بيت لحم 24 ديسمبر 2014 / تحظى المنحوتات الخشبية والصدفية للعائلة المقدسة بأهمية خاصة لدى الحجيج المسيحيين إلى مدينة بيت لحم بالضفة الغربية والسياح الأجانب خاصة في موسم أعياد الميلاد، وتعد مصدرا لرزق سكان المدينة وما حولها.
وتضم بيت لحم وحدها نحو مائة ورشة يعمل بها فلسطينيون إضافة إلى محال تجارية خاصة بصناعة وبيع المنحوتات الخشبية والصدفية لاستخدامها كتذكار من المدينة المقدسة بالنسبة للحجيج والسياح، أو وضعها ضمن زينة الميلاد بالنسبة للسكان المحليين.
ومن ضمن تلك الورش الخاصة بنحت الخشب ورشة في بلدة بيت ساحور (كيلو متر واحد إلى الشرق من بيت لحم) أو ما تعرف "ببلدة الرعاة" لدى المسيحيين تعود لعائلة بنورة تفوح منها رائحة خشب الزيتون المستخدم في النحت.
وتعلم عدي بنورة (32عاما) وهو أب لثلاثة أطفال حرفة نحت خشب الزيتون من والده والذي بدوره أخذها عن الجد.
من خشب شجر الزيتون الخام يصنع بنورة مجسمات عيد الميلاد والعائلة المقدسة كيسوع المسيح، ومريم العذراء, إضافة إلى قطع من الصلبان.
ويستخدم بنورة التصاميم الإيطالية, ولكنه في بعض الأحيان يشكل تصاميم جديدة من وحي خياله بحسب ما يقول لوكالة أنباء ((شينخوا)).
ويشير بنورة، إلى أن صناعة مجسم لأحد أفراد العائلة المقدسة أو المهد تستغرق نصف يوم لنحتها ومزيد من الوقت للرسم, والتجفيف, والرش.
ويعود تاريخ حرفة نحت الخشب في فلسطين إلى القرن 16/17 ميلادي، حيث ارتبطت بدخول البعثات التبشيرية المسيحية إلى بيت لحم والسبب في إنشائها قدوم الحجيج من مختلف أنحاء العالم للعودة لبلادهم بهدايا تذكارية ما زاد الحاجة لتوفير أكبر كمية من القطع لزيادة الطلب عليها.
ويشتكي بنورة كغيره من حرفيي المنحوتات الخشبية والصدفية من تراجع الطلب على منتجاتهم هذا العام في الوقت الذي من المفترض أن يكون هذا الوقت يشهد طلبات ومبيعات كبيرة.
ويرجع بنورة ذلك بالأساس للوضع السياسي السائد في الأراضي الفلسطينية، لافتا إلى أن "الحرب الإسرائيلية الأخيرة أثرت على صناعة المنحوتات، حيث توقفت محال بيع التذكارات في القطاع عن شراء منتجاتنا, ولم نستطيع أيضا التصدير لخارج البلاد".
ويضيف بنورة، أن حرفة نحت الخشب "تعتمد كليا على رأس المال فأنت بحاجة لشراء الخشب، إضافة إلى استخدام الكهرباء,ناهيك عن دفع إيجار الورشة وإذا استمر الكساد في البيع والتسويق ستجبر ورش العمل على التوقف ولن تكن قادرة على العمل".
بعد سنوات من اندلاع "الانتفاضة" الفلسطينية الثانية في عام 2000, وجد المنتجون المحليون أنفسهم مجبرون على التصدير لخارج البلاد لتوفير المال والبقاء, في الوقت الذي كانت فيه السياحة إلى بيت لحم تكاد تكون انتهت.
وتكلف عملية التصدير مزيدا من الوقت والتكلفة, لكن ذلك بالنسبة لبنورة يحافظ على الأسرة وخاصة أنهم بحاجة للمال.
وتأتي المواد الخام عادة من التجار الإسرائيليين أو المزارعين الفلسطينيين حينما يتم قطع الأشجار لشق الطرق، أو قطع الأغصان الميتة منها, وكلما كان حجم الغصن أكبر كلما كانت تكلفته أكثر, لكن المواد الخام غير متوفرة طوال العام.
سوزان الساحوري وهي أحد مؤسسي منظمة (التجارة العادلة) تقول ل((شينخوا)) "نتجول في محلات بيت لحم لبيع المجسمات التذكارية وهي شبه فارغة من الزبائن, ربما يأتي شخص أو اثنين من الزوار ليشتروا بعض الأشياء ويذهبوا".
وتضيف الساحوري، أن هذا يعني أن منتجات النحاتين والتجار ستبقى على الرفوف وبالتالي إصابة العمل بالشلل، مرجعة السبب في ذلك إلى الوضع السياسي والمعيقات الإسرائيلية.
الاحصائيات الفلسطينية الرسمية تتوقع أن يأتي نحو 100 ألف حاج خلال أعياد الميلاد للسنة الحالية, لكن غالبية السياح يأتون عن طريق وكالات إسرائيلية تنظم الجولات السياحية.
ويتهم الفلسطينيون تلك الوكالات، بالحد من وصول السياح لبعض أجزاء مدينة بيت لحم وما حولها بحجة أنها غير آمنة مما يترتب عليه عدم تمكنهم من الوصول إلى المحلات الفلسطينية والشراء منها.
وتقول رئيس بلدية بيت لحم فيرا بابون ل((شينخوا)), إن البلدية خصصت شعارا لاحتفالات الميلاد لهذا وهو "أريد العدالة في هذا العيد".
وتوضح بابون، أن الشعار المذكور يلامس خصوصا ما تعانيه بيت لحم من قيود إسرائيلية ولمناهضة البناء الاستيطاني وجدار الفصل خصوصا في منطقة بيت جالا بما يطوق الحصار الإسرائيلي للمدينة .
وتشير إلى أن "محنة بيت لحم الاقتصادية هي أن السياح "يدخلون كنيسة المهد ويصلون داخلها ويصعدون إلى الحافلات مباشرة".
وتضيف بابون، أن السياح أحيانا يذهبون لمطعم ومن ثم يغادرون لذلك تعتبر المدينة مجرد محطة حيث لا يقضي فيها السياح وقتا طويلا وإن كان البعض القليل منهم يبيت فيها لوقت لا يتعدى الثلاثة أيام الأمر الذي لا يمكنهم من صرف مبالغ فيها.
وتعتبر مدينة بيت لحم وجهة لمسيحيي العالم لأنها تضم كنيسة (المهد) التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر عام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح.
ويعتقد أن كنيسة (المهد) هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم، كما أن هناك سردابا آخر قريب يعتقد أن القديس جيروم الذي كلفه البابا داماسوس أسقف روما عام 383 م بترجمة الأناجيل من الآرامية والعبرية إلى اللاتينية، قد قضى ثلاثين عاما من حياته فيه يترجم الكتاب المقدس.
وفقا لاتفاقية (أوسلو) التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل عام 1993 تم نقل السلطات المدنية والأمنية في المدينة إلى يد السلطة الفلسطينية عام 1995، إلا أن عددا من القرى التابعة لبيت لحم صنفت بأنها مناطق (ج) وبقيت خاضعة للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية.
وتقدر إحصائيات فلسطينية خسائر الاقتصاد المحلي بما فيه صناعة السياحة بنحو 1.4 مليار دولار سنويا, ومعظمها بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على التجارة وحركة التنقل.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn