الفاشر، السودان 12 فبراير 2015 / بينما تقول الأمم المتحدة ان موجة القتال التى ضربت أخيرا عدة مناطق فى دارفور، ولاسيما ولاية شمال دارفور قد أوجدت حالات نزوح جديدة باتجاه المعسكرات، فان واقع الحال لا يعضد تلك الراويات الاممية التى ظلت دوما محل تشكيك رسمى.
ومنذ اندلاع النزاع المسلح فى إقليم دارفور بغربى السودان فى العام 2003، ظلت لعبة الارقام والتقديرات، واحدة من مظاهر المواجهة بين السلطات الرسمية السودانية والهيئات الدولية وفى مقدمتها الأمم المتحدة ومنظماتها.
ولم يحدث مطلقا الاتفاق حول اى رقم أو تقدير ذى علاقة بازمة دارفور، فاعداد ضحايا النزاع، وعدد ساكنى معسكرات النزوح داخليا أو مخيمات اللجوء خارجيا ظلت محل خلاف واختلاف بين ما تقوله السلطات السودانية والتقديرات التى توردها من حين لآخر الامم المتحدة ومنظماتها.
وأصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان "أوشا"، قبل يومين تقريرا قال فيه " ان العدائيات بين القوات الحكومية والحركات المسلحة التي بدأت في ديسمبر الماضي بدارفور أدت لفرار 36 الف شخص، حتى الاول من فبراير، جرى تسجيلهم كنازحين جدد بولاية شمال دارفور.
لكن السلطات المختصة فى شمال دارفور تكذب تلك الارقام، وتقول انها مبالغ فيها، وان معسكرات الولاية لم تستقبل نازحين جدد فى الفترة الأخيرة.
وفى معسكر ابوشوك للنازحين والذى يعد اكبر المعسكرات بدارفور، ويبعد نحو 4 كيلو مترات شمال مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، تمضى الحياة على نسق طبيعى، ويقارب المعسكر ان يتحول إلى مدينة سكنية ضخمة اكثر من كونه مخيما يضم الاف الهاربين من الحرب.
وقال ابراهيم الخليل شيخ الدين مدير معسكر ابو شوك فى مقابلة مع وكالة أنباء (شينخوا) التى زارت المعسكر " يضم هذا المعسكر 47 الفا و500 نازح، مقارنة بنحو 54 الفا و127 نازحا قبل ثلاثة اعوام، لقد حدث تناقص فى اعداد النازحين بسبب برنامج العودة الطوعية".
وقال " لم تسجل اية حالة نزوح جديدة فى معسكر ابو شوك وهو اكبر معسكرات شمال دارفور، ولا اعتقد ان هناك حالات نزوح جديدة تم تسجيلها باى من معسكرات الولاية الاخرى، تبدو هذه المعلومات غير دقيقة".
وأضاف " على العكس تماما فقد استقرت الاوضاع بصورة واضحة بعد توقيع اتفاق السلام فى الدوحة فى يوليو 2011، وانحسر القتال فى المناطق الرئيسة التى كانت تشهد مواجهات مسلحة مثل كوروما وطويلة بولاية شمال دارفور".
وأكد شيخ الدين استقرار الاوضاع الأمنية والانسانية داخل معسكر ابو شوك للنازحين بولاية شمال دارفور، وقال " لقد اصبح هذا المعسكر جزءا من مدينة الفاشر، والحياة فيه افضل من المدينة ، حيث يتم توفير خدمات الصحة والمياه والتعليم، والآن هناك خدمات اضافية اخرى".
وأضاف " اما من الناحية الأمنية فتكفى الاشارة الى ان معسكر ابو شوك تم انشاؤه فى 20 ابريل 2004، وطوال هذه الفترة تم تسجيل 12 حالة جريمة قتل، وهذا يمكن ان يحدث فى اى مدينة فى السودان، والآن ليست لدينا جرائم مسجلة، ولكن تقع جرائم عادية من سرقات ومشاجرات".
ومنذ توقيع الحكومة السودانية وحركة (التحرير والعدالة) على اتفاق الدوحة للسلام فى الرابع من يوليو من العام 2011 تراجعت حدة المواجهات العسكرية فى دارفور مما أدى إلى عودة الاف النازحين طوعيا إلى مناطقهم الأصلية.
وقال مدير معسكر ابو شوك " نعم هناك عودة طوعية مستمرة للنازحين بفضل تحسن الوضع الأمنى، ولكن بعض الاحداث المتفرقة تجعل برنامج العودة الطوعية التى تبنته الحكومة لا يحقق اهدافه بالكامل".
ومضى قائلا " يفضل غالب النازحين العودة إلى مناطقهم الاصلية متى ما توفرت الظروف المناسبة المتعلقة بتوفير الأمن والخدمات الضرورية فى مناطق العودة، ولكن بعض الاحداث التى تقع فى مناطق متفرقة من دارفور تجبر اولئك على الرجوع إلى معسكرات النزوح".
وطالب ابراهيم الخليل شيخ الدين السلطات الحكومية بضرورة العمل على توفير ظروف العودة الطوعية واقامة القرى النموذجية وبسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وحسم الانفلات الأمني وجمع السلاح المنتشر فى دارفور ومنح التعويضات للمتضررين من الصراع.
وعبر عدد من النازحين الذين استطلعتهم وكالة أنباء (شينخوا) داخل معسكر ابو شوك عن رغبتهم الاكيدة فى مغادرة المعسكر، شريطة توفر الأمن والخدمات فى المناطق التى يودون العودة اليها.
وقال آدم عبد الله احد القيادات الأهلية فى معسكر ابو شوك " من المؤكد اننا نرغب فى العودة الطوعية إلى مناطقنا التى نزحنا منها، وليس منطقيا ان نبقى فى هذا المعسكر طيلة حياتنا، نود الرجوع إلى قرانا لممارسة اعمالنا الطبيعية من زراعة ورعى".
وأضاف " ولكن ذلك يتطلب توفر الخدمات الضرورية فى مناطقنا ، والأهم من ذلك توفر الأمن ، ان غياب الأمن ووقوع أحداث العنف هو ما دفعنا الى النزوح الى هذا المعسكر، فان تلقينا ضمانات باستتباب الأمن فلن نبقى هنا يوما واحدا".
واشتكت فاطمة عبد السلام "نازحة بمعسكر ابو شوك" من نقص الغذاء داخل معسكر ابو شوك، وقالت " صحيح ان الحياة تسير بصورة طبيعية داخل معسكر ابو شوك، ولكننا نواجه مشكلة بسبب نقص المواد الغذائية التى يقدمها برنامج الغذاء العالمى".
وأضافت " هناك تناقص مستمر فى الحصة الممنوحة لكل نازح، ليس لنا من سبيل آخر للحصول على الغذاء سوى هذه المنحة التى تقدمها المنظمات، فى احيان كثيرة نضطر للعمل كنساء واطفال فى مهن هامشية لتوفير المواد الغذائية".
ويوجد بولاية شمال دارفور عدد 5 معسكرات أكبرها ابوشوك حيث يعيش فيه نحو 47 ألف نازح، والسلام 45 ألف نازح، وزمزم 42 ألف نازح، وكساب 26 ألفا، وفتى برنو 24 ألف نازح .
وتقول الامم المتحدة ان نحو 1,4 مليون دارفوري يعيشون في معسكرات للنزوح داخل دارفور واخرى للجوء بدولة تشاد المجاورة، لافتة الى ان هذا العدد يتناقص ويتزايد وفقا لمؤشرات العنف في الاقليم الذي يشهد حربا أهلية منذ العام 2003.
ووقعت الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة على اتفاق الدوحة للسلام فى العام 2011، ويعالج اتفاق سلام الدوحة قضايا متعلقة بموضوعات حقوق الإنسان والحريات الأساسية وقسمة السلطة والوضع الإداري لدارفور وقسمة الثروة والتعويضات وعودة النازحين واللاجئين والعدالة والمصالحة ووقف إطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية النهائية وآليات التنفيذ والحوار الدارفوري والتشاور.
ولكن حركات مسلحة رئيسة في دارفور وفي مقدمتها (العدل والمساواة) بقيادة خليل ابراهيم، وحركة (تحرير السودان) بشقيها، جناح عبد الواحد محمد نور ومنى اركو مناوى، ترفض التوقيع على الاتفاق.
وتتمسك الحركات الرافضة للسلام بالعمل الميداني والعسكري وتصعيد المواجهة العسكرية مع الحكومة المركزية في الخرطوم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn