ماكاو 11 سبتمبر 2019 (شينخوا) تعهد هو يات سنغ، الرئيس التنفيذي الجديد لمنطقة ماكاو الإدارية الخاصة الصينية، بتوحيد مجتمع ماكاو وقيادة المنطقة نحو المشاركة في التنمية الصينية.
صرح هو بذلك في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) عقب تعيينه من جانب مجلس الدولة الصيني في 4 سبتمبر الجاري رئيسا تنفيذيا في الولاية الخامسة لهذا المنصب لمنطقة ماكاو الإدارية الخاصة.
فاز هو في انتخابات الرئيس التنفيذي للمنطقة التي أجريت في 25 أغسطس الماضي بعدما حصد 392 صوتا من بين 400 صوت صحيح، وسوف يتولى منصبه في 20 ديسمبر من العام الجاري.
وشدد هو خلال المقابلة على أنه سيتحلى بالحزم في تطبيق القانون الأساسي لمنطقة ماكاو الإدارية الخاصة وفي ضمان عدم الانحراف عن مبدأ "دولة واحدة ونظامان" الذي يجري تطبيقه في ماكاو.
وأوضح هو أن انتخابه رئيسا تنفيذيا لمنطقة ماكاو الإدارية الخاصة مسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقه، مؤكدا عزمه وثقته في تطبيق مبادئ "دولة واحدة ونظامان" و"مواطنو ماكاو يحكمون ماكاو" ودرجة عالية من الحكم الذاتي.
وأكد أنه سيعمل على توحيد قطاعات مجتمع ماكاو كافة، وقيادة حكومة ماكاو الجديدة لإدارة المنطقة بما يتفق مع القانون، وتنفيذ مختلف مهام العمل، والعمل بنشاط على إدماج ماكاو في مسيرة التنمية الوطنية الصينية الشاملة.
-- لا انحراف عن مبدأ "دولة واحدة ونظامان":
قال هو إنه على مدى الأعوام العشرين الماضية منذ عودة ماكاو إلى الصين، جرى تطبيق مبدأ "دولة واحدة ونظامان" على نحو ثابت، ونجح المجلس التشريعي بالمنطقة في سن المادة 23 من القانون الأساسي، وتعديل القوانين الخاصة بالعلم الوطني والشعار الوطني والنشيد الوطني.
وأشار هو إلى أن المجلس التشريعي قام في يناير 2019، وقت أن كان هو رئيسا للمجلس، بتمرير مشروع قانون حماية واستغلال العلم الوطني والشعار الوطني والنشيد الوطني.
وتابع قائلا "كان شرفا عظيما لي حينما استقلت من منصبي كرئيس لمجلس ماكاو التشريعي، أن أنحني بشدة أمام العلم الوطني والشعار الوطني وأمام علم منطقة ماكاو وشعارها، الذين عُلقوا جميعا على جدار قاعة المجلس التشريعي".
وأكد مجددا أن القانون الأساسي لماكاو تم سنه وفقا للدستور الصيني، وهو ينص على سلطات منطقة ماكاو الإدارية الخاصة. وشدد على أن حكومة ماكاو الجديدة تعتزم مواصلة تطبيق القانون الأساسي على نحو صارم حتى يظل تطبيق مبدأ "دولة واحدة ونظامان" في ماكاو دون التحريف والتشويه.
وأضاف هو، الذي كان أيضا عضوا باللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، قائلا "القانون واضح للغاية، لا نستطيع تجاوز الإطار المنصوص عليه في القانون الأساسي. يتعين أن تتوافق قوانين ماكاو المحلية مع إطار القانون الأساسي".
وتابع رئيس منطقة ماكاو الجديد قائلا "رغم أنني لست طالب قانون، انطبعت فكرة القانون في ذهني خلال عشرين عاما من الخبرة العملية في مجلس ماكاو التشريعي والمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني. يجب عليك أن تفهم القانون قبل أي شيء آخر، وهذه طريقتي في إنجاز العمل".
-- تحقيق اقتصاد متنوع باعتدال:
يعتمد اقتصاد ماكاو بشكل أساسي على صناعة ألعاب القمار، لكن الحكومة المركزية وحكومة ماكاو الإدارية الخاصة دعمتا بنشاط في السنوات الأخيرة قيام اقتصاد متنوع باعتدال.
وقال هو إنه في سبيل تحقيق هذا الهدف، يمثل تطوير صناعة التكنولوجيا التي تستهدف سوق البر الرئيسي الصيني، مهمة أساسية لحكومة ماكاو الجديدة.
وأوضح هو أنه يجب على ماكاو الاستفادة الكاملة من مواردها الجامعية وتحويلها إلى صناعات تقدم منتجات التكنولوجيا الفائقة، مثل تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس للاتصالات وغيرها من الصناعات الناشئة.
اكتسب هو خبرة طويلة في مجال الصناعات التحويلية في ماكاو، وعمل في وقت ما نائبا لرئيس غرفة ماكاو التجارية. ولذلك، فهو يفهم اقتصاد ماكاو على نحو عميق.
وقال هو لـ((شينخوا)) إنه ليس من السهل إنشاء صناعات جديدة في ماكاو التي يتراوح وسيط الدخل الشهري فيها من 18 ألف باتاكا (نحو 2230 دولارا أمريكيا) إلى 22 ألف باتاكا (نحو 2726 دولارا أمريكيا).
ولفت هو إلى أن ماكاو تواجه أيضا منافسة في منطقة جنوب شرق آسيا، وتفتقر في الوقت ذاته إلى القدرة التنافسية على تطوير الصناعات ذات العمالة الكثيفة. وفي ظل أن الحكومة المركزية طالبت حكومة ماكاو بتنويع اقتصادها على نحو معتدل، فإن حكومة ماكاو بحاجة إلى التفكير مليا بشأن الصناعات التي يجب على ماكاو أن تطورها في المستقبل.
وضرب هو مثلا بالأدوية المكافئة، حيث يرى أنه إذا وفرت الحكومة المركزية سياسات داعمة لماكاو، فإن المنطقة تستطيع استغلال علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي في اجتذاب مزيد من المعدات المتطورة والمواهب من جميع أرجاء العالم، وتصنيع الأدوية المكافئة في ماكاو ثم بيعها في السوق الضخمة بالبر الرئيسي.
-- لعب دور في منطقة الخليج الكبرى:
قال هو يات سنغ إنه يجب على ماكاو أن تستعد قبل إقامة تعاون مع مدن أخرى في منطقة خليج قواندونغ-هونغ كونغ -ماكاو الكبرى.
وأضاف "كثير من الناس في ماكاو لديهم سوء الفهم مفاده أن مكاو ليست في منطقة الخليج الكبرى، وأن على مواطني ماكاو أن يذهبوا إلى البر الرئيسي للمشاركة في التنمية التي تتم في إطار المنطقة. قلت لهم: أنتم في ماكاو التي تعد جزءا من منطقة الخليج الكبرى، نستطيع أن نلعب دورنا هنا".
خطة التنمية العامة لمنطقة الخليج الكبرى التي صدرت هذا العام وضعت ماكاو كإحدى المدن المركزية الأربع في منطقة الخليج الكبرى. ويرى هو أن وضع ماكاو واضح للغاية، ويتلخص في أنها "مركز واحد، ومنصة واحدة، وقاعدة واحدة".
وتابع قائلا "إن تاريخ التبادلات الثقافية بين الصين والعالم الغربي لماكاو يتجاوز 400 عام، ما أسفر عن كثير من الإرث النفيس، مثل أول منارة وأول جامعة في الشرق الأقصى، وهذه الجوانب لم تتطور على نحو جيد حتى الآن. هذا هو موقع ماكاو الفريد في منطقة الخليج الكبرى".
