تعرفت لولو على معلمها للغة الصينية وانغ يونغ ليانغ في حديقة ديتان ببكين، أصبحا يزورا الحديقة معا دائما |
ليديا ستول، 21 عاما، طالبة ألمانية تدرس الآن في الصين، وبالنسبة إليها، التجول في الحديقة القريبة من جامعتها أمر مريح جدا، ويعز عليها حاليا أن تغادر بكين بعد ثلاثة أشهر.
أتخذ ليديا اسما صينيا لنفسها هو "لولو"، وكانت لولو تدرس في جامعة بوتسدام الألمانية في تخصص السياسة والاقتصاد، وجاءت الصين في أغسطس 2015 ضمن برنامج تبادل الطلاب لجامعة التجارة الدولية والاقتصادات، وقالت إن تجربة التعلم في الخارج هي من متطلبات اختصاصها الدراسي، وتعد الصين وجهة ذات جاذبية كبيرة.مضيفة أنه اكانت ترغب في استكشاف أسباب قفزة الصين إلى دولة اقتصادية كبيرة وهي تختلف كل الاختلاف عن الدول المتقدمة الأخرى.
وفي البداية، أرادت البقاء في الصين لفصل دراسي واحد فقط، لأن الصين مكان غريب تماما بالنسبة لها، فلم تكن متأكدة إذا كانت ستعتاد عن المعيشة في الصين أم لا. وبعد شهر واحد، عزمت على تمديد دراستها في الصين لفصل آخر، وقالت لولو إنها تحب الصين كثيرا، تحب ثقافتها وطعامها وشعبها، ورغبت في التعرف على الدولة إلى حد أكبر، فأدركت أنه من المستحيل تحقيقه خلال أربعة أشهر فقط.
قبل قدومها إلى الصين، كان ما في ذهنها عن الصين محدودا جدا، وما تنشره وسائل الإعلام الأوربية عن الصين جميعه من نظرة ضيقة، ومعظم التقاريرالخاصة بالصين "سلبية". ولكن، عندما وطأت أقدام لولو أرض الصين، وشاهدت بعينيها كثيرا من جوانبها الجيدة، منها الحرية والحب والثقافة وغيرها.
وفي الواقع، ظلت وسائل الإعلام الألمانية تشغف بتركيز نشراتها على تاريخ الصين وثقافتها، وقليلاما تقدم تقاريرا عن الحياة اليومية في الصين للجمهور. فظنت الشابة لولو أن اللون الأحمر سيكون في كل مكان بالصين، حيث ترفرف الأعلام الحمراء هنا وهناك.
وجدير بالذكر أن الأطباق الصينية عززت الانطباع الإيجابي للصين في قلب لولو حقا، وقالت إنها تعشق وجبة "القدر الساخن"، وإن مذاقه في المطاعم الصينية بألمانيا يختلف تماما عن ما في بكين، ويجب على أوروبا أن تتعلم من الصين في مجال الطعام.
وما ترك انطباعا عميقا في ذهن لولو هو كرم الصينيين، وأكدت أنها قد سمعت عن كرم الصينيين سابقا، على الرغم من ذلك، ما شعرت به من كرمهم وحماستهم تجاوز توقعاتها بكثير. وأقامت لولو مع أسرة صينية لمدة طويلة، صاحب البيت شاب يبلغ 33 عاما من عمره، ويسكن مع والديه، وسنهما يماثل سن جدي لولو، وكان جد صاحب البيت يعد الطعام للولو يوميا. وفي نهاية الأسبوع، تأتي زوجته وأطفاله أيضا، ويشاركون لولو في أنشطة عائلية مثل مشاهدة الأفلام والسباحة والتنزه في الضواحي وغيرها، حتى احتفلت معهم بعيد الميلاد الأول لطفلة صاحب البيت. وتعدها لولو ذكريات جميلة، ويبدو كأنها واحدة من أعضاء العائلة.
وتعرفت لولو إلى معلمها للغة الصينية وانغ يونغ ليانغ (74 عاما) في حديقة ديتان، وسبق لهذا الموظف المتقاعد من وزارة الجيولوجيا والموارد المعدنية السابقة أن زار مسقط رأس لولو دورتموند وأقام فيه لأكثر من عام، ما جعلها تنجذب إليه رغم فارق السن بينهما. ويعلم وانغ يونغ ليانغ اللغة الصينية للولو مرتين كل أسبوع مجانا، وبعد انتهاء الدرس كل مرة، تعد زوجة وانغ الطعام اللذيذ للولو، ما جعل لولو تشعر بسعادة كبيرة.
وعندما تحدثت عن تنمية المجتمع الصيني، قالت لولو إن الصين تجاوزت أوروبا في كثير من المجالات، على وجه الخصوص التسوق على الإنترنت، حيث في أي متجر بالصين إذا لم يكن معك نقد، فممكن دفع الأموال عبر الهاتف المحمول. ومن السهل العثور على صالونات التدليك في الصين، وهي ليست رخيصة فقط، بل عالية الجودة والخدمة. كل هذه الأشياء تجعلها تشعر بسهولة المعيشة في بكين.
وفي وقت فراغها، تفضل لولو أن تبحث عن "مشاهد ممتعة" في الحدائق، مثل مشاهدة جوقة أكثر من 200 شخص من مختلف الأعمار يؤدون رقص جماعي أو تمارين رياضة بدنية، وغيرها. وتأثرت لولو بهذه المشاهد المفعمة بالحيوية والنشاط، وقالت إنها لن تجد في أي مكان آخر مثل ما ينظمه الناس هنا من أنشطة رياضية ترفيهية إلا في الصين.
كما تحدثت لولو عن حسن أوضاع الأمن العام في الصين أيضا، وباعتبارها فتاة شابة، لم تشعر بعدم الأمن ببكين حتى ولو كانت في المساء. وبالعكس، في وطنها ألمانيا، تتلقى المرأة نظرات غير صديقة في الليل دائما.
ومرت لولو بـ"حدث كبير" قريبا، حيث زار الصين الرئيس الألماني يواخيم غاوك في مايو الماضي، وحضر مع نظيره الصيني شي جين بينغ "حفل افتتاح عام التبادلات بين شباب الصين وألمانيا لعام 2016"، وشهدت لولو بعينيها هذه اللحظة التاريخية بدعوة السفارة الألمانية لدى الصين. وذكرت لولو بكل حماسة، عندما دخل الرئيس شي جين بينغ ونظيره الألماني غاوك القاعة، ساد الصمت في البداية، ثم وقف الجميع قائمين وصفقوا ترحيبا بهما، وعندما ألقى كلاهما كلمته، حبس الجميع أنفاسهم مخافة تضييع أي كلمة أو حركة للزعيمين. كما أضافت لولو أنها لم تدرك إلا في النهاية أنها قد رأت بعينيها أهم زعماء العالم في العصر الحاضر.
وأصبح انطباع الصين في ذهن لولو إيجابي وحيوي أكثر فأكثر. فتشعر بمسؤولية تقديم الصين الحقيقية إلى المزيد من الألمان والأوروبيين، وتريد تعريف فنون الصين المعاصرة كذلك إلى أوروبا. وفي إحدى جولاتها في الضواحي، تعرفت لولو على فنان صناعة الخزف وانغ تشونغ، وجذبتها أعماله الإبداعية بشكل خاص بمجرد أن وقعت عيناها عليها. وتظن أن الكثير من الأوروبيين سيحبون أعمال وانغ، فنصحت وانغ بالخروج من الصين لعرض أعماله الفنية. وفي البداية، تردد وانغ، ولكن الآن، وقد حققت خططهما تقدما، بدأ وانغ تعلم اللغة الإنجليزية، وتولت لولو القيام بترجمة موجزة تعريفية لأعماله، واتصلت بنجاح ببعض المتاحف الألمانية.
وحول الخطة بعد التخرج، قالت لولو إنها تود مواصلة دراستها لنيل درجة الماجستير في اختصاص العلاقات الدولية، وتأمل أن تدخل مجال الدبلوماسية في المستقبل، لأنها تحب أن تكون جسرا للتبادلات بين الدولتين. وعملها المثالي هو في السفارات الألمانية بالخارج. وبسبب تجربة حياتها الدراسية في الصين، تأمل أنها تجد فرصة للعمل في الصين أيضا. وربما ستكون موظفة في السفارة الألمانية لدى الصين، أو تجري أعمال التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، ومن المؤكد أن جهودها ستساهم في خدمة التبادلات الثقافية بين الصين وألمانيا.