روما 20 ديسمبر 2018 /قال محللون مؤخرا إن المعركة الطويلة التي خاضتها إيطاليا مع المفوضية الأوروبية حول خطة الموازنة للعام 2019 من المحتمل أن تكون لها عواقب دائمة علي الجانبين.
ووافقت المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء علي خطة الموازنة المثيرة للجدل التي وضعتها الحكومة الإيطالية.
وتوصل الجانبان إلى حل توافقي بعد موافقة إيطاليا علي خفض عجز الموازنة للسنة القادمة إلى ما يعادل 2.04 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للبلاد.
وكانت الحكومة قد أصدرت في أكتوبر مسودة بعجز أعلي يصل إلى 2.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أسابيع من إصدار المفوضين توجيهات بأن يكون العجز في حدود 0.8 بالمئة فقط، الأمر الذي رفضته المفوضية.
وتوج اتفاق الأربعاء قرابة شهرين من المفاوضات الشاقة بين الجانبين. ولكن المحللين قالوا لـ((شينخوا)) إن التداعيات على كل من إيطاليا والمفوضية لم تنته بالموافقة النهائية.
وتأخرت إيطاليا في هذه المرحلة من عملية ميزانيتها كثيرا هذا العام، وفقا لما ذكر لورينزو كاستيلاني، مما يجعل التخطيط المستقبلي أكثر صعوبة للمراقبين الاقتصاديين الرئيسيين مثل رؤساء الشركات الكبيرة ومحللي البنوك ومستثمري المؤسسات.
وقال كاستيلاني، وهو باحث متخصص في تاريخ المؤسسات السياسية في جامعة لويس بروما، إن حقيقة أن البرلمان أصبح مضطرا للتحرك بسرعة لتمرير إجراءات الموازنة قبل 31 ديسمبر ينطوي علي مخاطر أيضا، مضيفا أن مصداقية إيطاليا في الأسواق الدولية قد ضربت.
وأدى المأزق بين إيطاليا والمفوضية إلى ارتفاع أسعار الفائدة علي الديون الحكومية وتراجع المؤشرات الرئيسية في بورصة ميلانو. ورغم أن الجانبين استعادا عافيتهما إلى حد كبير في الأيام الأخيرة التي سبقت التوصل إلى اتفاق الأربعاء، إلا أن الأمر لم يستغرق كثيرا للمستثمرين المتوترين بالفعل ليفقدوا ثقتهم في إيطاليا مرة أخرى، بحسب كاستيلاني.
وأوضح الخبير لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الصعوبات هذا العام ستجعل الجانبين يصران علي أن تبدأ إيطاليا عملية موازنتها للعام 2020 قبل الموعد المحدد لتجنب تكرار ما حدث هذا العام.
وقال:"إذا بدأت العملية مبكرة جدا سيصبح من الصعب علي الجانبين أخذ جميع الاتجاهات السياسية والاقتصادية ذات الصلة في الاعتبار".
ووفقا لجيوسيبي دي تارانتو، وهو خبير اقتصادي ومؤلف عدد من الكتب حول القضايا الاقتصادية الأوروبية، فإن المفوضية الأوروبية ستتغير أيضا نتيجة مأزقها مع إيطاليا بشأن الموازنة.
وقال دي تارانتو في مقابلة معه:"للمرة الأولى في تاريخ الاتحاد الأوروبي، تقف دولة كبرى (إيطاليا) ضد المفوضية الأوروبية وتعرضها للخطر". وأضاف "هذا سيغير الطريقة التي تتعامل بها المفوضية مع الدول الأخرى، وسيجبر المفوضون علي إيلاء المزيد من الاهتمام للقوى الاجتماعية".
وأشار دي تارانتو إلى فرنسا التي تتعامل حكومتها مع انتفاضة أجبرت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون علي تقديم تنازلات سترفع الانفاق. ومثل إيطاليا، تتقدم فرنسا إلى عام 2019 بموازنة تتضمن عجزا أعلى من المخطط أصلا.
وقال دي تارانتو "إن التحدي الذي تواجهه الحكومة الفرنسية كان سيكون أسهل لو لم تظهر المشاكل في إيطاليا على السطح".