نان تشانغ--- مدينة الأضواء

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  11:17, December 01, 2016

الأول ديسمبر 2016/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ إذا كنت من هواة ركوب القوارب الليلية، فقد تكون مدينة نان تشانغ وجهة مثالية بالنسبة لك في الصين. فقد حبتْ الطبيعة هذه المدينة بكثير من الهبات التي من الممكن أن تثير غبطة أي مدينة أخرى، وخاصة نهر قانجيانغ المتفرع عن نهر اليانغتشي، والذي يعد أحد أهم معالمها الطبيعية وعمودها الفقري. 

إذا كان المؤرخ اليوناني، هيروديت، قد لخّص أهمية النيل بالنسبة لمصر في مقولته الشهيرة، "مصر هبة النيل"، فإن أي مراقب يأتي إلى مدينة نان تشانغ، يمكنه أن يلاحظ بسهولة أن نهر قانجيانغ （赣江）هو الهبة الساحرة لهذه المدينة.

حينما تركب القارب الليلي ترى المدينة بمختلف أبعادها، تاريخها الذي لاتزال أطلاله راسية، حاضرها المليء بالحيوية، وتطلعها إلى التفرّد وإدارة الرّقاب، فعلى الضفة الشرقية ترى موقعا أثريا قديما، إسمه تهنغ وانغ قه（滕王阁）، يعود إلى حقبة أسرة تهانغ في القرن السابع ميلادي، وعلى الضفة الغربية تجد سلسلة من ناطحات السحاب العصرية الشبيهة بناطحات مدينة مانهاتن الأمريكية، أما الجسر المعلق الكبير فهو ليس مجرد كتلة من الفولاذ والإسمنت تربط الضفتين، بل هو كذلك همزة وصل لامرئية بين زمنين مختلفين، وثقافتين مختلفتين.

لكن التناقضات المؤثثة لكينونة المكان لا تقتصر على الزمن والثقافة، بل أيضا الظلمة والنور، وهو تناقض يجعل المشهد الليلي أكثر سريالية. حيث تمثل جميع المباني المحيطة بالنهر شاشات لعروض فنية ضؤئية لمقاطع قصيرة من الموسيقى والسينما والكارتون، تحكي قصصا مختلفة وممتعة، ما يجعل تلك المباني تتخلص من طبيعتها الجامدة، ويزرع فيها روحا فنية وقدرة على التفاعل. وهذا لا شك في أنه إتجاه جديد لتطور عمارة المدن العالمية ومرحلة جديدة من إندماج الفن بالعمارة. ولإن إستطاع معمار ما بعد الحداثة كسر روتين تصاميم وأشكال المباني، فإن إدماج عنصر الفنون الضوئية قد كسر روتين وظيفة المباني، من كونها مكاتب للعمل أو غرف للسكن، إلى كونها لوحات فنية متحركة وتفاعلية، وفي هذا النسق الجديد، تتبوأ مدينة نان تشانغ مكانة ريادية عالميا، فقد دخلت عروض فنونها الضوئية على المباني العام الماضي كتاب غينيس للأرقام القياسية، بإمتلاكها مساحة العرض الأكبر عالميا، تتكون من 293 مبناً على ضفتي النهر.