دمشق 28 أكتوبر 2015 / تتسارع وتيرة التحركات الروسية الرامية لإيجاد تسوية للازمة السورية التي تشابكت خيوطها خلال السنوات الاربعة الماضية، فغاب الحل السياسي رغم الجهود الحثيثة التي بذلت وسيطرة خلاله لغة العنف، فمن جديد يطفو على الواجهة فرص الحل السياسي بعد اسابيع من بدء من الضربات الجوية الروسية بسوريا في 30 سبتمبر الماضي، وانقلاب موازين القوى على الارض.
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون في سوريا أن روسيا تسعى جاهدة لإحداث تغيير في مواقف بعض الدول الغربية والاقليمية تجاه الازمة السورية، وإقناعها في تغير موافقها بغية التوصل إلى تسوية ترضي أطراف النزاع في سوريا، بالتوازي مع تواجدها العسكري في سوريا للقضاء على الإرهاب كشرط اساسي.
وأكد الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو أن " مشاركة القوى الجوية الروسية في العمليات ضد الإرهاب في سوريا ساهمت في وقف تمدد التنظيمات الإرهابية "، موضحا أن " هدف العملية العسكرية هو القضاء على الإرهاب الذي يعرقل الحل السياسي .. وأي تحركات عسكرية لا بد أن تتبعها خطوات سياسية " .
وأجرى الرئيس بوتين عقب اللقاء مع الرئيس الاسد سلسلة اتصالات مع قادة عربية اقليمية ودولية حول الاوضاع في سوريا ، وهذا التحرك الدبلوماسي الروسي على العالي المستوى يشير إلى أن روسيا جادة بالوصول إلى نهاية النفق في الازمة السورية .
وقال الرئيس الأسد يوم الأحد الماضي خلال لقائه وفد روسي يضم شخصيات برلمانية واجتماعية برئاسة رئيس لجنة شؤون الملكية في مجلس الدوما سيرغي غافريلوف إن "القضاء على التنظيمات الارهابية سيقود الى الحل السياسي الذي تسعى اليه بلاده وروسيا "، بحسب ما نقل الاعلام الرسمي السوري.
فيما نقل موقع (سيريا نيوز) الاخباري عن البرلماني الروسي ألكسندر يوشينكو قوله ان الرئيس الأسد أعرب خلال اللقاء عن استعداده لامكانية إجراء انتخابات رئاسية والمشاركة فيها ولكن بعد تحرير سوريا من تنظيم (داعش).
ونسب الموقع المقرب من الحكومة السورية إلى يوشينكو، الذي شارك ضمن الوفد الذي زار سوريا الاحد الماضي، القول إن الأسد "مستعد لبحث امكانية اضافة تعديل على الدستور واعلان انتخابات برلمانية، وانه مستعد كذلك، اذا ما أراد الشعب السوري ذلك خوض الانتخابات الرئاسية".
وأضاف يوشينكو أن "الأسد مستعد لتنظيم انتخابات بمشاركة كل القوى السياسية التي تريد ازدهار سوريا، لكن فقط حين تتحرر سوريا من مقاتلي داعش".
وقال محمود مرعي رئيس هيئة العمل الديمقراطي المعارض في سوريا في تصريحات لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق اليوم (الاربعاء) إن " الضربات الجوية الروسية الموجهة ضد المسلحين في عدد من المحافظات السورية، والموازية للحراك الروسي السياسي اقليميا ودوليا ساهم في دفع مسارات الحل السياسي نحو السطح، وبالتالي باتجاه ايجاد تصور أولي للحل السياسي للازمة السورية الشائكة والعالقة منذ اكثر من اربع سنوات ".
وأضاف مرعي إن لقاء فيينا الذي سيعقد يومي الخميس والجمعة إلى جانب روسيا وامريكا والسعودية وتركيا، والذي سيضم يوم الجمعة مصر ولبنان وايران والعراق " سيساهم في تفعيل الحل السياسي دوليا واقليميا وعربيا والذي بدوره سيدفع الاطراف السورية لاحقا إلى طاولة التفاوض والحوار، لان الجميع بات مقتنعا بضرورة الجلوس على طاولة الحوار حكومة ومعارضة، من أجل بلورة حل سياسي للازمة السورية " .
وأشار مرعي إلى أن القيادة الروسية تدفع بعجلة الحل السياسي، وتعمل على إقناع الدول الغربية وبعض الدول العربية بضرورة القضاء على الارهاب كأولوية، والعمل بالتوازي مع العملية السياسية في سوريا.
يذكر أن مصدرا دبلوماسيا روسيا فى موسكو أعلن امس الأربعاء أن وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا سيعقدون اجتماعا مساء غد الخميس فى فيينا لبحث النزاع السوري.
وقال المصدر إنه بعد لقاء الخميس يمكن أن ينضم إلى الوزراء الأربعة يوم الجمعة نظراؤهم من إيران ومصر والعراق ولبنان "الذين دعتهم الولايات المتحدة، فى حال لبت هذه الدول الدعوة".
وقال حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة في سوريا في تصريحات متلفزة تعليقا على زيارة الأسد إلى موسكو، "إن الضربات الجوية الروسية يجب أن تترافق مع الحل السياسي على أساس بيان جنيف وخطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وإطلاق سراح المعتقلين، لا أن تكون المقدمة محاربة الإرهاب بما يؤثر على الحل السياسي لاحقا ".
وأمل عبد العظيم أن يكون التدخل الروسي لصالح الحل السياسي الذي ينهي وينقل سوريا إلى مستقبل جديد وإلى دولة مدنية ديمقراطية تتمتع بالحرية ويتمتع شعبها بالمشاركة في القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وقرار السلم والحرب".
وبدوره، أكد المحلل السياسي السوري اسامة دنورة في تصريحات ل(شينخوا) أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة سواء على المستوى البرلماني او على مستوى رئاسة الجمهورية هو ما يطمح له الشعب السوري، وهو ما يحقق إرادة الشعب السوري، لافتا إلى أن الطرف الحكومي السوري يبدو مطمئنا لصحة هذا الخيار بالنسبة لاجندته السياسية ومصالحه.
وبين المحلل السياسي أن أية "عملية سياسية متكاملة وشاملة لا يمكن ان تتم بوجود سيطرة كبيرة للارهاب على مساحات واسعة من الاراضي السورية ".
ولكنه اشار في الوقت نفسه إلى وجود بعض العوائق امام بلورة أي حل سياسي، والذي يتمثل حسب رأيه في عدم وضوح رؤية مواقف الاطراف المعارضة المحسوبة على الغرب وعدم تقديمها أي أجندة وطنية تؤكد على وحدة الاراضي السورية، داعيا بعض اطياف المعارضة السورية في الخارج لفك ارتباطها العضوي مع الدول الرافضة للحل السياسي.
من جانبه، رأى الباحث والكاتب السوري حميدي العبد الله أن روسيا منذ البداية كانت تؤكد أولا على محاربة الارهاب، وثانيا السير بشكل مواز مع خيار سياسي يساعد في ايجاد حل للازمة السياسية في سوريا على قاعدة احترام حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه.
وقال العبد الله في تصريحات مماثلة لـ (شينخوا) إنه " بعد القمة التي جمعت الرئيسين الاسد وبوتين تم الاتفاق على ان الدولة السورية مستعدة لاجراء انتخابات نيابية وانتخابات رئاسية مبكرة على قاعدة الحل السياسي من الواضح المسؤولين الروسي اخذوا هذه الالتزامات السورية وطروحها كمبادرة روسية تواكب المواجهة العسكرية للمجموعات الارهابية على قاعدة الاحترام الكامل والمطلق لحق الشعب السوري في ان يقرر مصيره بنفسه " .
من جانبه، خالف المحلل السياسي ماهر مونس من سبقه بالحديث بأنه " لا يمكننا القول إن سوريا وضعت قدمها نحو الحل السياسي ، حتى لو أظهرت الاجتماعات الرسمية ذلك "، مؤكدا أنه " لا يمكن الحديث عن حل سياسي حتى تجلس الحكومة والمعارضة على طاولة واحدة " ، معتبرا أن خلاف ذلك يعتبر " إضاعة للوقت واستثمار للميدان في أروقة السياسة " .
وأضاف المونس أن " البدء بالحل السياسي لا يعني هدوء الجبهات، بل اشتعالها أكثر، لأن كل طرف يريد التقدم على الأرض ليستثمر ذلك في التفاوض الأخير "، معربا عن اعتقاده " بأننا مقبلون على مرحلة جديدة، لن تكون سهلة على الإطلاق ".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn