بكين 31 أكتوبر 2015 /بدأ رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ يوم السبت زيارته الرسمية إلى جمهورية كوريا ومن المقرر أن يحضر القمة الصينية - اليابانية- الكورية الجنوبية بعد توقف دام ثلاثة سنوات ونصف لهذه الآلية الثلاثية.
ولدى تفسيرهم ذلك بأنه علامة على علاقات متزايدة الدفء ، أعرب الخبراء في المنطقة عن اعتقادهم بأن استئناف القمة سيساعد على تحسين الأمن والتعاون في شمال شرق آسيا وأيضا دفع محادثات التجارة الحرة قدما بين الدول الثلاث .
ولكنهم قالوا إن ذلك لا يكفي لعودة هذه الآلية الثلاثية ببساطة إلى النقطة التي كانت تقف عندها قبل ثلاث سنوات.
ويتعين بشكل خاص على الحكومة اليابانية إعادة النظر في سياستها تجاه الصين وكوريا الجنوبية وموقفها تجاه القضايا التاريخية، حتى تعود العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية الشاملة بين الدول الثلاث إلى مسار متوازن وصحي.
-- "اختلال التوازن"
ووصف ليو جيانغ يونغ، نائب عميد معهد العلاقات الدولية الحديثة في جامعة تسينغهوا، وصف الوضع الحالي للعلاقات بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية بأنه "مختل التوازن".
وقال إنه "منذ بداية القرن الـ21، تتطور العلاقات الصينية-الكورية الجنوبية والعلاقات الصينية- اليابانية والعلاقات الكورية الجنوبية- اليابانية بشكل متفاوت. ويرجع السبب الجذري لذلك إلى الانحراف السياسي لليابان تجاه اليمين".
وأضاف أن الخلل واضح في العديد من الأوجه.
فالنمو السريع للصين يعمل على تغيير المشهد الاقتصادي في شمال شرق آسيا. ولكن بسبب التحولات والانعطافات في العلاقات الصينية-اليابانية، فشلت اليابان في الصعود على متن القطار السريع للاقتصاد الصيني فيما لحقت كوريا الجنوبية به على وجه السرعة.
وعلى الصعيد السياسي، تبادل قادة الصين وكوريا الجنوبية الزيارات في عامي 2013 و2014، ما ساهم في تدعيم التعاون القائم على البيان الصيني- الكوري الجنوبي المشترك من أجل المستقبل، فضلا عن خطة العمل الرامية إلى إثراء شراكة التعاون الإستراتيجية بين الصين وكوريا الجنوبية.
وعلى العكس منذ ذلك، منذ عودة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى السلطة في عام 2012، تدهورت علاقات اليابان مع هاتين الجارتين.
وقال ليو إن"بعض الناس يقولون إن تدهور العلاقات الصينية-اليابانية يرجع إلى انتقال السلطة في شرق آسيا في الوقت الذي تشهد فيه الصين نهوضا، ولكن وجهة النظر هذه لا يمكن أن تفسر سبب تحسن العلاقات الصينية- الكورية الجنوبية فيما تواجه العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية عراقيل".
وباعتبارها جزءا حاسما من التعاون في شرق آسيا، طُرحت فكرة الآلية الثلاثية في عام 1999 وبدأت الاجتماعات السنوية لقادتها في عام 2008 ولعبت دورا مهما في تعزيز الثقة السياسية المتبادلة والتعاون الاقتصادي والتبادلات الشعبية بين البلدان الثلاثة.
ولكن آلية الاجتماع هذه عُلقت في عام 2012 بسبب سلسلة من التحركات اليابانية بشأن القضايا التاريخية والمتعلقة بالسيادة التي استفزت الصين وكوريا الجنوبية. وأسفرت السياسات اليمينية التي انتهجتها اليابان عن تعليق محادثات القمة وألحقت الضرر بالتعاون الثلاثي.
فعلى سبيل المثال، اتخذت خلال السنوات الثلاث الماضية خطوات أولي لتحقيق اتفاقية التجارة الحرة المقترحة بين الصين وكوريا الجنوبية، فيما افتقرت مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية إلى إحراز تقدم جوهري.
-- التعاون
وذكر سفير الصين السابق لدى اليابان شيوي دون شين أن "اجتماع وزراء الخارجية الثلاثي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية الذي عقد في سول في منتصف مارس أرسى أساسا للاجتماع المرتقب للقادة الثلاثة ".
وأضاف أن منطقة شرق آسيا، باعتبارها أحد المناطق الأكثر دينامية في العالم، تواجه تحديات معقدة فيما تتمتع بقوة دفع جيدة من التنمية الشاملة. ويتعين على البلدان الثلاثة العمل معا لتدعيم التعاون العملي في شتى المجالات وتعزيز التنمية السلمية والمستقرة بشكل مشترك في المنطقة.
وذكر بيتر درسدال الخبير الاقتصادي والمحرر بصحيفة ((منتدى شرق آسيا)) الصادرة عن الجامعة الوطنية الاسترالية "رغم عقبة التقلبات السياسية في العلاقات بين الصين واليابان وبين كوريا الجنوبية واليابان وضعف أساسات الثقة، إلا أنه يجرى بناء محور آخذ في الازدهار للنمو الاقتصادي والاعتمادية التبادلية بين اقتصادات شمال شرق آسيا".
