عمان 15 يناير 2016/ أكد خبراء أردنيون أن الوثيقة الرسمية التي أصدرتها الحكومة الصينية هي بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم تؤطر العلاقات الصينية العربية على الأمد الطويل وبعيدة عن الارتجال والمزاجية ولغة المصالح التي كثيرا ما تطبع العلاقات بين الدول على الصعيد العالمي.
واعتبر وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني أن الوثيقة الرسمية التي أصدرتها الحكومة الصينية بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم للتعاون الثنائي بين الصين والدول العربية ، خاصة أنها شملت كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها .
وقال الوزير المومني لوكالة الأنباء الصينية ((شينخوا)) إن الوثيقة تدل على الخط السياسي بعيد الأمد للدولة الصينية الذي يستند إلى خطوات ثابتة وواضحة دون أية غموض.
وأكد أن بلاده تتطلع إلى تطور إيجابي للعلاقات الثنائية مع جمهورية الصين الشعبية وتوسيع آفاقها وخاصة أن العلاقات بين الأردن والصين خطت خطوات كبيرة في عهد الملك عبد الله الثاني وذلك من خلال الزيارات المتبادلة بين القيادتين.
وأضاف الوزير المومني أن الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك إلى الصين في سبتمبر الماضي والتوقيع على عدة اتفاقيات للتعاون الثنائي تعتبر ركيزة للعلاقات وتطورها خاصة أن الأردن كان عضو الشرف في المعرض الصيني العربي.
وذكر أن العلاقات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري بين الأردن والصين يعكسان رغبة الجانبين في تطوير هذه العلاقات التي نأمل أن تتوسع آفاقها مستقبلا ويتم تعديل الميزان التجاري الذي هو حاليا في صالح الجانب الصيني.
وأكد احترام الأردن والدول العربية لمواقف الصين المتزنة والمساندة للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والعدالة الإنسانية.
وأشار إلى أن هناك آفاقا كبيرة وواسعة على صعيد التعاون التكنولوجي ومجالات التعدين والطاقة إضافة إلى رغبة الصين في تمويل المشاريع الإستراتيجية في مجال الطاقة والذي تتوج بتمويل بنك الصين والبنك التجاري والصناعي لمشروع الصخر الزيتي بقيمة 1.6 مليار دولار وهو أكبر تمويل حصلت عليه المملكة الأردنية في تاريخها.
وقال الوزير المومني إننا في الأردن نتطلع إلى جذب السياح الصينيين وزيارة الأماكن السياحية والأثرية والحضارية خاصة أن مدينة البتراء الأثرية وسور الصين العظيم كانا من الأوائل في اختيار العالم لعجائب الدنيا السبع.
وأكد أن لدى الأردن مشاريع كبرى في مجال المياه والتعدين يمكن للصين أن تستثمر فيها وأن الأردن يتطلع لاستقطاب الاستثمارات الصينية في المجال الصناعي ويكون الأردن محطة للانطلاق إلى الأسواق العربية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي خاصة أن الأردن لديه اتفاقيات تجارية مع هذه الدول والتي تعطي تسهيلات بحركة المرور دون عوائق ضريبية.
وقال الوزير المومني إن الأردن يتطلع إلى التحسن في العلاقات الثقافية المتنامية بين البلدين لتكثيف التواصل الحضاري والإنساني بين البلدين من خلال تبادل الزيارات والوفود وإقامة المعارض والمهرجانات الفنية والتراثية من أجل إطلاع الشعبين على حضارة الآخر .
ومن جانبه ذكر وزير الإعلام الأردني الأسبق الدكتور نبيل الشريف أن الحكومة الصينية أحسنت صنعا بإصدارها أول وثيقة رسمية من نوعها حول سياستها تجاه الدول العربية، موضحا أن هذا الإجراء المقدر يدل ابتداء على اهتمام الحكومة الصينية بتطوير علاقاتها مع الدول العربية وفق منهج محدد وخطة واضحة بعيدا عن الارتجال والمزاجية ولغة المصالح التي كثيرا ما تطبع العلاقات بين الدول على الصعيد العالمي.
وأضاف لوكالة ((شينخوا)) أن أول ما يلفت الانتباه في هذه الوثيقة التاريخية هو أنها تطلق على العالم العربي صفة الشريك. وعندما تفعل الصين ذلك، وهي العملاق الاقتصادي والسياسي الذي يخطب وده الكثيرون، فهي إنما تفعل ذلك انطلاقا من احترامها للدول العربية وتقديرها لمساهمة العرب في تاريخ وحاضر التنمية البشرية، وأيضا إدراكا منها للدور الذي لعبته الشراكة العربية -الصينية في الماضي، عندما لم يكن "خط الحرير" الواصل بين حضارتين عظيمتين مجرد ممر تجاري ، بل كان ناقلا عظيما للأفكار والثقافات والقيم في الإتجاهين.
وقال إن إصدار هذه الوثيقة التاريخية من دولة عظيمة كالصين يدل دلالة قاطعة على أن العلاقات العربية- الصينية مرشحة في المرحلة القادمة لنقلة تاريخية يتعزز فيها التواصل والتنسيق والتشاور بين الطرفين في كل المجالات بما ينعكس إيجابا على التعاون بين الطرفين في كل المجالات وبما يخدم المصالح المشتركة للصين والعالم العربي.
وأكد أن توقيت إصدار هذه الوثيقة يحمل دلالات كبيرة، فالعالم العربي مثخن بالجراح في هذه المرحلة، كما أن العديد من الدول العربية تمر بظروف طاحنة من الحروب والفتن والاقتتال، مشيرا الى أن الصين أكدت من خلال هذه الوثيقة أن العالم العربي، بالنسبة لها، شريك تاريخي، وأن الظروف العابرة التي تمر بها المنطقة العربية لاتقلل من الأهمية الإستراتيجية لهذا الجزء الحيوي من العالم وأن نظرة الصين للعلاقات العربية- الصينية نظرة راسخة تتجاوز تحديات الحاضر وتراهن على ثوابت التعاون بين الطرفين التي نجحت في الماضي نجاحا مذهلا ، كما أنها مرشحة، إذا ما صح العزم وصدقت النوايا، للعب دور محوري مميز في المرحلة المقبلة.
وقال إن الصين أكدت في هذه الوثيقة المميزة دعمها لإقامة الدولة الفلسطينية وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ، وهذه رسالة واضحة من دولة كبرى لها احترامها ودورها وتقديرها على رفض سياسات الاستقواء والترهيب وفرض الأمر الواقع على الآخرين، والاستعاضة عن ذلك بنهج الحوار والتوافق واحترام حق الجميع في العيش بحرية وكرامة والتمتع بنفس الحقوق والواجبات.
وأكد أن الواجب يقضي أن نحيي من الأعماق الحكومة الصينية لإصدارها هذه الوثيقة التاريخية التي تحدد فيها معالم سياستها تجاه العالم العربي، ويجب أن يتم بلورة وثيقة عربية مقابلة تصدرها جامعة الدول العربية وتحدد فيها المنطلقات الإستراتيجية لتعامل العالم العربي مع الصين بما يعود بالخير على الشعبين الصيني والعربي ويحقق أحلامهما في التعاون والشراكة والتنسيق في عالم يسوده الأمن والطمأنينة والازدهار.