اعتبر مستشار للرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، أن مبادرة الصين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي "محرك حقيقي باتجاه تحقيق تقدم في عملية السلام".
وقال نبيل شعث مستشار عباس للشئون الدولية إنه "في ظل وجود آمل قليل لجهود السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية فإن مبادرة الصين تأتي لتنشيط جهود السلام الإقليمية".
وذكر شعث أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس شعر بتعزيز ودعم صيني بعد لقائه في الصين بالرئيس الصينى شي جينغ بينغ" في بكين الشهر الماضي.
وأشار إلى أن الصين لم تتردد ابدا في تقديم الدعم والمساعدة لمنظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية ممثلة في فتح بشكل خاص وياسر عرفات، مما شكل دعما صينيا كاملا في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
وأكد أن الدعم الصيني كان ماديا وسياسيا، مضيفا "يمكننا أن نعتبر الصين حليفا للشعب الفلسطيني، وهي التزمت دائما بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير".
وكانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم اعترفت بفلسطين، لذلك فإن زيارة عباس إلى الصين أخيرا لم تكن لبدء علاقات وثيقة بل لدعم علاقة قوية موجودة بحسب مسئولين فلسطينيين.
وقال شعث إن زيارة عباس الأخيرة للصين "كانت ناجحة جدا وتضمنت مناقشة حول دخول الصين في العملية السياسية على أمل أن تقودنا إلى السلام من خلال المفاوضات".
وأضاف إن "اقتراح النقاط الأربع من الصين مقبولة تماما للفلسطينيين، وهي تؤيد متطلبات الشعب الفلسطيني والمتطلبات العملية للانتقال إلى المفاوضات وتحقيق النجاح في العملية السلمية".
وكان الرئيس شي أطلق مطلع مايو 2013 رؤية صينية لتحقيق السلام وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأكدت فيها في حينه على التمسك بإقامة دولة فلسطين المستقلة والتعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل.
وشددت الرؤية الصينية، على أن إقامة دولة مستقلة ذات السيادة الكاملة على أساس حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعتبر حقا غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني، ومفتاحا لتسوية القضية الفلسطينية.
وحثت على التمسك بالمفاوضات باعتبارها الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى السلام الفلسطيني الإسرائيلي، والتمسك بثبات بمبدأ "الأرض مقابل السلام" وغيره من المبادئ.
كما دعت الرؤية الصينية المجتمع الدولي، إلى تقديم دعم قوي لدفع عملية السلام، وأن تشدد الأطراف المعنية فيه على الشعور بالمسؤولية وإلحاح القضية، وتتخذ موقفا موضوعيا ومنصفا وتعمل بنشاط على النصح بالتصالح والحث على التفاوض، كما تسعى إلى زيادة المساعدات إلى الجانب الفلسطيني.
وأعرب شعث عن اعتقاده أن الدور العالمي الجديد للصين في كل من الجانبين الاقتصادي والسياسي "يعكس مدى حرصها على ازدهار العالم وأنها أفضل فرصة ممكنة لتحقيق السلام من خلال المفاوضات".
وكان عباس قطع زيارته الأخيرة إلى الصين بعد اجتماعه مع الرئيس شي لمتابعة تطورات أزمة التوتر الأخيرة مع إسرائيل في شرق القدس بعد أن فرضت إجراءات أمنية على أبواب المسجد الأقصى.
واعتصم الفلسطينيون على أبواب المسجد الأقصى على أسبوعين تقريبا واندلعت مواجهات بينهم وبين الشرطة الإسرائيلية بشكل يومي حتى قررت الحكومة الإسرائيلية إلغاء إجراءاتها الأمنية بحق المسجد.
واعتبر شعث أن "انتفاضة القدس" أثارت آمال الفلسطينيين الذين يريدون يطمحون لتحقيق تطلعاتهم السياسية، مما يجعل مبادرة الرئيس الصيني ضرورة في هذا الوقت.
وقال إن "شعبنا في القدس كافح باستمرار بشكل سلمي لقد كان هذا في الواقع دليلا على انتفاضة غير عنيفة، وهي وحدت المواطنين لمواجهة القوة الإسرائيلية بالصلاة على الأرض بإرادة صلبة".
