بقلم/ عماد الأزرق
القاهرة 10 أكتوبر 2018 / أكد محللون سياسيون مصريون أن إعلان القمة الثلاثية السادسة لدول مصر واليونان وقبرص إنشاء سكرتارية دائمة للقمة يؤشر إلى اتجاه الدول الثلاث لخلق كيان إقليمي مؤسسي يسمح بانضمام دول أخرى إليهم.
وعقدت القمة السادسة لآلية التعاون الثلاثي اليوم (الأربعاء) بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس القبرصي نيكوس انستسيادس، ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس في جزيرة كريت في اليونان.
واتفق قادة الدول الثلاث على إنشاء سكرتارية تنفيذية للآلية مقرها قبرص، بهدف التنسيق ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنها، بحسب المتحدث الرئاسي المصري السفير بسام راضي.
وأكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن هناك اتجاها من جانب مصر واليونان وقبرص لخلق كيان دائم ومنفتح وليس مغلق على الدول الثلاث.
وأشار اللاوندي لوكالة أنباء (شينخوا) إلى تأكيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال القمة الثلاثية الثالثة التي عقدت بقبرص على أن التعاون بين الدول الثلاث هو نواة لتعاون دولي أكبر، وأنه يمكن أن تستقطب دولا أخرى وليس موجها إلى أحد.
وأكد السيسي خلال القمة الثلاثية الثالثة التي استضافتها العاصمة اليونانية أثينا على أن "هذا التعاون الثلاثي ليس موجها ضد أحد، ويفتح ذراعيه لأي دولة أخرى بالمنطقة تريد أن تنضم لهذا التكتل، وأنه يخدم مصالح المنطقة والشعوب وفقا لمبادئ القانون الدولي واحترام الاتفاقيات الدولية".
وأوضح خبير العلاقات الدولية بالأهرام، أن القمة الثلاثية ستكون نواة لتحالف اقليمي تجمعه المصالح المشتركة بشكل عام والتعاون في العديد من المجالات ومن بينها النفط والطاقة التي تفجرت في شرق البحر المتوسط بعد ترسيم الحدود بين الدول الثلاث، مشيرا إلى كونه نقطة محورية للتعاون تم بحثها بشكل مستفيض بين الزعماء الثلاثة.
وتوافق قادة مصر واليونان وقبرص اليوم على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، يكون مقره القاهرة، ويضم الدول المنتجة والمستوردة للغاز ودول العبور بشرق المتوسط.
ويهدف منتدى غاز شرق المتوسط إلى تنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي بما يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة، ويسرع من عملية الاستفادة من الاحتياطيات الحالية والمستقبلية من الغاز بتلك الدول.
ولفت اللاوندي إلى أن الأسس التي يقوم عليها التحالف الثلاثي يجعل العلاقة بينها تنتقل من الاطار التعاوني إلى إطار الشراكة الكاملة، وينتقل من مستوى العلاقات الرسمية إلى العلاقات الشعبية.
ونوه إلى أن التحالف يهدف كذلك إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعمل على حل قضاياها السياسية، وبات يعطي قوة لدوله إذ لم تعد كل دولة فيه تشعر أنها بمفردها في مواجهة التحديات والتهديدات المختلفة.
وتقع الدول الثلاث في منطقة مضطربة وغير مستقرة أمنيا وسياسيا، حيث تمتد أثار الأزمات السورية والليبية واليمنية والهجرة غير الشرعية إليها، كما تعاني من خلافات سياسية مع أطراف أخرى.
وأكد قادة مصر واليونان وقبرص في البيان الصادر عن اجتماعهم الأول بالقاهرة عام 2014، على أن هذه الآلية تأتي إدراكا منهم للتحديات الكبيرة التي تواجه الاستقرار والأمن والرفاهية في شرق المتوسط، والحاجة لتنسيق ردود الأفعال الاجتماعية، وتوطيد أسس التعاون فيما بينها بشكل أقوى خلال الأعوام المقبلة.
من جانبه، أكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن القمة الثلاثية السادسة بعثت برسائل مباشرة لأطراف اقليمية مثل تركيا وإسرائيل وأطراف أخرى ذات تأثير سلبي على أمن أقليم شرق المتوسط.
وقال فهمي لوكالة أنباء (شينخوا) إن "دورية انعقاد آلية التعاون المشترك تؤكد على أن هناك تصميما من الدول الثلاث على تحويل هذا التحالف الثلاثي إلى تحالف ممتد سيأخذ شكل من أشكال التعاون الاقليمي.
وأشار إلى أنه كان هناك حديث اليوم خلال المؤتمر الصحفي لقادة الدول الثلاث عن تفاصيل متعلقة بمواقف الأطراف الثلاثة من القضايا التي تهمها سواء توحيد الجزيرة القبرصية أو بالنسبة لقضية الارهاب أو القضايا الاقليمية مثل الوضع الليبي والسوري".
وتابع قائلا "إن هذا يعني أن التحالف لم يعد مقصورا على القضايا الاقتصادية أو الغاز فقط وانما امتد للحديث عن مجالات التعاون والاهتمام المشترك، وهذا معناه أن التحالف يمضي في إطاره السياسي الاقتصادي الاستراتيجي مما يشير إلى تحوله إلى كيان أخر أكبر".
واعتبر فهمي الاتفاق على تشكيل أمانة دائمة للتحالف الثلاثي تطورا مهما يؤشر إلى التوسع فيه بحيث يكون في شكل تكتل أو تجمع أو منظمة للتعاون، موضحا أن السكرتارية الدائمة تعني أننا نتحدث عن وضع مستديم وأمانة مقيمة وعلاقات تعاون وشراكة مستقرة.
وأعرب عن اعتقاده بأن "الدول التي ستكون مدعوة للانضمام لهذا التحالف هي التي ستتفق مصالحها مع الدول الثلاث، خاصة وأننا في اقليم مضطرب وغير مستقر نتيجة الصراعات وتحركات بعض الدول الاقليمية في هذا الصدد لندرك حجم المخاطر التي يواجهها اقليم شرق المتوسط".
ونقلت وكالة أنباء (الشرق الأوسط) عن الرئيس القبرصي نيكوس انستسيادس قوله خلال المؤتمر الصحفي المشترك إن "اللقاء تم لتوسيع التعاون في المنطقة ومع لبنان والأردن، وبالتالي ما سيتم هو توسيع نطاق دعمنا وتعاوننا مع دول المنطقة بوجه عام، ما يؤدي إلى تحقيق السلام في المنطقة وأعتقد أننا سننجح فيه".
وأشاد فهمي برؤية مصر الاستباقية في التعامل مع اشكالية الأمن في شرق المتوسط، من خلال تحرك القاهرة الاستباقي منذ عام 2014 لتدشين هذا التحالف.
وأردف قائلا "وبناء عليه كان لدى المصريين رؤية مهمة هي التي تمخض عنها ترسيم الحدود مع قبرص وما نتج عنه من بروز حقل ظهر والحقول الأخرى المتماسة معه، وهذا معناه أنه كانت لدى مصر رؤية استباقية متكاملة للتعامل مع الوضع بالإقليم بأكمله".