بكين30 مارس 2017 / اختتمت القمة العربية الـ28 التي عقدت في منطقة البحر الميت بالأردن يوم الأربعاء ببيان ختامي أعلنت فيه الاستعداد لتحقيق "مصالحة تاريخية" مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في حرب عام1967، ومواصلة العمل على إعادة إطلاق محادثات سلام "فاعلة ومؤثرة" على أساس حل الدولتين بما يضمن قيام الدولة الفلسطينية.
وتأتي هذه القمة في ظل أوضاع عربية شديدة التأزم والتعقيد حيث ما زالت الصراعات الدموية المسلحة مستمرة في سوريا واليمن والعراق وليبيا، كما تواجه القضية الفلسطينية تحديات غير مسبوقة منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، بالإضافة إلى الوضع الصعب في مكافحة الإرهاب.
مع ذلك، رأى خبراء صينيون إن هذه القمة تمثل فرصة هامة بالنسبة إلى الدول العربية لتشكيل "محصلة القوى" من أجل التعامل مع المشاكل التي تواجه منطقة الشرق الأوسط.
أولا، فقد أحيت قمة الأردن العلاقات البينية، حيث شهدت لقاءات بينية ثنائية وثلاثية عديدة وخاصة اللقاء بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش الجلسة الافتتاحية للقمة العربية، حيث وجه الملك سلمان الدعوة للرئيس المصري للقيام بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية ورحب السيسي بالدعوة، كما وعد الملك بزيارة مصر في القريب العاجل بناء على الدعوة التي وجهها له السيسي.
ثانيا، في ظل عزم الرئيسين الفلسطيني والمصري محمود عباس وعبد الفتاح السيسي على زيارة الولايات المتحدة في إبريل المقبل، فقد كان من الضروري أن تخرج القمة باتفاق بشأن القضية الفلسطينية لكي يقدم إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنحاز إلى إسرائيل بشكل ملحوظ ولم يطرح سياسة واضحة عن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي حتى الآن.
ومن جانبه، قال يو قوه تشينغ، الباحث بمركز دراسات غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، إن القضية الفلسطينية تعد بندا تقليديا لكل قمة عربية. وفي ظل الظروف الجديدة، يحبذ أن يوضح العرب موقفهم في التعاون مع الولايات المتحدة لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وأضاف يو "هذا الصراع بدون شك لا يمكن حله في دورة واحدة، لكن لا تستطيع أن تتعاون الولايات المتحدة مع الدول العربية إلا بعد أن تبذل المنطقة جهودا باتجاه هذا الهدف. والرأي المشترك في القمة بشأن القضية الفلسطينية قد يكون مهما في تشكيل الرؤية الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي".
وشاطره الرأي وو سي كه، المبعوث الصيني الخاص السابق للشرق الأوسط، قائلا " القضية الفلسطينية مسألة جوهرية. وفي ظروف أبدى فيها الرئيس الأمريكي موقفا أكثر انحيازا لإسرائيل، يجدر بالدول العربية أن تظهر صوتها الموحد لكي تخبر الولايات المتحدة بالخط الأحمر للقضية الفلسطينية والهدف الذي تريد أن تحققه، أي تفعيل المفاوضات السياسية وتحقيق الدولتين".
والجدير بالذكر أن هذه القمة شهدت حضور 16زعيما عربيا، أكبر عدد من الزعماء يشارك في القمة منذ اندلاع الربيع العربي عام 2011. كما جذبت القمة اهتماما دوليا حيث حضر الفعالية كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ميخائيل بوغدانوف، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين، والممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، ومبعوث للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وآخر للحكومة الفرنسية.
وتركزت مواضيع القمة على الأزمات السورية والعراقية واليمنية والليبية ومكافحة الإرهاب بالإضافة إلى القضية الفلسطينية. وتحتاج تسوية أي من تلك الأزمات إلى التضامن العربي.
وقال وو سي كه إن الدول العربية قد أتت إلى نقطة تقاطع مهمة بعد فترة من الضجيج والاضطرابات. وحان الوقت للتفكير بعمق وهدوء وصبر حول كيفية إيجاد طريق لتنمية النفس والتعامل مع الدول الأخرى.
وبشأن الأزمة السورية، ذكر وو إن الدول العربية قد توصلت إلى اتفاق مبدئي حيث أدركت ضرورة حل الأزمة بشكل سلمي. فمع تطور الوضع داخل سوريا وخارجها، وعت بأن حل الأزمة ليس سهلا كما كانت تتوقع.
واستدرك" لكن ما زالت هناك خلافات كبيرة عندما يأتي الأمر إلى بعض التفاصيل"، داعيا الأطراف المعنية إلى التفكير في المشاكل بشكل هادئ وشامل لإيجاد حلا يرضي الجميع، مؤكدا أن ذلك " يحتاج إلى نية وذكاء وجرأة من السياسيين".
واتفق يو على أن تفاقم الوضع السوري يتعلق بالخلافات بين الدول العربية، لذلك، يحتاج الحل إلى اتفاق بين الدول العربية أولا.
وما زال مقعد الممثل السوري شاغرا في القمة على الرغم من أن بعض الدول العربية قد دعت إلى عودة سوريا للجامعة العربية. وفي ظل تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية وغياب الممثلين السوريين في القمة، أبدى الخبراء الصينيون قلقهم إزاء هذا الوضع.
وقال وو إن "الصين باعتبارها صديقا قديما لجامعة الدول العربية، تحث الدول العربية على إيجاد النقاط المشتركة من خلال الحوار. إذا اتجه النزاع إلى حل سياسي، لا يمكن أن تجد الأفكار المتطرفة تربة لنموها".
وأكد أن" التنمية هي الحل الوحيد لبعض المشاكل الاجتماعية وتأتي مبادرة الطريق والحزام التي طرحتها الصين منذ أعوام من ضمن تلك الجهود لتهيئة البيئة المناسبة لحل المشاكل عبر التنمية. ولا شك أن القمة العربية تعتبر منصة وفرصة هامة لكي تفكر الدول العربية سويا في هذا الموضوع".
ok