وأضاف "عندما تأتي المبادرة الصينية تأتي إلى شعب أكثر وضوحا بطريقة أو بأخرى عن دوره في النضال وطرق الكفاح ويعرف ما يطلبه لنهاية نضاله وهو اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
وذكر شعث أن القيادة الفلسطينية مستعدة لاتخاذ خطوات من اجل تنفيذ المبادرة الصينية، مشيرا إلى وجود مشاورات في القيادة الفلسطينية حول هذا الشأن منذ عودة عباس من بكين.
ونبه إلى أن قرار القيادة الفلسطينية هو العمل لإيجاد مظلة متعددة الجوانب لرعاية عملية السلام، والخروج من رعاية الولايات المتحدة المنفردة لعملية السلام مع إسرائيل.
وأضاف "أننا على استعداد تام لمواصلة الاتصال بالصين التي سنبقى على تواصل معها، وكذلك مع الحكومة الفرنسية والحكومات الأخرى بالإضافة إلى الامريكيين".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زار إسرائيل والضفة الغربية في مايو الماضي ضمن أول جولة خارجية له منذ تسلمه منصبه في يناير الماضي، وتعهد بالعمل على استئناف جهود السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
لكن شعث قال إنه لا يرى حتى الآن تقدما كبيرا في النهج الأمريكي، منتقدا أن إدارة ترامب والحكومة الاسرائيلية "لا يفهمان أنه من الاهمية وضع مرجعيات واضحة لأى عملية سلام من أجل البدء بها".
لكن شعث أقر في الوقت ذاته أنه لا يمكن تجاهل امريكا، وقال إنه "إذا كان هناك نهج متعدد الأطراف قد يقتنع الأمريكيون بأن يكونوا جزءا منه، ولكن مرة أخرى فإن مبادرة الصينيين هي المحرك الحقيقي لتحقيق تقدم في عملية السلام".
وأضاف إن "الحل الأخير المتاح الآن هو حل الدولتين، ويجب أن يفهم السيد ترامب حقا أنه لا يمكننا الدخول في عملية سلام لا تبدأ بوضع هذا الهدف ووضع الخطوات والنقاط المرجعية والقانون الدولي و التي ستقودنا جميعا إلى عملية السلام".
واتهم شعث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه لا يملك رغبة حقيقية في الدخول في عملية سلام تقوم على حقوق الشعب الفلسطيني والإسرائيلي في العيش جنبا إلى جنب.
واعتبر أن اتهامات الفساد التي وجهت أخيرا إلى نتنياهو "تجعل الأمور أكثر صعوبة ويدفعه أكثر إلى اليمين المتطرف لإرضاء منتقديه وهذا يجعل الوصول إلى عملية السلام أمر صعب للغاية".
وعلى خلفية التوتر الأخير مع إسرائيل في شرق القدس أعلن عباس في 21 من الشهر الماضي تجميد كافة الاتصالات مع إسرائيل بما في ذلك التنسيق الأمني الثنائي الذي نصت عليه اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل الموقعة في العام 1993.
وعلق شعث على هذه الخطوة بالقول إن "التنسيق الأمني يعني التنسيق بين طرفين متساويين من الأمن، أي أن الإسرائيليين لا يضعون أقدام عسكرية في أراضينا، على الأقل في المنطقة (أ) في الضفة الغربية التي توافقنا على عدم تواجد عسكري اسرائيلي بداخلها".
وأضاف "كما يجب على إسرائيل وقف المطاردات الساخنة من قبل قواتهم للفلسطينيين والتوقف عن اقتحام مدننا وقرانا، لكنهم الآن ينتهكون كل هذا، فيدخلون ويخرجون من رام الله كل يوم ويسلبون أراضي و يدمرون المنازل، ثم يريدون التنسيق".
وأردف أن قرار وقف التنسيق ما زال فاعلا، وأن استئنافه لا يتحدد فقط بما يفعله (الإسرائيليون) في القدس، وهو في الواقع الشرط الأول، ولكن ثانيا يجب إعادة النظر بشكل كامل حتى يتحملوا مسئوليتهم قبل أن يطلبوا منا تحمل المسؤولية.
وتوقفت أخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في النصف الأول من العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون أن تسفر عن تقدم لإنهاء الصراع.