ويعتقد شيرو أرمسترونغ، المدير المشترك في مركز أبحاث استراليا-اليابان، والمحرر المشترك لـ مجلة ((منتدى شرق آسيا)) في الجامعة الوطنية الاسترالية، يعتقد أن العلاقات السياسية الصينية-اليابانية الأكثر دفئا تستند إلى "مصالح اقتصادية مشتركة عظيمة".
وقال في مقالة نشرت في الطبعة الفصلية الأخيرة من مجلة منتدى شرق آسيا الفصلية، إن "أهمية العلاقة بين اليابان والصين تتخطى العلاقات الثنائية، فهي متضمنة في منطقة متكاملة للغاية حيث تتدفق سلاسل الإمدادات والتجارة الكثيفة والاستثمارات مع بلدان ثالثة ما يعني أن هناك بعدا آخر للاعتماد المتبادل".
وفي الوقت نفسه، لاحظ دريسدال أن اقتصادي كل من الصين واليابان متكاملان بشكل عميق.
وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك طريق طويل للمضي لاستعادة الثقة السياسية، فإن التعاون العملي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية قد واصل التوسع خلال هذه السنوات.
وقال رئيس وزراء كوريا الجنوبية السابق هان سونغ -سو في وقت سابق من هذا العام في مقالة نشرت في صحيفة ((أساهي شيمبون)) اليابانية، إن"هناك الكثير من القضايا الجديدة التي تحتاج إلى معالجة ضمن إطار ثلاثي، بما في ذلك الاحترار العالمي، والوقاية من الكوارث، والسلامة النووية، وبطالة الشباب".
وكتب "لماذا لا يمكن للدول الثلاث إنشاء آلية للتشاور والمساهمة بنشاط في مؤتمر المناخ في باريس؟"
وبالإضافة إلى قمة القادة، فقد أنشأت كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية 19 آلية اجتماع وزارية، وهذا العام ستوسع الدول الثلاث فيها مجالات التعاون وتعقد أول اجتماع لوزراء التعليم.
وقال يانغ هولان، الأمين العام للأمانة العامة للتعاون الثلاثي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية التي تتخذ من سول مقرا لها، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن التعاون من أجل التنمية المستدامة يعد أحد أقدم مجالات التعاون الثلاثي وأكثرها إنتاجية.
وفي نفس الوقت، في مجال العلوم الإنسانية، فإن تبادلات الأفراد بين الدول الثلاث في العام الماضي تجاوزت مليونين، بما في ذلك 300 ألف طالب تبادلي.
ولدى الدول الثلاث حوالي 600 بلدة توأم ومدينة شقيقة، كما زادت الرحلات في الاتجاهين بين الدول الثلاث إلى أكثر من 3 آلاف أسبوعيا.
-- الأخطاء التاريخية المؤلمة
يعتقد معظم الخبراء أن تحسين العلاقات الثلاثية بين الدول الثلاث يعتمد إلى حد كبير على سياسات آبي.
وقال ليو إنه "بحال استمر آبي في اتخاذ إجراءات تخريبية حول القضايا التاريخية والنزاعات الإقليمية، فإن ذلك سيضع العلاقات الصينية-اليابانية والكورية الجنوبية-اليابانية مرة أخرى على المحك".
وقال بارك شول-هي، وهو خبير في جامعة سول الوطنية، إن الأخطاء التاريخية المؤلمة لليابان ووجهة نظر آبي تجاه التاريخ قد حالتا دون التكامل الاقتصادي في شمال شرق آسيا وكذلك دون محاولات الصين واليابان وكوريا الجنوبية لبناء الثقة في المجالات السياسية والأمنية، وبناء علاقة أكثر بناءا واستقرارا.
وتابع "لذلك، فإن هناك حاجة ملحة لليابان للتعلم من دروس التاريخ، لتصحيح موقفها تجاه التاريخ، ولإحراز تقدم في القضايا الإقليمية".
وأشار دريسدال أيضا إلى أن كل من الأخطاء التاريخية المؤلمة والطريقة التي تعاملت فيها القيادة اليابانية الحالية مع ذلك يفسدان العلاقات الأكثر إنتاجية واستقرارا في منطقة شرق آسيا.
وقال إنها "تجثم كحمل ثقيل على التقدم الحاصل في معظم أبعاد العلاقات بين القوى الرئيسية الثلاث في شمال شرق آسيا -- الصين واليابان وكوريا الجنوبية".
ولفت إلى أنها "تمتص الأوكسجين من المحرك المفعم بالنشاط الذي يتيح لهذه الاقتصادات الثلاثة القدرة بشكل جماعي على أن تمتلك إمكانية تعميق التكامل الاقتصادي من خلاله، ليس فقط لمنطقة شرق آسيا بل أيضا بالنسبة للاقتصاد العالمي".
ليس هناك شك في أن موقف اليابان وسياساتها حول القضايا التاريخية قد أعاقا جهودها لتحسين العلاقات مع الصين وكوريا الجنوبية.
وفي نفس الوقت، يعتقد بارك أن اليابان والصين وكوريا الجنوبية تتجنب حاليا "مواجهة حاسمة" وتستعد بشكل تدريجي لإقامة آلية تعاون وظيفية.
وقال بارك إن "قمة القادة قد تصبح نقطة انطلاق جديدة للنظام في شرق آسيا".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn