بكين 29 نوفمبر 2015 /مع تأكيد أكثر من 150 مسؤول دولة مشاركتهم، جذبت الدورة الـ21 لمؤتمر تغير المناخ العالمي الذي سيعقد في العاصمة الفرنسية باريس في الفترة من 30 نوفمبر الجاري إلى 10 ديسمبر القادم، اهتماما عالميا.
ومن المقرر أن يصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى باريس اليوم (الأحد) ويحضر المؤتمر غدا الاثنين لإلقاء كلمة. وستسجل زيارة شي أول مشاركة لرئيس صيني في مؤتمر تغير مناخ منذ بدء دورته الأولى عام 1995، ما يؤكد اهتمام الصين بمشكلة تغير المناخ وصب الثقة لتحقيق الدول العالمية نتائج إيجابية فيه.
--من الضغوط الدولية إلى تعزيز الاقتصاد الأخضر وطنيا
ونيابة عن الدول النامية الكثيرة، دعت الصين دوما بل وضغطت من أجل تطبيق مبدأ "مسؤوليات مشتركة ولكن مختلفة"، ومبادئ العدالة والقدرة الذاتية، وحماية حقوق التنمية للدول النامية بحزم، وحثت الدول المتقدمة على تحمل مسؤولياتها التاريخية والوفاء بتعهداتها للدول النامية بتوفير رأس المال اللازم ونقل التكنولوجيا بأسرع وقت ممكن لمساعدتها على التكيف مع آثار التغير المناخي.
وتعهد الرئيس الصيني شي خلال انعقاد قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في سبتمبر الماضي بمقر الأمم المتحدة بأن تعزز الصين قدرتها للسيطرة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وخفض انبعاثاته بـ40-45 بالمائة بحلول عام 2020 مقارنة بما في عام 2005.
وأشاد مارتينيز سليمان، نائب الأمين العام للأمم المتحدة ونائب مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بإجراءات الصين وجهودها، قائلا إن "الصين والولايات المتحدة وأوروبا قدمت أكبر مساهمات في الحرب العالمية ضد التغيرات المناخية، من خلال ثلاثة أنواع من الإجراءات في التحول السياسي والاقتصادي"، مشيرا إلى أن الصين قد قدمت مثالا بالفعل في التحول الاقتصادي الأخضر.
وطرحت الحكومة الصينية في خطتها الخمسية الـ13 الأخيرة، والتي تحدد هدف النمو الاقتصادي والاجتماعي في البلاد للسنوات الخمس المقبلة، لأول مرة، فكرة "الابتكار والتنسيق والنمو الأخضر والانفتاح والنمو المشترك"، وهو ما أبرز تحولا أساسيا في فكرة ونمط التنمية الوطنية الصينية.
وقال خه جيان كون، نائب مدير لجنة الخبراء لشؤون تغير المناخ، في مقالة نشرت مؤخرا، إن تعهد الصين الجديد بخفض الانبعاثات الكربونية، سيلعب دورا إيجابيا في دفع نمط النمو الاقتصادي وتحويل هيكل الصناعات، مؤكدا أن خطة الصين تأخذ في الاعتبار العناصر الدولية وفي نفس الوقت الاحتياجات المحلية.
وأضاف أن الخطة التي تحتاج إلى 10 تريليونات يوان (نحو 1.5 تريليون دولار أمريكي) حتى عام 2030للاستثمار بمجال الطاقة المتجددة، و30 تريليون يوان آخري لخفض استهلاك الطاقة والحد من التصحر من بين إجراءات أخرى، ليست خطة سهلة بل ستضطر الصين إلى بذل جهودها القصوى لتحقيقها.
وربطت الصين برنامج النمو الأخضر بخطتها للإصلاح الاقتصادي الوطني ومن ثم تحول الهدف العالمي إلى مطلب محلي لضمان أمن الطاقة وخفض التهديدات المناخية، وفقا لما قال نائب وزير الخارجية الصيني ليو تشن مين في مؤتمر صحفي عقد قبل مغادرة الرئيس شي يوم 25 نوفمبر الجاري.
--دبلوماسية المناخ
ومن أجل تعزيز تبادل الآراء وتنسيق المواقف، أطلقت الصين منذ بداية القرن الـ21، ما وصفته تقارير إعلامية بـ "دبلوماسية المناخ" بهدف دفع التعاون بين الصين والدول العالمية لبناء مجتمع أكثر أخضارا وأكثر استدامة، وفي الوقت نفسه خلق الكثير من فرص العمل الجديدة والتنعم باقتصاد جيد.
وفي هذا الصدد، خلال العامين الجاري والفائت، وقعت الصين والولايات المتحدة مرتين على بيان مشترك بشأن تغير المناخ، كما نجحت الصين هذا العام في التوصل إلى بيانات مشتركة مع البرازيل والهند والاتحاد الأوروبي في هذا المجال.
