غزة 27 أغسطس 2014 / بدأت اليوم (الأربعاء) الحياة في قطاع غزة تعود إلى طبيعتها بشكل تدريجي بعد دخول اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل حيز التنفيذ مساء الثلاثاء بعد 50 يوما من الحرب بينهما.
ومع ساعات صباح اليوم اكتظت شوارع قطاع غزة بالسيارات والمارة والباعة المتجولين، فيما فتحت البنوك والمحال التجارية أبوابها، وجابت وسائل النقل مدن القطاع، وشوهدت عشرات النساء برفقة أطفالهن في أسواق مدينة غزة.
ودخل اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل حيز التنفيذ في الساعة السابعة من مساء يوم أمس الثلاثاء لينهي عملية (الجرف الصامد) التي شنتها إسرائيل على القطاع في الثامن من يوليو الماضي ردا على إطلاق الصواريخ من غزة تجاه إسرائيل ولتدمير الأنفاق الممتدة من القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية.
وقال محمد الدلو صاحب محل ملابس أطفال لوكالة أنباء ((شينخوا)) "غزة جميلة بسكانها، وها هي تعود اليوم إلى طبيعتها بعد أن كانت أشبه بمدينة أشباح طوال أيام الحرب".
وتابع "لم نفتح محالنا التجارية خلال 50 يوما سوى أسبوع عندما جرى الاتفاق على تهدئة، وبالتالي تكبدنا خسائر فادحة لا سيما وأن عيد الفطر جاء خلال الحرب".
وأضاف الدلو "الحمد لله حالنا أفضل من غيرنا فرغم الخسارة، إلا أن هناك أصحاب محلات فقدوها جراء تدمير الطائرات الإسرائيلية مجمعات تجارية كاملة".
ويشير الدلو الذي يقع محله في شارع النصر بمدينة غزة بيده إلى بقايا (المجمع الإيطالي)، قائلا "هذا حال أصحاب أكثر من 50 محلا تجاريا لم يبق لهم شيء (...) احترقت بضائعهم ودمرت محالهم بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية المجمع الذي يضم إضافة إلى المحلات 13 طابقا سكنيا".
وأعرب عن أمله "بتعويض خسارته بعد انتهاء الهجوم الإسرائيلي المدمر خاصة، وأننا على أبواب عيد الأضحى".
وتقول الفلسطينية خديجة الرواغ ل((شينخوا)) "لم نخرج إلى السوق منذ بداية الحرب، كانت أيام مرعبة لم نستطع خلالها شراء شيء للأطفال".
وتضيف الرواغ التي كان برفقتها طفلان "رغم ألمنا لمقتل أكثر من 600 طفل في الغارات الهمجية للطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية، إلا أننا نحاول إعادة البسمة إلى أطفالنا وجئت اليوم إلى السوق لشراء بعض الملابس لهم خاصة وأننا لم نستطع ذلك خلال عيد الفطر".
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، التي رعت بلادها المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل في بيان الثلاثاء وقفا دائما لإطلاق النار بين الجانبين بدأ في السابعة مساء الثلاثاء بتوقيت القاهرة "حفاظا على أرواح الأبرياء وحقنا للدماء".
وبحسب البيان يتزامن وقف إطلاق النار "مع فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل بما يحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية ومستلزمات إعادة الإعمار والصيد البحري انطلاقا من 6 ميل بحري".
وفتحت السلطات الاسرائيلية معبر كرم أبو سالم/كيرم شالوم المعبر التجاري الوحيد مع القطاع بعد أن كانت أغلقته بشكل مفاجئ يوم أمس الثلاثاء لإدخال الشاحنات والبضائع والمساعدات، فيما تعقد امال لزيادة عددها.
وبدأت الشاحنات الاسرائيلية تفريغ حمولتها منذ الصباح في المعبر إلى شاحنات فلسطينية ليتم إدخالها إلى القطاع.
وأعرب تجار وسكان دمرت منازلهم عن أملهم بسرعة استئناف إدخال الأسمنت ومواد البناء لإعادة بناء ما دمرته الحرب.
فيما استمر معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر بفتح أبوابه أمام المسافرين الفلسطينيين على الرغم من تعرض صالته الخارجية يوم أمس للقصف الإسرائيلي.
وبعدما نص الاتفاق على أن يكون الصيد البحري انطلاقا من 6 ميل بحري، هرع سامي أبو غانم وثلاثة من أخوانه منذ بزوغ الفجر إلى ميناء الصيادين في مدينة غزة يتفقد مركبه وشباك صيده.
ويقول أبو غانم ل((شينخوا)) "الحمد لله لم يتضرر المركب كثيرا جراء قصف البوارج الإسرائيلية للميناء أكثر من مرة، نقوم بإصلاح بعض التلف فيه وإن شاء الله نستطيع اليوم الإبحار".
ويضيف أبو غانم "سندخل اليوم إلى مسافة ستة أميال بحسب ما نص اتفاق وقف إطلاق النار بعد أن كان لا يسمح لنا بالدخول سوى ثلاثة أميال فقط".
ويعرب أبو غانم عن أمله "بالحصول على صيد وفير خلال الأيام القادمة يعوض ولو جزئيا 50 يوما لم نستطع خلالها الدخول حتى نصف ميل داخل البحر".
لكنه مازال متخوفا من إطلاق الزوارق الحربية الإسرائيلية النار عليهم حال الوصول إلى ستة أميال، بحسب ما يقول.
وعلى مقربة من ميناء الصيادين تجمع أطفال يلعبون كرة القدم وضحكاتهم تملأ المكان وهم يلهون ويمرحون.
ويقول أحمد بكر، وهو قريب لأربعة أطفال قتلوا في قصف إسرائيلي لهم أثناء لعبهم على الشاطئ خلال الحرب الإسرائيلية "نعيش حزنا عميقا منذ مقتل أولاد عمنا لقد كانوا يلعبون وتمزقوا جراء القصف".
ويضيف بكر "منذ ذلك اليوم لم نخرج إلى الشارع خفنا أن نموت مثلهم (...) لكن اليوم قال والدي اخرجوا إلى الشارع انتهت الحرب".
وأمام عيادة (السويدي) التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في حي النصر اكتظت المنطقة بعربات الباعة المتجولين بعد أن خلت منهم طوال أيام الحرب.
ويقول أبو جمال بينما كان يقف قبالة عربته لبيع الكعك وأمامه سيدة خرجت لتوها من العيادة برفقة ابنتها الصغيرة بعد أن أخذت لقاحا "نحن نحصل رزقنا يوما بيوم لا أرباح طائلة من وراء بيع الكعك".
ويضيف أبو جمال "50 يوما ونحن جالسون في بيوتنا وبالكاد كنت أطعم أطفالي (...) إذا لم أعمل يوما لا أحصل قوت يومي".
وكحال أبو جمال يقول سائق سيارة الأجرة خليل شمالي ل((شينخوا)) "في ظل البطالة المتفشية في قطاع غزة لم أجد سوى هذا العمل وبالكاد نحصل قوت أطفالنا من خلال عملنا يوما بيوم".
ويضيف شمالي"الحركة اليوم جيدة جدا منذ ساعات الصباح لم أتوقف عن العمل وكأن الناس كانوا داخل سجن وخرجوا منه".
وشوهدت عشرات سيارات النقل الصغيرة أمام مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تنتظر لنقل من نزحوا من منازلهم التي لم تدمرها الحرب، فيما بقي آخرون لأنهم لم يجدوا مكانا يذهبوا إليه بعد تدمير منازلهم على الأطراف الشرقية والشمالية لقطاع غزة.
ويقول أحمد عابد من حي الشجاعية في شرق مدينة غزة ل((شينخوا)) "انتهت الحرب وانتصرنا، ولكن بقينا هنا في المدرسة لأن منزلنا دمر بالكامل".
وأضاف عابد "لا نعرف كم سنمكث هنا وإلى أين سنذهب خاصة وأن موعد العام الدراسي بدأ أول أمس الإثنين"، في إشارة إلى الحاجة لإخلاء المدارس من ساكنيها أمام الطلاب لبدء الدراسة.
وطالب عابد "بسرعة إيجاد حل لآلاف النازحين الذين دمرت بيوتهم خلال الحرب، ومن ثم سرعة إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية".
وخلفت العملية الإسرائيلية على القطاع ألفين و143 قتيلا وأكثر من 11 ألف و100 جريح، بحسب ما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بالإضافة إلى تدمير الاف المنازل بشكل كلي وجزئي، فيما قتل أكثر من 65 إسرائيليا وجرح العشرات.
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn