تحليل: ما هي احتمالات فوز البشير في الانتخابات الرئاسية السودانية 2015 (3)

التحديات الداخلية:

من المعروف أن السودان وعلى الرغم من محدودية إمكاناته وموارده المالية، يتمتع بمساحة واسعة ويتشكل نسيجه الاجتماعي من تكوينات عرقية ونماذج ثقافية متنوعة، وهذا الأمر يجعل الأعباء المترتبة على السلطة المركزية لبسط سلطان الدولة كبيرة. وقد ظل السودان يواجه عدد من التحديات الداخلية منذ فجر الاستقلال، من ذلك الحركات الاحتجاجية المسلحة كالحرب في الجنوب على سبيل المثال.

هذا وقد ساعدت خبرة البشير العسكرية الواسعة في أن يحافظ على كيان الدولة في ظل العديد من التحديات العسكرية والأمنية خلال سنوات حكمه. فنجد أن خبرته العسكرية مكنت البلاد التغلب على عدد من الأزمات الحرجة، مثل الحرب مع المتمردين من الجيش الشعبي لتحرير السودان في جنوب البلاد 1989 - 2004. وهذه الحرب اندلعت قبل مجيء البشير لرئاسة و استمرت حتى بعد توقيع الحكومة السودانية في عام 2005 لاتفاق سلام مع المتمردين السابقين. وقد أعطى اتفاق السلام الشامل واتفاق شعب جنوب السودان الحق في أن يقرر مستقبله السياسي، وفي وقت لاحق انفصل جنوب السودان من الدولة الأم في يوليو 2011.

وهكذا حقق قادة جنوب السودان وبتشجيع من الولايات المتحدة من خلال الاستفتاء الانفصال السلمي، وقد دعمت حكومة البشير هذا الاستفتاء الذي كان جزءا من التزامها تجاه اتفاق السلام، وكانت الحكومة حريصة جداً على إنهاء الحرب وتحقيق السلام. ويمكن القول أن القادة الجنوبيين قد نجحوا وبطريقة سلمية في تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه بالحرب على مدى أكثر من عقدين من الزمن. وبرغم ذلك الموقف السياسي الملتزم لا يزال السودان يواجه تحديات أمنية وعسكرية مصدرها دولة الجنوب.

والسبب في ذلك هو عدم ثقة القادة الجنوبيين تجاه نظرائهم في السودان. إن الولايات المتحدة تلعب دوراً كبيراً في تعميق حالة انعدام الثقة وتتحمل مسؤولية ذلك.

الآن أصبح الوضع أكثر تعقيداً بسبب انفجار النزاع المسلح الذي اندلع بين قادة جنوب السودان أنفسهم، والسبب الرئيسي هو الصراع على السلطة. هذه الصراعات يمكن أن تقوض الاستقرار ليس فقط في جنوب السودان، ولكن أيضا السودان. ينبغي أن نلاحظ أن السودان يتشترك في خط حدودي طويل جداً مع الدولة الجديدة في جنوب السودان. وكذلك نجد الشركات الصينية العاملة في مجال النفط في جنوب السودان تواجه العديد من المشاكل المعقدة الناتجة من هذا الصراع الذي يعرقل عملياتها.وتبعاً لذلك، فمن الضروري أن يتمتع الرئيس بقدرات تمكنه من إدارة هذه الأوضاع التي تنطوي على مخاطر عسكرية وأمنية وتهديدات اقتصادية. إن البشير وبحسب هذه المعطيات يمثل الخيار الأمثل بين المترشحين المنافسين له.

التحالفات السياسية:

بنى حزب المؤتمر الوطني بقيادة البشير على مر السنوات الماضية تحالفات سياسية مع عدد من الأحزاب السياسية الوطنية التي تتوافق مع الأطر السياسية العامة للحزب، هذه التحالفات تلعب دوراً هاماً في تقوية وتعزيز مواقف مرشحي الحزب، وخاصة الرئيس البشير. مثل هذه التحالفات يمكن أن توسع القاعدة الشعبية لمرشحي المؤتمر الوطني، وهي التي ستحدد نتائج الانتخابات في نهاية المطاف.

الحملات الانتخابية:

منذ إطلاق المرشحين لحملاتهم الانتخابية، يقود حزب المؤتمر الوطني حملة انتاخابية منظمة وواسعة النطاق، من أجل الوصول إلى جميع الناخبين المحتملين في جميع أنحاء البلاد. ونستطيع أن نقول أن حملة مرشحي حزب المؤتمر الوطني حققت نجاحات ملحوظة من حيث التأثير على الرأي العام المحلي، مستفيدة في ذلك من وسائل الإعلام التقليدية (الصحف والمنشورات المطبوعة والإذاعة والتلفزيون)، بالإضافة إلى الاستفادة من وسائل الإعلام الجديدة (الصحف الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي).

الانفتاح الدبوماسي:

أكدت الدبلوماسية السودانية الانفتاح على العالم الخارجي خلال الفترة الأخيرة. وفي هذا الجانب زار البشير دولة الإمارات العربية المتحدة قبل أسابيع قليلة، وقد نجحت هذه الزيارة في تحسين العلاقات الخليجية السودانية بصورة عامة ومع دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص. وأيضاً قام المساعد الأول للبشير بزيارة الولايات المتحدة لكسر الجمود في علاقة البلدين، وكذلك العلاقات الثنائية مع مصر، والدول العربية والأفريقية الأخرى في قمتها.

إن الاعتمادية المشتركة وتبادل المصالح والترابط التقني والتكنولوجي المعقد والتجارة الدولية تجعل من الصعب على أي بلد أن يعزل نفسه، وخاصة في ضوء الأهمية المتزايدة للمصالح الاقتصادية في العلاقات الدولية. ولذلك، من المهم جداً الحفاظ على علاقات مع الدول الأخرى لتحقيق المصالح الوطنية. إن انفتاح الدبلوماسية السودانية خلال الأشهر الماضية، تعطينا مؤشرات دالة على برنامج البشير الذي سيجري تطبيقه في حالة فوزه. وهذا الأمر يغري الناخبين للتصويت لصالح البشير ويزيد بالتالي من فرص فوزه.