وفقا لما ذكرته قناة الجزيرة القطرية، أعادت الإمارات العربية افتتاح سفارتها في العاصمة السورية دمشق. وأعلنت وزارة الخارجية الإماراتية عن أن استئناف العمل في السفارة في سوريا يهدف الى إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين الى مسارها الطبيعي، بما يعزز دور جامعة الدول العربية في دعم استقلال وسيادة وأمن سوريا ومنع تدخل القوات الإقليمية في الشؤون العربية.
تسخين الدبلوماسية مرة اخرى
أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة فتح سفارتها في دمشق بعد سبع سنوات من استدعاء سفيرها من سوريا على خلفية الحرب الاهلية التي اندلعت في العام 2011.وذكر التلفزيون الاماراتي الوطني أن إعادة فتح السفارة في سوريا يهدف الى تعزيز العلاقات الاماراتية السورية واعادتها الى مسارها الطبيعي، والحد من مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري. وقال وزير خارجية الامارات في تغريدةٍ على "تويتر"، ان هذا القرار تم اتخاذه بعد الاتصال مع الجانب السوري والتأكد من " مكانة الدول العربية في الرؤية الدبلوماسية السورية".
ولا يعتبر القرار الاماراتي الرسمي وحيدا، حيث أنه مع تغير الوضع في سوريا تحاول جميع الدول العربية السعي الى تحسين العلاقات مع سوريا. واعلنت وزارة الخارجية البحرينية في بيان اصدرته أواخر الشهر الماضي عن رغبتها في الحفاظ على علاقاتها مع سوريا، وتأمل في تعزيز الدور العربي وتفعيله من أجل الحفاظ على استقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها ومنع مخاطر التدخلات الإقليمية في شئونها الداخلية.
وتشير سلسلة من العروض الجيدة مع سوريا إلى أن الدول العربية وعلى وجه الخصوص الدول الخليجية السنية مهتمة في تخفيف حدة التوتر مع الحكومة السورية الشيعية، وقد تصل حتى الى التسوية في المستقبل. وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية نقلا عن مصادر أن الصوت الداعي لقبول سوريا داخل جامعة الدول العربية آخذ في الازدياد. وأشار المحلل السياسي السوري ماهر احسان إلى أن قبول جامعة الدول العربية لسوريا مرة أخرى، سيعزز مما لا شك فيه تماسك جامعة الدول العربية وتأثيرها الدولي.
الاعتراف بالنظام السوري
لماذا تشهد العلاقات بين الدول العربية وسوريا انتعاشا مستمرا؟ المفتاح هو وضوح الوضع في سوريا.
"رداً على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية وقطع العلاقات الدبلوماسية، فإن لدى بعض الدول العربية تحفظات بالفعل" قال لي وي جيان نائب رئيس الجمعية الصينية لأبحاث الشرق الأوسط وباحث في معهد دراسات السياسة الخارجية في معهد شانغهاي للدراسات الدولية، " يوجد في التاريخ بعض الدول العربية الاخرى لا تتضارب مصالحها مع سوريا، لكن الحرب الاهلية واتخاذ الدول الكبرى في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية موقفا صارما ضد سوريا جعل بعض الدول العربية الأخرى تتفق على جدول الاعمال."
لقد أصبح الوضع السياسي في سوريا حاليا أكثر وضوحًا. ووفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية "الأسد نجح في السيطرة على معظم البلاد، ووصلت المعارضة المسلحة الى حافة الفشل الكامل." وفي الوقت نفسه، فإن اتخاذ الولايات المتحدة قرار الانسحاب التدريجي من سوريا يجعل الساحة السورية خالية من قوة تهدد نظام الأسد. ووفقا لشبكة CNN، قال السيناتور الجمهوري البارز لينزي غراهام إن انسحاب القوات الامريكية من سوريا بالرغم انه بطيء لكنه هدف ثابت للجيش الأمريكي.
"تبين الحقائق أن استمرار وجود نظام الأسد السوري أصبح إجماعًا من المجتمع الدولي". وقال لي وي جيان إن انتصار القوات الحكومية وانسحاب الجيش الأمريكي والاختفاء الأساسي لـ تنظيم "الدولة الإسلامية" أدى إلى تحسن كبير في البيئة الأمنية المحيطة. وتوفر إعادة الاعمار في سوريا فرصا اقتصادية وسياسية لبلدان الشرق الاوسط الاخرى. وأن استمرار عداوة جامعة الدول العربية لسوريا سيفقد حقها في الحديث عن القضية السورية. واستناداً إلى الاعتبارات السابقة، شرعت دول الجامعة العربية على الفور في تحسين العلاقة مع سوريا.
التخفيف من التوتر هو الاتجاه العام
بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يشهد الوضع في الشرق الأوسط، الذي يركز بشكل عام على سوريا، اتجاها جيدا، لكن العوامل التي تهدد الوضع في الشرق الأوسط ستستمر أيضا.
يعتقد لي وي جيان انه من أجل المصلحة الوطنية، ستزيد دول جامعة الدول العربية من تعميق علاقاتها مع سوريا ابتداءً من التحسين الدبلوماسي. وقال مراسل الجزيرة روب رينولدز، أن المملكة العربية السعودية قدمت 100 مليون دولار لإعادة اعمار في سوريا في وقت مبكر من اكتوبر 2018.وعلى المستوى الدولي، وفر انسحاب الولايات المتحدة وروسيا وغيرهما من الدول الكبرى المزيد من الظروف الملائمة لكسب سوريا الحكم المستقل. على العموم، فإن التخفيف التوتر في الشرق الأوسط هو الاتجاه العام.
"في الوقت نفسه، لا تزال هناك سلسلة من المشاكل بحاجة الى حل من أجل تعزيز الاستقرار في سوريا"، أشار لي وي جيان إلى أن بقايا المنظمات المتطرفة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" ما زالت موجودة، وما زال أمام مكافحة الإرهاب طريق طويل. بالإضافة إلى ذلك، فإن نزاعات القوى الاقليمية حول مصالحها في سوريا، مثل موقف تركيا من الأكراد في سوريا، والتوسع الاقليمي لإيران وتركيا وعوامل اخرى ستعوق تهدئة الوضع في سوريا أيضا. وفي نفس الوقت، الشرق الأوسط دائماً ما كان محور لعبة الدول الكبرى، فعلى الرغم من سحب الولايات المتحدة وروسيا قواتهما تدريجياً، فإن درجة التدخل من قبل الدول الكبرى في الشرق الأوسط لا تزال هي المفتاح لتحديد مصير الشرق الأوسط.
القضية السورية لها تاريخ طويل وستصبح بالتأكيد حلقة رئيسية في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط. ويبقى أن نرى ما إذا كان بإمكان سوريا العودة إلى جامعة الدول العربية.