وأكد هو مجددا أيضا أهمية الإرث الثقافي في ماكاو، مثل المعالم الأثرية التاريخية، وثقافة ماكاو وطعامها المتنوع من الشرق والغرب.
وأردف قائلا "من الأسهل صناعة نسخة جديدة تماما بدلا من النسخة الأصلية، لكن هذا ليس هو التاريخ".
وأضاف هو أن تطوير صناعة الطب التقليدي الصيني وقاعدة التبادل الثقافي في ماكاو قد يساعدان أيضا على نحو تدريجي في تطوير صناعة السياحة في مدينتي تشونغشان وتشوهاي.
وأوضح أنه بعد أن تجد كل مدينة في منطقة الخليج الكبرى دورها وموقعها في خطة التنمية الشاملة، تستطيع المدن أن تتعاون مع بعضها بعضا. على سبيل المثال، تستطيع ماكاو وجزيرة هنغتشين في تشوهاي العمل معا لتحقيق أقصى استفادة من مزاياهما.
-- تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين:
في منهاجه السياسي خلال حملته الانتخابية، طرح هو يات سنغ خطته للعمل المستقبلي ذات الأقسام الخمسة التي تشمل الحوكمة العامة والاقتصاد المتنوع والأحوال المعيشية للشعب وتنمية الشباب والتعاون الثقافي. وتحسين الأحوال المعيشية للشعب هو أهم جزء يشغل بال هو في تلك الخطة.
وقال هو إن منطقة ماكاو الإدارية الخاصة قد استثمرت كثيرا من الموارد، والقضية ليست ما إذا كانت هذه المدخلات كافية، ولكنها ما إذا كانت تلك الموارد توضع في المكان الصحيح على نحو فعال.
وأشار هو إلى أن موارد ماكاو من الأرض محدودة، وأن الإسكان يمثل قضية صعبة للشباب ولـ" الطبقة البينية" التي ليست مؤهلة للتقدم للحصول على مساكن في إطار نظام التأجير العام ولا هي قادرة على دفع تكاليف الإسكان الخاص. ومعظم من ينتمون إلى هذه الطبقة لا يستطيعون إلا طلب مساعدة آبائهم.
ثم استطرد يقول "إذا أمكن حل هذه المشكلة، فإن الشباب سوف يستطيعون الحصول على منازل خاصة بهم وسوف يستطيع كبار السن أن يستمتعوا بحياة التقاعد. والأمر هنا لا يتعلق فقط بالإسكان، وإنما يتعلق أيضا بما إذا كان الناس راضين وسعداء، أي بمدى جودة الحياة التي يعيشونها".
ولفت هو إلى أن الحديث عن التجديد الحضري هو أكثر القضايا المثيرة للقلق في ماكاو، مردفا بقوله "إنها أكبر تحدٍ".
وتابع "ولكن إذا ما اتخذنا الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، فإنني أعتقد أن باستطاعتنا أداء المهمة"، مضيفا أنه إذا ما ضربت الحكومة أمثلة طيبة في التجديد الحضري، فإن المجتمع سوف يتفهم ويتعاون.
-- تعليم وتطوير الشباب:
في حديثه عن التعليم والتطوير المستقبلي للشباب في ماكاو، قال هو إن معظم المدارس في ماكاو تطبق السياسة التعليمية القائمة على "حب البلاد وحب ماكاو"، ويشمل ذلك المدارس التبشيرية.
وأضاف أن لدى الشباب في ماكاو مدى واسعا من الخيارات بعد التخرج من المدارس المتوسطة، فإما يذهبون إلى الجامعات في البر الرئيسي أو يبقون في ماكاو.
ورغم ذلك، كما يقول هو، فإن كثيرا من الشباب لا يستطيعون سوى اختيار العمل في صناعة ألعاب القمار بعد التخرج بسبب الصناعات المحدودة في ماكاو. ولذلك، يجب على حكومة ماكاو أن توفر مزيدا من الإرشاد والتوجيه بشأن توظيف الشباب، ويجب أن يجري التنسيق بين الصناعات والجامعات لتزويد الشباب بمناهج دراسية أكثر ملائمة وتزويدهم بمزيد من فرص التوظيف بعد التخرج.