وواجهت الدول المتقدمة صعوبة في إصدار أموال "صندوق المناخ الأخضر" التي وعدت بتوفيرها للدول النامية لدعم جهودها في مكافحة تغير المناخ منذ عام 2011، بقيمة 100 مليار دولار أمريكي لكل عام. وفي المقابل، أكد الرئيس شي أثناء قمة النمو المستدام للأمم المتحدة في سبتمبر العام الجاري، أنه سيدفع تنفيذ "صندوق الصين للتعاون مع بلدان الجنوب في مجال تغير المناخ" بقيمة 20 مليار دولار أمريكي، في أسرع وقت ممكن لدعم جهود الدول المحتاجة في مكافحة تغير المناخ.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة، تكفلت الصين، في إطار برنامج "تعاون الجنوب-الجنوب" بـ2700 مليون دولار أمريكي لمساعدة الدول النامية على رفع قدرتها على مواجهة تغير المناخ، ودربت حوالي 2000 مسؤول وخبير في مجال المناخ من الدول النامية.
--الدول العربية: على متن نفس "سيارة السباق"
وفي مقابلة مع وكالة ((ريويترز)) قبل زيارته لبريطانيا الشهر الفائت، قال الرئيس شي إن مشكلة تغير المناخ تعد تحديا عالميا لا يمكن أن تواجهه أي دولة بمفردها، مشيرا إلى أن الدول المتقدمة والنامية لديها مسؤوليات تاريخية مختلفة واحتياجات وقدرات تنموية متباينة. "الأمر أشبه بـ "سباق السيارات" من غير المعقول ومن غير المنصف أن يتم تطبيق نفس متطلبات السرعة على السيارات التي قطعت شوطا طويلا وتلك السيارات التي ما زالت عند خط البداية. الدول المتقدمة لابد أن تقود الطريق في معالجة تغير المناخ.
وفي تقرير مؤشر التنمية البشرية عام 2014 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام الماضي، احتلت الصين المرتبة الـ91 بين أكثر من 180 دولة، أما الدول العربية، باستثناء الدول الخليجية الغنية بالنفط، جاء نصفها بعد الرقم الـ100، خاصة العراق وسوريا والسودان وجيبوتي التي كانت في أواخر القائمة.
وتواجه الصين، التي دخلت "الوضع الطبيعي الجديد"، والدول العربية التي تعاني من أوضاع أمنية مضطربة وأزمات اقتصادية شديدة في السنوات الأخيرة، تحديا لتجديد زخم نموها وخلق فرص العمل ورفع معيشة شعوبها.
وفي جهودهما للبحث عن التعاون في الاقتصاد الأخضر، أطلق الجانبان عام 2008 الدورة الأولى من مؤتمر التعاون في مجال الطاقة بين الصين والدول العربية في سانيا بجنوب الصين، وأصبح المؤتمر آلية دورية وفعالة تعقد كل عامين. وفي إطاره، توصلت الصين إلى اتفاق تعاون مع السودان والسعودية ومصر واليمن وغيرها من الدول العربية في مجال الطاقة المتجددة.
وفي السنوات الأخيرة، قدمت الحكومات السعودية والإماراتية والمصرية خطة التنمية في الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والمياه والشمس، من أجل دفع إصلاح هيكل الاستهلاك في مجال الطاقة. أما الصين، التي تتقدم في مجال الطاقة الشمسية والرياح ولكن واجهت مشكلة في الإنتاج المفرط وتشبع السوق الأوروبية والأمريكية، تحاول اغتنام فرصة العمل مع الدول العربية.
وحتى عام 2015، حققت الصين إنجازات كبيرة في ذلك، حيث أعلنت الحكومة المصرية في مارس الفائت فتح سوق توليد الكهرباء بشكل كامل أمام الشركات الصينية. وخططت الحكومة المصرية لجذب استثمارات بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي في مجال الكهرباء لكل عام، وزيادة التركيز على طاقة الرياح والشمس والطاقة النووية. وقد أعلنت الصين ومصر في العام الجاري إنشاء المختبر المشترك للطاقة المتجددة لرفع قدرة توليد الكهرباء في مصر من خلال بناء عدة منشآت اختبارية نموذجية ونقل التكنولوجيا إلى أنحاء البلاد.
وفضلا عن التعاون في مجال الطاقة المتجددة، دفعت الحكومة الصينية التبادلات بين الخبراء في مجال حماية البيئة لمكافحة تأثيرات تغير المناخ. وقد شارك حوالي 200 مهندس من 21 دولة عربية في تدريبات خاصة بشأن "بناء شبكة العشب للحفاظ على المياه وتجنب التصحر في المناطق الجافة"، والتي أطلقت في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم منذ 2006. وتعلم الخبراء العرب من نظرائهم الصينيين الذين يتمتعون بخبرات وافرة نتيجة عملهم الطويل منذ الخمسينات من القرن الماضي، حيث حققت نينغشيا التي كانت 21.3% من أراضيها صحراء نتائج بارزة في مكافحة التصحر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn