اختتمت يوم الثلاثاء الدورتان السنويتان لأعلى جهاز تشريعي وأعلى جهاز استشاري سياسي في الصين لعام 2018. ومع حلول الذكرى الـ40 لبدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، اعتبر ساسة ومحللون عرب الدورتين السنويتين حدثا مهما ليس للصين وحدها وإنما للعالم بأسره حيث يتيح إمكانية التعرف على التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الصين ويعزز على نحو خاص ثقة العرب في عملية الإصلاح والتنمية التي تشهدها الصين، مشيرين إلى أن الصين تقدم نموذجا دوليا يقوم على تحقيق التنمية والسلام والعدالة.
-- الإصلاح دافع النمو في الصين
فقد ذكر المحلل السياسي السوداني حسن بن عوف،في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا، إن "الدورتين السنويتين تمثلان حدثا مهما للعالم بأسره"، مضيفا بقوله "مما لا شك فيه أن القضايا التي ناقشتها الدورتان تهم العالم أجمع وترسم معالم سياسة الصين في السنوات المقبلة".
كما قال المحلل السياسي السوداني ناصر ميرغنى، لـ((شينخوا)، إن "الصين حققت خلال 40 عاما من سياسة الإصلاح والانفتاح إنجازات كبيرة، ونحن ننظر لهاتين الدورتين بمزيد من الاهتمام كونهما ترسمان معالم مستقبل زاهر للصين"، متطلعا إلى أن تتمكن الدورتان من تعزيز الإصلاحات التي أقرها المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني.
ورأى محمود ريا مدير موقع "الصين بعيون عربية" أن الإنجازات المحققة هي من ثمار الجهود الكبيرة التي بذلتها الصين منذ عقود وإطلاقها لمسيرة الإصلاح في نهاية سبعينات القرن الماضي والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم وتكتسب "زخما أكبر وأبعادا أعمق مع الأفكار الجديدة للرئيس الصيني شي جين بينغ".
ولفت إلى أن "الصين بصفتها أمة حية وناهضة تعرف أن الإصلاح والتعديل والتغيير نحو الأفضل هو السبيل الوحيد لوضع الصين في المكانة التي تستحقها على مستوى التاريخ والجغرافيا"، مؤكدا إن "كل خطوة في طريق الإصلاح المستمر والدؤوب هي دفعة أخرى للشعب الصيني باتجاه تحقيق أحلامه العظمى".
ومن جانبه، تحدث ظافر ناصر أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني قائلا "لاحظت أن الإصلاحات التي يتم تطبيقها في الصين جنبا إلى جنب تدابير مكافحة الفساد التي اتخذت، تشكل رسالة قوية إلى جميع البلدان والشعوب بأن بناء الدول القوية يبدأ بالإصلاحات والقضاء على الفساد".
وأشاد بجهود بكين خلال السنوات الأخيرة في مجال مكافحة الفساد، بقوله "إن مثل هذه التجربة الناجحة في مكافحة الفساد يمكن أن تكون مثالا يحتذي به لبقية الدول الراغبة في التخلص من آفة الفساد وكبح انتشارها"، مشددا على أنه "لا يوجد طريق يمكن لبلد أن يسلكه لينمو ما لم يقم بإصلاحات وجهود لمكافحة الفساد".
واعتبر محمود ريا أن "تجربة ناجحة مثل تجربة الصين في مواجهة الفساد يمكنها أن تصبح ملهمة لكل دول العالم التي ترغب في تخليص نفسها من آفة الفساد"، داعيا الدول إلى دراسة الإجراءات الصينية الحاسمة في هذا المجال كي "تستوحي منها أفكارا فعالة يمكن مواءمتها مع ظروف كل دولة والسير بها للقضاء على الفساد الذي يمنع المجتمعات البشرية من السير إلى الأمام".
-- تنمية الصين تصب في صالح العالم
أشاد وزير الشؤون الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية رياض المالكي بخطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الثلاثاء في الجلسة الختامية للدورة الأولى للمجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب الصيني وتأكيده على مبادئ السلام والتنمية بعيدا عن الهيمنة والتبعية في العلاقات والمنظومة الدولية.
وثمن المالكي في تصريحات لـ((شينخوا)) مضمون خطاب الرئيس الصيني وحرصه على التأكيد على أن بلاده لا تشكل تهديدا لأي دولة أخرى وأنها لن تسعى أبدا للهيمنة أو المشاركة في التوسع.
وأبرز المالكي بشكل خاص تأكيد الرئيس الصيني على أن رغبة الشعب الصيني المخلصة في اتخاذ إجراء عملي للمساهمة في السلام والتنمية للبشرية يجب ألا يساء تفسيرها ولا يجب تشويهها وأن الهدف هو أن تسود العدالة،مضيفا أن السلطة الفلسطينية تدعم القيادة الرشيدة والحكيمة للصين والتي بالتأكيد ارتقت بالصين إلى مستوى أعلى يزداد تقدما على كافة الأصعدة والمستويات بينما تقدم نموذجا دوليا يقوم على تحقيق التنمية والسلام والعدالة.