وأكد هو أن "حب البلاد وحب ماكاو" كان دائما القيمة الأساسية في مجتمع ماكاو، وهو ما تم ترسيخه أيضا بعمق عبر جميع مراحل التعليم في ماكاو. وأضاف هو أن بعض ممثلي قطاع التعليم اقترحوا وجوب توافر مثل هذه القاعدة التعليمية الوطنية في ماكاو كمعرض دائم يعرض التطور التاريخي للصين منذ العصور الحديثة.
وتابع قائلا "أعتقد أنها فكرة جيدة، ومثلما تعقد ماكاو معرضا تعليميا للأمن الوطني كل عام، يجب أن يقام معرض عن تاريخنا بشكل منتظم".
وأوضح أن مجرد استخدام كتب المناهج الدراسية في تعريف الشباب بالتجربة التي مرت بها البلاد لا يعد كافيا. واقترح أنه يجب على الشباب مشاهدة مزيد من الأفلام التاريخية ذات الصلة من البر الرئيسي لمعرفة مزيد عن تاريخ البلاد.
ولفت إلى أنه من الممكن جعل زيارة مثل هذا النوع من المعارض منهجا دراسيا إلزاميا على طلبة ماكاو، بما يتيح لهم معرفة مزيد عن الظروف الوطنية وفهم الإنجازات التي تطلبت جهودا كبيرة في إطار تنمية البلاد.
-- من مشرع إلى رئيس تنفيذي لماكاو:
إن خبرة هو الطويلة كنائب بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وعضو باللجنة الدائمة للمجلس، فضلا عن توليه رئاسة الجمعية التشريعية لمنطقة ماكاو الإدارية الخاصة لفترتين - كلها أمور منحته فهما عميقا لماكاو وللبلاد بشكل عام.
ولقد مثلت آراء زملائه في اللجنة الدائمة بشأن مختلف وجهات النظر حول سياسة الإصلاح والانفتاح في البلاد والنظام التشريعي والسياسات الوطنية، مصدر إلهام له.
ولقد شهد هو، الذي ظل لمدة عشرين عاما عضوا باللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، عمليات سن العديد من القوانين وتنقيحها والوصول بها إلى حد الكمال. ويرى هو أن تلك الأعوام العشرين كانت فترة من البناء رفيع المستوى للنظام التشريعي، وأنه تم إيلاء اهتمام كبير خلالها على حكم البلاد وفقا للقانون.
وفي معرض الإشارة إلى انتقاله من دور المشرع إلى دور الرئيس التنفيذي، أكد هو أنه ليس غريبا على العمل الحكومي لأنه خدم كعضو بالمجلس التنفيذي في ماكاو وعمل أيضا في دوائر حكومية.
وعبر عشرة أعوام من الخبرة في جمعية ماكاو التشريعية، اكتسب هو القدرة على التفكير في احتياجات المواطنين عن قرب. وأوضح هو أنه حينما يعمل رئيسا لحكومة المنطقة الإدارية الخاصة في المستقبل، فسوف يحرص على تذكير نفسه بالسؤال عما إذا كانت السياسات وثيقة الصلة باحتياجات المواطنين أم لا.
وتابع "على سبيل المثال، تؤدي السياسة عملا طيبا على الأمد البعيد، لكن الجمهور لا يفهمها في الوقت الراهن. فإذا استطعت شرحها وجعلها أكثر وضوحا، فلن يشعر الجمهور بكثير من القلق بشأنها".
واختتم هو حديثه قائلا "بحسب 10 أعوام من خبرتي في الجمعية التشريعية، فالتواصل الوثيق هو ما تحتاج إلى أن تقوم به السلطات التنفيذية".