بكين 2 أبريل 2016 / عاد الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى البلاد اليوم (السبت) عقب زيارة الدولة التى قام بها إلى جمهورية التشيك وحضور قمة الأمن النووي الرابعة فى واشنطن.
وشهدت الجولة التى استمرت خمسة أيام استمرار الصين فى جهودها لتعزيز التعاون متبادل النفع، وأكدت على التزام الصين بحماية الأمن النووي العالمي.
الارتقاء بالعلاقات الصينية-التشيكية
تعد زيارة شي إلى جمهورية التشيك الأولى من جانب رئيس صيني خلال 67 عاما منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما تعد الزيارة الرسمية الأولى بالنسبة لشي إلى دولة بمنطقة وسط وشرق أوروبا منذ أن تولى منصبه، وذلك حسبما صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
وأضاف وانغ ان جمهورية التشيك أصبحت شريكة هامة للصين فى منطقة وسط وشرق أوروبا وواحدة من الدول الأوروبية الحريصة على تعزيز العلاقات مع الصين.
وتابع وانغ ان الزيارة التاريخية تمثل "معلما" فى العلاقات الصينية-التشيكية، وأنها أعطت قوة دافعة للتعاون بين الصين وأوروبا.
وقد اتفق الجانبان على رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى مرتبة الشراكة الاستراتيحية، وهو ما وصفه وانغ بأنه أهم الانجازات السياسية فى زيارة شي إلى جمهورية التشيك.
فى ذات السياق، اتفق الجانبان على زيادة تعزيز دمج استراتيجيات التنمية الخاصة للبلدين فى إطار مبادرة الحزام والطريق.
وبحكم موقعها بقلب القارة الأوروبية وبالنظر إلى تمتعها بأساس متين من الصناعات، فإن جمهورية التشيك دولة محورية على طول الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وفقا لما قال وانغ، مضيفا انها أصبحت من أكثر الدول أهمية فى التعاون بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا.
ووقع الجانبان أيضا اتفاقية بشأن الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، ما يشكل بداية هامة للتعاون الشامل فى مجال النقل والتصنيع وغيرها من المجالات.
وأوضح وانغ ان الرئيس الصيني قدم عدة مقترحات فيما يخص التعاون الاستراتيجى بين الدولتين، ما قوبل بشكل إيجابى من الجانب التشيكي.
وأضاف أن الجانب التشيكي يقف على أهبة الاستعداد للمشاركة الكاملة فى التعاون بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا، وكذا دفع العلاقات الصينية-الأوروبية إلى الأمام، الأمر الذى يجعل من جمهورية التشيك نقطة انطلاق وبوابة للتعاون بين الصين وأوروبا.
وأشار وانغ إلى انه تم توقيع 10 وثائق حكومية و15 اتفاقية أعمال خلال زيارة شي التى استمرت ثلاثة أيام، مضيفا انها ركزت على التعاون فى مجالات البنية التحتية وتصينع السيارات والمالية والطاقة النظيفة والدواء والصحة والمناطق الصناعية.
كما أوضح ان الدولتين تواجهان إعادة الهيكلة الاقتصادية، ويكمل بعضهما البعض فى الصناعات الخاصة بكل دولة منهما.
كما ان زيارة الرئيس الصيني لم تنصب بالكامل على النواحي السياسية، وإنما لعبت بعض الجوانب الودية والشيقة دورا هاما فى تلك الزيارة.
فالرئيس الصيني، المولع بالرياضة، التقى ببراعم لاعبي كرة القدم ولاعبي الهوكي الجليدي من الدولتين. وبصحبة نظيره التشيكي ميلوس زيمان، قام شي بزراعة نبتة لشجرة الجنكة الصينية التى ترمز إلى الصداقة بين الدولتين، حسبما ذكر وانغ.
حماية الأمن النووى العالمي
وأوضح وانغ انه فى حين ان الوضع الأمني الدولي يمر بحالة تحول كبيرة فى ظل الحوادث الارهابية على مستوى العالم، فإن صيانة الأمن النووي العالمي والوقاية من الارهاب النووي يصبحان من الأشياء ذات الأهمية القصوى بالنسبة للعالم.
وقال إن حضور الرئيس الصينى للقمة الرابعة للأمن النووى بواشنطن يظهر مدى اهتمام الصين بأهمية الأمن النووى ويعكس استعداد الصين لتعزيز الحوكمة الامنية العالمية.
وأضاف انه فى القمة الثالثة للأمن النووي فى لاهاي، قدم شي طرحا حول مفهوم "عقلاني ومنسق ومتوازن" للأمن النووي، ودعا الى بناء نظام عالمي للأمن النووي يقوم على النزاهة والتعاون المربح لكافة الأطراف.
وخلال هذه القمة، توسع شي فى الحديث عن كيفية تعزيز نظام الأمن النووي الدولي، بما فى ذلك تعزيز الالتزام السياسي والمسئولية الوطنية والتعاون الدولي وثقافة الأمن النووي.
