بكين 15 يناير 2016 /سيرى من يصفون الصين بالمتفرج على ما يحدث في الشرق الاوسط بكين تتبنى منهجا استباقيا تجاه المنطقة ذات الاهمية الجيوسياسية الكبرى الاسبوع المقبل.
اعلنت وزارة الخارجية الصينية الجمعة ان الرئيس شي جين بينغ سيقوم بزيارات دولة الى السعودية ومصر وايران فى الفترة من 19 يناير الى 23 يناير.
وفي حين يحتاج ثاني اكبر اقتصاد في العالم للنفط لتغذية تنميته, تذهب الزيارة الاولى التي يقوم بها رئيس صيني منذ اكثر من خمس سنوات مضت على بداية الاضطرابات في المنطقة, الى ما هو ابعد من تأمين امدادات الطاقة بها.
وبالاضافة لتوقعات بان تكون قضايا التعاون الاقتصادي وازمة اللاجئين والارهاب موضوعات لا يمكن تجنب الحديث عنها خلال جولة شي, ستظهر الصين للعالم انها ملتزمة بتحقيق السلام والتنمية في الشرق الاوسط.
مزيد من المشاركة
انتقد بعض الغربيين سياسة عدم التدخل التي اتبعتها الصين تجاه قضايا الشرق الاوسط, رغم تقديرها من جانب العالم العربي, ووصفوها بانها حجة "للبقاء بمعزل" عن المنطقة الساخنة.
الا ان الحقيقة هي ان درجة اهمية وتعقيد الوضع هناك لا تسمح بقرارات سابقة لاوانها ولا اعمال متهورة.
ويقول وو بينغ بينغ، مدير معهد دراسات الثقافة العربية-الاسلامية التابع لجامعة بكين "تحتاج الصين إلى الدراسة الكافية والبحث والحكم السليم من أجل وضع سياسات تتلائم مع التغيرات السريعة في الشرق الاوسط.
ونشرت الصين, قبل زيارة شي بوقت قصير, وثيقة سياسات تجاه الدول العربية، مؤكدة مجددا على الاهمية الاستراتيجية التي توليها بكين للمنطقة.
وتقول الوثيقة الاولى من نوعها التي تصدرها الحكومة الصينية إن الصين تبنت طويلا مبدأ دبلوماسيا ينطوي على توطيد وتعميق الصداقة التقليدية الصينية-العربية.
وتؤكد في الوقت ذاته على رغبة الصين في اثراء وتعميق التعاون الشامل ومتعدد المستويات والنطاقات مع الدول العربية وحماية السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم اجمع.
وللدول الثلاث التي سيزورها شي علاقات قوية بالصين. وفي مواجهة التطور الاقليمي الجديد, "تحتاج الصين لتقوية تعاونها وعلاقاتها معها," حسبما يقول هوا لي مينغ، السفير الصيني السابق لدى ايران.
ودخلت السعودية وايران مرحلة جديدة من نزاعهما الطائفي الممتد. ورغم عدم انحياز الصين لاي منهما, ستكون فرصة نادرة للصين لتدعو الى الهدوء وضبط النفس.
وكما تقول الوثيقة, فان الصين تدعم جهود تلك الدول في تعزيز التضامن.
مبادرة "الحزام والطريق"
خلال جولة شي التي طال انتظارها, ستخلق المزيد من الفرص الملموسة وخاصة مبادرة "الحزام والطريق".
وربما يبحث الرئيس مع الدول الثلاث سبل ربط المبادرة بخطط التنمية في كل منها.
تحتاج الصين لانماط متنوعة من التعاون مع الدول المختلفة, حسبما يقول يانغ قوانغ، المدير العام لمعهد دراسات غرب اسيا وافريقيا في الاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.
ومع مصر وايران حيث التعداد السكاني الضخم, على الصين التركيز على التعاون في مجال قدرات الانتاج الذي قد يسفر عن خلق مزيد من فرص العمل للمجتمعات المحلية، وفقا لما قال.
وفي دول اصغر حجما, على الصين المساعدة في بناء منصات خدمات تحمل سمات مثل المراكز المالية ومراكز التخليص ومحاور النقل الجوي والموانىء التجارية, بحسب يانغ.
واضاف انه يتعين على الصين مساعدة دول المنطقة فى تحسين الارتباطية من خلال الارتقاء بالاتصالات والوصول للانترنت, واصفا ذلك بالجزء الحيوي في تنفيذ المبادرة في الشرق الاوسط.
والسفير المصري في الصين مجدي امير من بين العديد الذين يتطلعون الى رؤية المبادرة تؤتي ثمارها. فبينما تتطلع بلاده لاقامة مشروعات ضخمة منها قناة السويس الجديدة لاعادة الحيوية للاقتصاد, فالخبرات الصينية قادرة بالفعل على مد يد العون.
ويقول إن الطرق الجوية والمائية التي توفرها مصر ربما تسهل الاستثمارات الصينية في المنطقة وما بعدها, في الوقت الذي ستحصل فيه مصر على فرصة تصديرية اكبر للصين واستقبال مزيد من السياح الصينيين.
وبحسب نموذج التعاون "3+2+1" المعلن عنه في 2014 لتنفيذ المبادرة في المنطقة, يمكن للصين ودول الشرق الاوسط تحقيق اختراقات في مجالات التكنولوجيا الفائقة فى الطاقة النووية والاقمار الصناعية والطاقة الجديدة.
الحل الصيني
اكدت الصين فى الوثيقة على التزامها بالسلام والاستقرار في الشرق الاوسط والحل السياسي للقضايا الاقليمية الساخنة في اشارة الى الرغبة الصينية في القيام بدور نشط وبناء في المنطقة.
وعلى مدار العقود الماضية, تحملت الصين المسؤولية وقدمت اسهامات لتعزيز المحادثات النووية الايرانية ونزع فتيل الازمة السورية.
واشار وو "عبر تعزيزها المحادثات النووية الايرانية, تساعد الصين المجتمع الدولي فى ايجاد سبيل لحل المشكلات المزمنة سياسيا وسلميا، وهو امر غير مسبوق."
أصبح موقف الصين الثابت من تضييق فجوة الخلافات على نحو شامل ومفتوح وحل النزاعات عبر الحوار والمشاورات مفهوما ومقبولا من قبل الكثيرين.
الخلاف السعودي الايراني, تحدثت الولايات المتحدة وروسيا وبعض الدول الاوروبية ودول ذات ثقل اقليمي مثل تركيا بصوت واحد واعربت عن املها في ان يحل البلدان المشكلة بطريقة سلمية بما يتماشى مع التفكير الصيني, وهو الامر نفسه بالنسبة لمحادثات السلام السورية, حسبما قال وو.
وخلال منتدى عقد في بكين العام الماضي, قال الاخضر الابراهيمي المبعوث الخاص السابق للامم المتحدة والجامعة العربية لسوريا إن الصين التي تلتزم بمبدأ العدل والصداقة, وتتمتع بسمعة جيدة بين دول الشرق الاوسط.
ومفندا مغالطة غربية بان الصين تحاول التهرب من تحمل المسؤولية الواجبة, قال وو "الامر مختلف تماما. فما فعلته الصين هو التمسك بموقفها في القضايا السياسية وتلبية المطالب العملية للسكان المحليين في التنمية والمساعدة في تحسين مستوى معيشتهم."
وتتخذ الصين مميزاتها في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية والتكنولوجية لتنفيذ التعاون المربح للجميع فى الدول العربية لتحسين مستويات المعيشة بفاعلية.
وقال وو "من الثمين للغاية ان الصين لم تفرض مطلقا اراءها الخاصة على الاخرين حتى عندما تقع الخلافات. وهذا يكشف عن احترام الصين للدول الاخرى."
وتابع "للصين حلولها الخاصة وتفكيرها الخاص ... وان مثابرتها نفسها موقف مسؤول ويحمل مزيدا من الخيارات لحل المشكلات."