وحول هذا النموذج الذي تقدمه الصين، ذكر يوسف العميري رئيس جمعية الصداقة الكويتية-الصينية أن الصين تمد يدها الآن للمساعدة في تنمية بلدان أخرى، مستشهدا بجولات شارك فيها إلى مصر والسنغال ودول إفريقية أخرى وجد فيها مصانع صينية كثيرة لمساعدة المحليين في تحقيق التنمية الاقتصادية، مضيفا أنه لم يحدث في تاريخ البشرية أجمع أن ساهمت دولة في تنمية شعوب العالم مثلما تفعل الصين الآن.
وبين رئيس قسم الأبحاث والدراسات بوكالة الأنباء القطرية ((قنا)) خالد عبد العزيز البنعلي في هذا السياق أن مبادرة الحزام والطريق الصينية وما تتضمنه من منشآت ومشاريع في مجال المواصلات بصورة عامة والسكك الحديدية على وجه الخصوص تعد خير مثال على الدور الصيني الجديد في العالم.
وقال "مما لا شك فيه أن مثل هذه المشاريع التي تحظى باهتمام ومتابعة القيادة الصينية ستوفر فرصا حقيقية قابلة للتنفيذ للمساعدة في الخروج من الركود الاقتصادي العالمي بما ستوفره من فرص عمل وزيادة في حجم التبادلات التجارية وإطلاق المشروعات الاقتصادية الكبرى التي تحقق رفاهية الملايين من البشر في مختلف القارات".
-- تطلعات العالم العربي تجاه الصين
عقب اختتام هاتين الدورتين السنويتين الهامتين، أعرب ساسة ومحللون عرب عن تطلعاتهم إلي تعزيز علاقات بلدانهم مع الصين، حيث جدد المالكي التأكيد على الحرص الفلسطيني على دعم ومواصلة التنسيق مع الصين التي تولي اهتماما كبيرا بالقضية الفلسطينية وضرورة حلها كمدخل حقيقي لحل أزمات المنطقة وإحلال السلام في الشرق الأوسط لما لهذا الأمر من انعكاسات على السلم الدولي، و"هذا بالتأكيد يلقى احتراما وتقديرا من فلسطين"، حسب قوله.
وتمنى وزير الشؤون الخارجية والمغتربين الفلسطيني المزيد من النجاح والتميز للرئيس شي جين بينغ في ظل ما يطرحه من رؤى ومشاريع كبرى على المستوى الدولي سواء لدعم تحقيق السلام أو مشاريع التنمية الاقتصادية.
وأكد المحلل السياسي السوداني حسن بن عوف اهتمام السودان بالتحولات التي تشهدها الصين على خلفية العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، قائلا إن "السودان يسعى الآن لأن يكون لاعبا أساسيا لبناء مبادرة الحزام والطريق وتسخير إمكاناته وموارده من أجل تحقيق المبادئ الرئيسية للمبادرة".
وأضاف "بإمكان السودان أن يكون شريكا رئيسيا في بناء مبادرة الحزام والطريق كونه يتمتع بموقع جغرافي يجعل منه حلقة وصل بين العالم العربي وقارة إفريقيا".
كما عبر إبراهيم محمد نصير، مساعد مدير مركز تدريس اللغات بكلية الآداب بجامعة الكويت، عن تطلعاته إلى تعزيز التعاون بين الصين والكويت في إطار مبادرة الحزام والطريق، قائلا إن "هذه المبادرة لا تفيد الصين فقط، بل تفيد كل الدول التي تشترك فيها. وإن الكويت الآن بدأت في بناء البنية التحتية لتكون مركزا ماليا إقليميا وبدأت تنشئ مدينة الحرير وميناء مبارك الكبير والجسور الكبيرة ومحطات الطرق لكي تعيد إنعاش الطريق التجاري القديم...إني متفائل تجاه تحقيق التطور في تعزيز العلاقات الكويتية مع الصين في إطار المبادرة".
وأشاد إبراهيم بالمؤسسات والشركات الصينية القائمة في الكويت، قائلا إن "لديها عمالة ماهرة ومخلصة ومجتهدة...إنها تحظي بثقتنا".
وسلط إبراهيم الضوء على مجالي الاقتصاد والتكنولوجيا، قائلا "في رأيي، تمثل التكنولوجيا عمود الحياة في العالم وتتعلق بمعظم جوانب الحياة الاقتصادية مثل الطب والتربية والطيران والكهرباء والفضاء.. وإلخ"، حيث اقترح تعميق التعاون بين الصين والكويت في هذين المجالين.