وقدم شي اقتراحا من خمس نقاط حول كيفية تعزيز التعاون الدولى فى مجال الأمن النووي -- إنشاء شبكة خاصة ببناء القدرة فيما يخص الأمن النووي ودعم كافة الدول فى تخفيض استخدامها لليورانيوم عالي التخصيب بحسب احتياج كل دولة وتعزيز نظام المراقبة الوطنية للطاقة النووية ومساعدة الدول الأخرى فى تعزير قدراتها فى مجال المراقبة الامنية والاسهام فى تعزيز سلامة وأمن الطاقة النووية على مستوى العالم.
وقال وانغ إن اقتراح شي، الذى يصب فى مصلحة العالم كله من خلال توفير السلع العامة، قوبل بالترحيب من جانب الدول المشاركة فى القمة.
وفى الجلسة الكاملة للقمة، أطلع شي المشاركين فى القمة على التطور الذى حققته الصين منذ قمة 2014 من خلال عرض شامل لمبادرات وانجازات الصين فى مجال الأمن النووي مثل دعم الآليات وبناء القدرة على المستوى الوطني والتصديق على كافة المعاهدات القانونية الدولية فى مجال الأمن النووي والتعزيز النشط للتبادلات والتعاون على المستوى الدولي.
وأوضح وانغ أن الصين قدمت "التقرير الوطنى للتقدم فى مجال الأمن النووي" إلى القمة، واستعرضت ما حققته من انجازات فى هذا المجال.
وأضاف ان انجازات الصين فى مجال الأمن النووي "ملموسة وواضحة"، وباستطاعتها أن تصمد أما اختبار الزمن والتاريخ، وأنها تقدم صورة منفتحة وواثقة ومسئولة عن الصين لباقي دول العالم.
وتابع وانغ ان مفهوم الصين عن الأمن النووي الذى قدمه شي حظى بدعم من الدول المشاركة فى القمة، وتم تبنيه فى البيان المشترك الذى صدر فى نهاية القمة.
وأصدرت الصين والولايات المتحدة، بكونهما قوتين نوويتين فى العالم، بيانا مشتركا حول التعاون فى مجال الأمن النووي يوم الخميس الماضي، ما يعد بؤرة ضوء القمة.
وقد أنشأت الدولتان مركز التميز فى مجال الأمن النووي فى بكين، وهو أكبر مركز من نوعه فى منطقة آسيا-الباسيفيك.
وأوضح وانغ ان كافة هذه الانجازات كشفت عن التعاون المثمر بين الصين والولايات المتحدة فى مجال الأمن النووي وقضايا الحوكمة العالمية الأخرى.
وحضر شي أثناء القمة اجتماعا بمشاركة قادة الدول الست التي ساعدت فى التوسط فى الاتفاق النووي الايراني، وهو أحد الأحداث التى تمت على هامش القمة الرابعة للأمن النووي.
وشرح شي المبادئ الأساسية التى تتبناها الصين حيال القضايا النووية الايرانية، وقدم خلال ذلك الدليل السياسي للتنفيذ الكامل للاتفاقية المتابعة.
وأضاف وانغ أن الرئيس شي اجتمع أثناء القمة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وانهما تبادلا وجهات النظر حول عدد كبير من القضايا ذات الاهتمام المشترك وتوصلا إلى توافقات هامة.
وحيث أشاد شي وأوباما بالتعاون الثنائي فى مجالات الأمن النووي والتغير المناخي، اتفق الزعيمان على تعميق التعاون العملي فى مجالات عدة، وادارة خلافاتهما بشكل بناء والاستمرار فى دفع العلاقات الثنائية.
وتابع وانغ أن النغمة السائدة فى لقاء الزعيمين كانت إيجابية وبناءة، وأرست أساسا جيدا للتنمية الجيدة والمستقرة للعلاقات المستقبلية بين الصين والولايات المتحدة.
شرح سياسات الصين
وأوضح وزير الخارجية ان جولة شي، التى تأتي بعد وقت قصير من إصدار الصين لخطتها الخمسية ال13 للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، نظر اليها العالم على انها فرصة للرد على المخاوف الدولية بشأن التنمية الاقتصادية فى الصين.
وخلال جولته، استغل الرئيس الصيني فرصا متنوعة خلال المحادثات الثنائية والاجتماعات متعددة الأطراف والمناقشات غير الرسمية لكي يشرح استراتيجيات وفلسفة التنمية فى الصين ليعزز الثقة فى مستقبل الاقتصاد الصيني.
وقال شي إن الاقتصاد الصينى سيحتفظ بقوة دفع جيدة للنمو على المدى الطويل، وسيستمر فى المساهمة الكبيرة فى الاقتصاد العالمي من خلال إعادة الهيكلة الاقتصادية وبناء قوة دافعة جديدة للنمو.
وقال وزير الخارجية إن تأكيد شي بشأن مستقبل الاقتصاد الصيني عزز من التوقعات الايجابية بشأن الاقتصاد الصيني من جانب العالم الخارجي.
وفيما يخص الخطة الخمسية ال13، قال شي إن الصين ستغير نمط نموها من خلال فلسفة تنمية جديدة من أجل التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد للصين.
وأوضح شي ان الخطة الخمسية توفر ظروفا أكثر ملائمة وفرصا أكثر تنوعا للدول المشاركة فى البناء الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف وانغ ان حديث الرئيس شي المفصَّل عن سياسات الصين سمح للعالم بفهم أفضل للنمو الصيني، وعمل على تعزيز توقعاته لمستقبل الاقتصاد الصيني.