جيانغ دونغ ليو، باحث في جمعية تشاهار
جاء التحرك العسكري الثلاثي الأمريكي البريطاني الفرنسي ضد سوريا مفاجئا، وانتهى بسرعة مفاجئة ايضا. وقد صرّح وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، بأن الضربة العسكرية ضد سوريا والتي دامت 60 دقيقة، كانت ضربة "خاطفة". ملْمحا بذلك إلى أن الضربة العسكرية قد حققت أهدافها الإستراتيجية.
بالنظر إلى القوة العسكرية الأمريكية، كان بإستطاعة أمريكا أن تنفذ هذه الضربة بمفردها. لكن اختيارها القيام بتحرك مشترك مع كل من بريطانيا وفرنسا، قد يعود إلى رغبة أمريكا في مقاسمة الأعباء مع الحليفين، خشية أن يؤدي التحرك المنفرد إلى الإضرار أكثر بوضعها الإستراتيجي على المستوى الدولي.
أما بالنسبة لبريطانيا وفرنسا، فمن جهة لا ترغبان في البقاء خارج الأحداث في سوريا، حفاظا على نفوذهما في منطقة الشرق الأوسط؛ ومن جهة ثانية، مثلت الضربة العسكرية ضد سوريا فرصة لتعزيز التحالف بين الدول الثلاث. قبل ذلك، كشفت حادثة "تسميم" عميل الإستخبارات الروسية في بريطانية، أهمية الحفاظ على علاقات التحالف التقليدية في أوروبا.
يواجه الرئيس الفرنسي ماكرون في الوقت الحالي ضغوط الإضرابات الداخلية، أما تيريزا ماي فتواجه شكوكا مستمرة بسبب تنفيذ البريكست. لذلك، فإن المشاركة في هذه الضربة الخاطفة، يمكن أن تحول ضغوط الرأي العام الداخلية في البلدين.
ترامب الذي يتبع سياسة "أمريكا أولا"، ظل دائما يؤكد على ضرورة تقليل الأعباء العسكرية والمخاطر الأمريكية في الخارج. وهذا مايفسر اختيار ترامب لتنفيذ ضربة خاطفة وليس عمليات عسكرية طويلة المدى يمكن أن تؤثر في شعبيته الداخلية. أما فرنسا وبريطانيا فتحركتا دون تأييد برلماني وشعبي، وهو ما تسبب في إثارة إحتجاجات شعبية وإتهامات من المعارضة. لذا، فإن عملية عسكرية طويلة من الممكن أن تزيد من حدّة هذه الإحتجاجات ضد الحكومتين الفرنسية والبريطانية. وهذا مايرجح، بأن التحالف الثلاثي لضرب سوريا قد لا يستمر.