انتهت المحادثات الرباعية الليبية يوم 14 يناير الجاري بالعاصمة الروسية موسكو بالفشل، ولم تتوصل حكومة الوفاق الوطني الليبية و"الجيش الوطني الليبي" في توقيع أتفاق لوقف إطلاق النار. ولتخفيف حدة التوتر في الوضع الإقليمي، سيعقد مؤتمر للوساطة بشأن ليبيا في برلين، ألمانيا في 19 يناير الجاري. ومع ذلك يعتقد التحليل أن التوتر الداخلي الحالي في ليبيا لم يتغير، وآفاق عملية السلام الليبية ليست متفائلة.
نتائج المحادثات ليست مثالية
فشلت المحادثات الرباعية حول ليبيا في موسكو بعد رفض خليفة حفتر قائد " الجيش الوطني " توقيع الاتفاقية في لحظة حرجة، ما يعكس تعقيدات القضية الليبية، وفقًا لمحطة التلفزيون العربية السعودية في 14 يناير الجاري.
"النتائج كانت تماما كما هو متوقع." قال وانغ جين يان الباحث في معهد دراسات غرب آسيا والدراسات الإفريقية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في تصريح لصحيفة الشعب اليومية، إنه منذ عام 2014، توسطت القوى الغربية وجيران ليبيا والأمم المتحدة في قضية ليبيا عدة مرات. لكن لم يحقق أي منها أي نتائج ملموسة. حيث أن التوصل إلى اتفاق بين أطراف النزاع الليبي ليس بالأمر السهل.
لقد أصبحت ليبيا ساحة معركة القوات بين بعضها البعض. وتعتقد وسائل الإعلام الأجنبية عمومًا أن "الجيش الوطني" مدعوم من مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وروسيا وفرنسا، وأن حكومة الوحدة الوطنية مدعومة من قطر وتركيا وإيطاليا.
سد الخلافات بين الجانبين ليس سهلا
"وافقت حكومة الوحدة الوطنية التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار لأنها تحت السيطرة التركية. لكن" الجيش الوطني "مختلف". أشار وانغ جين يان إلى أن حفتر وصف اتفاق وقف إطلاق النار بأنه اتفاق خائن. لان حكومة الوحدة الوطنية ستبقى الممثل الوحيد لليبيا المعترف بها من قبل المجتمع الدولي بمجرد توقيع الاتفاقية وتحقيق ليبيا لمحادثات السلام، وهذا يعني أيضًا أن سلسلة من الاتفاقيات التي وقعت عليها حكومة الوحدة الوطنية الليبية وتركيا بما في ذلك اتفاقية ترسيم شرق المتوسط، ستدخل حيز التنفيذ. وستكون معظم مصالح ليبيا في أيدي تركيا. وهذا أمر صعب السكوت عليه من قبل "الجيش الوطني".
وفقًا لموقع صحيفة المرصد الليبية، يتضمن مشروع اتفاقية وقف إطلاق النار ما يلي: تتوقف أطراف النزاع فورًا ودون قيد أو شرط عن جميع العمليات العسكرية الهجومية؛ وإنشاء مهمة عسكرية "5 + 5" لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار؛ واتخاذ تدابير لضمان استقرار المدن مثل العاصمة طرابلس الخ.
وحلل وانغ جين يان محتوى المسودة بأنه مليء بالجدل، ولا يمكن لأطراف النزاع الليبي التوصل إلى اتفاق. أولاً، "الجيش الوطني" لا يمكن أن يتوقف عن إطلاق النار غير المشروط. منذ العام الماضي، أصبح موقع "الجيش الوطني" الرائد في ساحة المعركة أكثر وضوحًا، وهدفه التالي هو مهاجمة العاصمة طرابلس، ولن يتخلى بسهولة عن ميزة ساحة المعركة. ثانياً، لا يمكن سد الخلافات بين الجانبين من حيث العودة المستقبلية لقضية سرت وتعريف الوضع الحالي. لذلك، لا توجد وسيلة للحديث عن "استقرار الوضع في العاصمة والمدن الأخرى". أخيرًا، تقترح المسودة إنشاء مجموعة عمل لتنسيق الوضع في ليبيا، لكن هناك جدلًا كبيرًا حول البلدان التي ينبغي أن تضمها هذه المجموعة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التعايش بين المصالح متعددة الجنسيات والنضال من أجل القوة المتعددة الأحزاب هما عاملان خارجيان يقطعان ليبيا، ويعدان أحد الأسباب الجذرية التي تسببت في استمرار الازمة الليبية.
"اتفاق وقف إطلاق النار هو نتيجة الوساطة واللعبة بين روسيا وتركيا". ويعتقد وانغ جين يان أن كلا طرفي النزاع الليبي يحظيان بدعم أكثر من دولة، ولكل دولة اعتباراتها الاستراتيجية الخاصة بها. ويتعرض طرفي النزاع للضغط والتأثير من مختلف الجوانب. كما أن روسيا وتركيا غير قادرين على السيطرة على الوضع في ليبيا.
الطريق إلى عملية السلام طويل
"يعتبر الموقع الجغرافي لليبيا خاصا باعتبارها دولة تمتلك أطول ساحل مطل على البحر الأبيض المتوسط في منطقة غرب افريقيا، وإن السلام والاستقرار لهما أهمية حيوية بالنسبة للوضع الإقليمي". أشار وانغ جين يان إلى أنه فشل تحقيق الاستقرار في ليبيا، سيؤدي الى ارتفاع الإرهاب والقوى المتطرفة في غرب آسيا وشمال إفريقيا بشكل كبير. ولن يؤثر هذا على الوضع الأمني في جميع أنحاء شمال إفريقيا ومنطقة الساحل فقط، بل سيزيد من ضغط اللاجئين في أوروبا أيضًا.
ذكر تلفزيون العربية، إنه حتى وإن وقعت الأطراف المتحاربة الليبية على اتفاق وقف إطلاق النار، فإن هذا الاتفاق هش في الغالب، وإمكانية تنفيذه بفعالية وفي الوقت المناسب وتعزيز نتائج الاتفاقية بشكل مستمر مشكوك فيها. ومن هذا المنظور، ستكون المفاوضات في المستقبل بما في ذلك المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي سيعقد في برلين، كلها "مهمة صعبة"، والنتائج غير متفائلة.
مستقبلا، ليبيا إلى أين؟ يعتقد الأستاذ ميلود حاجي من الجامعة الليبية، أن هذا يعتمد بشكل أساسي على الاتفاق الذي توصلت إليه بعض الدول الخارجية حول قضية ليبيا، ومن الصعب على حكومة الوحدة الوطنية أو "الجيش الوطني" أن يكون لها تأثير حاسم على ذلك. مضيفا، إن دعم القوات التركية لحكومة الوحدة الوطنية جعل الوضع في ليبيا يتجه بشكل متزايد نحو أخذ أبعاداً مثل التي شهدناها في سوريا.