عدنان عجيلة (اليمن) طالب ماجسيتر تخصص باطنية قلبية، جامعة الجنوب المركزية |
سلالة جديدة من فيروس كوروناتضرب مدينة ووخان بلا هوادة، الأمر الذي دفع الصين لمواجهته والذود عن شعبها وخوض معركة بقاء الانسان نيابة عن العالم أجمع
صرح رئيس الوزراء الصيني أثناء لقائه بالمدير العام لمنظمة الصحة العالمية «بأننا جميعا نسير على نفس القارب»، وأنه على يقين وثقة تامة بالتغلب على هذا الوباء. في اعتقادي هذا الكلام لم ينقل ثقة الحكومة واهتمامها الكبيرين بالتعامل مع هذا الوباء الشرس وحسب، بل بث الروح المعنوية الصينية والإيمان القوي والعمل الجماعي في تخطي هذه المحنة.
بصفتي أجنبي أعيش منذ مدة طويلة في الصين، لم أتفاجأ بهذه التصريحات الصادرة من القادة الصينيين، فالصين بلد عظيم عرف على مدى الأزمان بأنه ذو قول وفعل.
تعد هذه الفترة حرجة وتستدعي من الجميع الوقوف صفا واحدا لمنع انتشار هذا الوباء. ولكي يتم هذا الأمر بشكل سلس، أعلنت الحكومة الصينية عن إجراءات احترازية ووقائية منها تشكيل قوات من الجيش وأفراد الحزب الشيوعى وفرق من العاملين في المجال الطبي في كل أنحاء الصين ووضعهم على خط المواجهة الأمامي. متحدين كل المخاطر المحدقة بهم في سبيل القضاء على هذا الوباء، شعارهم أنهم موجودون حيثما تكون المخاطر.
أقف في هذه الاوقات العصيبة شاهد على هذه التحركات عن كثب، وأقولها بلا تردد بأن هذا الشعب عظيم، وأن المستقبل هو للصين، كل هذا زادني حبًا وعشقًا لهذا البلد الرائع
سعت إدارة الجامعة هي الأخرى لتوفير كل ما نحتاجه، وتذليل كل الصعوبات في مواجهة هذا الوباء من توفير كمامات للوجه، وأجهزة قياس الحرارة، وثلاث وجبات يومية وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية. وحرصت على ضمان توفر المياه والكهرباء وشبكة الإنترنت بشكل يفوق الخيال، أضف إلى ذلك تشكيلها لجنة من مدرسي وطلاب الجامعة تقوم بزيارة الطلاب بشكل دوري ومستمر حتى يتسنى الوصول إلى كل الطلاب والطالبات، لمعرفة احتياجاتهم وتطمئن على صحتهم، وترفع من معنوياتهم وتشد أزرهم.
الأمر الذي أدهشني بحق وأثر فيّ كثيرا هو زيارة نائب رئيس الجامعة للسكن، وكوني مندوب السكن سنحت لي فرصة مقابلته. كانت كلماته كأنها قطرات مطر تزرع الأمل وتبث الحياة وتنشر الحب وتبعث الطمأنينة في كل أرجاء السكن، ومما زادني إجلالًا وفخرًا أنه برغم الخوف والذعر الذي ينتاب الجميع حتى كأنك لا تكاد تجرؤ على ملامسة الأشياء من حولك فضلًا عن مصافحة الأيدي. -والتي تعد في الصين بالأصل عادة غير منتشرة في ماعدا المناسبات رسمية- إلا أن نائب رئيس الجامعة صافحني أثناء وصوله للسكن وعند مغادرته السكن، وكأن لسان حاله يقول: «لا تقلق يا بني، فكلنا في خندق واحد ولن نترككم»، كل هذا ساعدنا في التخفيف من العزلة عن العالم الخارجي، والتغلب على مشاكل الغربة والوحشة التي واجهتنا في هذا الوقت الحرج. وزادنا حبًا وإيمانًا بهذا البلد قيادةً وشعبًا، فشكرًا لكم من الأعماق، فحبنا لكم سوف تتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل وسوف نحمله معنا أينما كنا.
تسع سنوات مضت على مكوثي في الصين عشتها بحلوها ومرها، أشعر بأنها مرت سريعة، فمنذ تسع سنوات وأنا آكل من طيب هذا الأرض الغنية بثرواتها، وأشرب من مائها العذب، وأنام على تربتها الدافئة. شهدت في هذه التسع السنين التنمية والتطور السريعين في هذه المدينة الحبيبة، كما كانت هي الأخرى شاهدة على نموي وتطوري يوما بعد يوم. في هذا البلد أتممت دراسة البكالوريوس وها أنا على عتبة إتمام الماجستير، تعلمت فيها الكثير، غمرتني بدفئها، وشعرت فيها بالسعادة في معظم أوقاتي، كل ذلك استوجب مني رد بعض من الجميل لهذا الشعب العظيم. عزمت الأمر على أن أكون ضمن المتطوعين في الخط الأمامي لمواجهة هذا الوباء، وتواصلت مع بعض العاملين والأصدقاء في المستشفى الذي أدرس فيه في سبيل تحقيق ذلك، غير أنه ولسوء الحظ قوبلت بالرفض بسبب صغر سني وخبرتي في هذا المجال، بالإضافة إلى أني أحد مندوبي طلاب الجامعة، ويستلزم علي مساعدة مكتب الأجانب في الوصول إلى زملائي الطلاب الأجانب وتقديم المساعدة لهم، وفحص درجة الحرارة بشكل دوري، فاعتبرتها فرصة أرد بها الجميل وأقدم كل ما بوسعي في خدمة الطلاب.
عندي إيمان راسخ بأن جميع الطلاب الأجانب تغمرهم نفس المشاعر، نعتبر الصين هي وطننا الثاني، وفي الوقت الذي نصلي فيه للصين لتتجاوز هذا الاختبار الصعب، يلزمنا بذل قصارى جهدنا للتعاون مع الحكومة الصينية وإدارة الجامعة، ونلتزم بكل القوانين والإجراءات المتعلقة بهذا الوباء حتى لا يزداد الحال سوءا.
حياة الانسان ضعيفة جدا ما يتحتم علينا أن نكون موحدين متحدين وألا نأل جهدًا للحيلولة دون انتشار هذا الوباء، وتجنب كل الشائعات وكذلك الالتزام بالقوانين والتعليمات التي تساهم من الحد من انتشاره، وفي الأخير أود القول بأن الصين ليست وحدها، فمثل ما قاسمتنا حلوها سنشاطرها مرها ونقف معا حتى تنتصر للانسان وتعود الصين أقوى مما كانت عليه.