلنا ننسى، حتى قليلا".
ويقضي إحسان معظم وقته في غرفته في مشاهدة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية حتى لا يشعر بالملل. مع تقاتل والديه في كثير من الأحيان.
ويقول إن والديه يتقاتلون في كثير من الأحيان الآن لأنهم يقيمون وجهاً لوجه في المنزل ويستمعون إلى الأخبار المزعجة ويعانون من بعض القلق.
وقال والده محمد (66 سنة) إنه لم يشهد أي شيء من هذا القبيل في حياته.
وأضاف الرجل المسن "لم يسبق لي أن تعرضت لحظر تجول طوال حياتي ولم أظن أبداً أنني سأفعل".
ويعتقد العديد من السوريين أن الحظر الحالي هو مقدمة لحظر تجول كامل قريبًا.
وتقول السورية سمر كساب، وهي ربة منزل، لـ (شينخوا) إنها تشعر بالملل الشديد من الوضع.
وتمضي كساب أيامها في تنظيف وتعقيم المنزل أثناء متابعة أخبار فيروس كورونا "المرعب"، حسب ما تقول.
وتتشاجر كساب كذلك مع ابنها المراهق الذي يرفض البقاء في المنزل.
وتوضح "أعلم أنه مراهق وأن الوقت قد حان للخروج لعيش حياته، لكننا نعيش في وقت خطير للغاية".
وأعلنت زارة الصحة السورية تسجيل خمس إصابات بفيروس كورونا في البلاد المضطربة منذ العام 2011.