بعقوبة، العراق 17 يناير 2018 / شكلت مهنة النحالة (تربية النحل لانتاج العسل) مصدرا اساسيا لمعيشة مئات العوائل في محافظة ديالى شرقي العراق، لكنها تعرضت لانتكاسة هي الاكبر من نوعها بعد اقتحام التنظيم الارهابي، ما أدى إلى القضاء على أعداد كبيرة من خلايا النحل.
لكن بعد تحرير المناطق التي احتلها التنظيم الارهابي، من قبل القوات العراقية ومع تحسن الوضع الامني بدأ بعض اصحاب المناحل وبجهود ذاتية اعادة انتاج العسل من جديد واخذت هذه المهنة تستعيد عافيتها لكنها بحاجة إلى دعم حكومي لتعود لسابق عهدها.
وقال مرتضى الربيعي (44 سنة) نحال لوكالة أنباء (شينخوا) وهو يقف قرب صناديق متراصفة ويحيط بها النحل من كل الجهات في بستان زراعي قرب المقدادية (40 كلم) شمال شرق بعقوبة، مركز المحافظة، " بعد يونيو 2014 ارغم اغلب النحالين على ترك مناحلهم والهروب باتجاه المناطق الآمنة عقب اجتياح داعش لمناطقنا، كانت لحظات عصيبة الموت خطف ارواح الكثيرين".
واضاف الربيعي " تركت خلفي منحلا كبيرا وتألمت كثيرا عندما عدت عقب تحرير قريتي ووجدت بانه احرق بالكامل من قبل المتطرفين، حتى النحل لم يسلم من اذى هؤلاء الارهابيين، انهم ادوات لقتل الحياة ليس الا".
واشار الربيعي الى انه يعمل في مهنة تربية النحل وصناعة العسل منذ ثلاثة عقود تقريبا وعشقه لهذه المهنة دفعه للاستدانة واعادة بناء منحل متواضع لاجل صناعة العسل ولو بشكل بسيط في بادئ الامر لكنه مؤمن بانه سوف يستعيد ما خسره يوما ما.
اما عبود الجبوري وهو نجال منذ قرابة 20 سنة فقال" كل المناطق التي اجتاحها تنظيم داعش بعد يونيو 2014 كانت تنتج مختلف انواع العسل ومنها قرى شمال المقدادية التي تتميز بتوفر كل الظروف الملائمة لتربية النحل وانتاج العسل ومن اجود الانواع.
وتابع الجبوري وهو من سكنة حوض سنسل (45 كلم) شمال شرق بعقوبة ان " 90 بالمائة من المناحل في المناطق المحررة دمرت وبعضها تم احراقه من قبل المتطرفين"، لافتا الى ان اعادة بناء المناحل ليس بالامر الهين ويحتاج إلى مبالغ مالية ليست قليلة.
ومضى يقول "إن تربية النحل ليست مهنة عادية بل تتميز بانها تخلق علاقة خاصة بين الانسان والنحل، وهذا ما دفعنا إلى اعادة بناء المناحل من جديد"، مبينا ان اول شحنة من العسل تم بيعها قبل فترة وجيزة، ووصلت إلى الزبائن بعد توقف دام اربع سنوات متتالية.
إلى ذلك، أفاد علي الشمري بائع عسل في سوق بعقوبة بأن انتاج العسل في ديالى يمتد لعقود طويلة وهو يتميز بكثرة انواعه والتي تختلف بحسب البيئة الزراعية المحيطة بها وهناك انواع ذات جودة عالية.
واضاف الشمري ان " المناطق التي احتلها تنظيم داعش الارهابي قبل تحريرها انقطع فيها انتاج العسل، خلال السنوات الماضية، لكن بدأ أخيرا انتاج متواضع فيها من خلال بعض النحالين الذين نجحوا في اعادة بناء مناحلهم وبدء الانتاج ولو بكميات متواضعة ".
وذكر الشمري ان عملية انتاج العسل في المناطق المحررة جرت بجهود ذاتية دون دعم وهو يعكس ارادة النحالين في تجاوز حقبة صعبة جدا مروا بها عقب الدمار الهائل في مناحلهم بسبب الخراب الذي احدثه تنظيم داعش.
من جانبه، قال عدنان التميمي رئيس المجلس المحلي بالمقدادية ان" المقدادية وريفها تشكلان مصدرا اساسيا لانتاج العسل في محافظة ديالى بشكل عام لوجود مساحات زراعية واسعة تعد بيئة ملائمة لتربية النحل".
واضاف التميمي ان " انتاج العسل في المقدادية مهنة يعود تاريخها إلى بدايات القرن 19 وهناك عوائل تميزت بتوارثها من جيل إلى اخر لانها مهنة تدر ارباحا جيدة، والطلب على العسل الذي ينتج في المقدادية متزايد، كونه يعد من أجود الانواع في الاسواق العراقية".
واقر التميمي بان 90 بالمائة من مناحل المقدادية بشكل عام دمرت بعد احداث يونيو 2014، مبينا ان المهنة كانت مصدر رزق مئات الاسر والتي تعودت عليها لاجيال عدة.
وبين التميمي ان هناك جهودا ذاتية لاعادة بناء مناحل في بعض مناطق المقدادية وخاصة المحررة لكنها تبقى ضمن مستويات محدودة لانها تحتاج الى دعم حكومي من خلال قروض مالية يمكن ان تعيد احياء قطاع اقتصادي مهم.
وتتميز محافظة ديالى بانتاج كميات تصل إلى 300 طن سنويا من العسل الطبيعي من عدة انواع كونها تتميز بوجود البيئة الزراعية وكثرة الاشجار.
وكان تنظيم داعش الارهابي اجتاح مناطق واسعة من محافظة ديالى بعد يونيو 2014 وسيطر على مناطق زراعية واسعة كانت تشكل الثقل الاكبر في انتاج العسل ومنها قرى شمال المقدادية.