غزة 22 أغسطس 2014 / لا تكاد أم ابراهيم دواوسة تمر بجوار بقايا مسجد قيد الإنشاء في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة حتى ينفطر قلبها على فلذة كبدها الذي قضى بداخله بينما كان يلهو مع أقرانه في الحي.
تلك الحجارة المترامية من بقايا المسجد "تشهد على جريمة قتل إبراهيم (9 أعوام)" تقول والدته بينما كانت تروي قصة مقتل نجلها لوكالة أنباء (شينخوا).
وتضيف "كان يلعب إبراهيم بجوار منزلنا مع أصدقائه اللعبة الفلسطينية المعروفة يهود وعرب وهي أن يغمي أحد الأطفال عينيه حتى يختبئ بقية الأصدقاء وبعد أن يعد للعشرة يبدأ بالبحث عنهم".
وتتابع "ابراهيم كان واحدا ممن يتوجب عليهم الاختباء بحسب اللعبة ولقدره اختار أن يختبئ داخل المسجد القريب وهو قيد الإنشاء لكن قبل أن يجده صديقه وجده صاروخ إسرائيلي ضخم ليحول جسده الصغير إلى أشلاء".
وقالت اسرائيل إنها استهدفت المسجد الذي كان يستخدم من قبل نشطاء من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ولم تهدف لقتل أي مدني في المنطقة.
ترك مقتل ابراهيم على عائلته حزن بالغ، وذكريات كثيرة لابنهم الحبيب.
وتقول أم ابراهيم التي لم تستطع حبس دموعها بينما كانت تواصل الحديث "قبل مقتله بيوم، كان يتصرف وكأنه سيترك الجميع، قبلني كثيرا وأخبرني أنه يحبني عشرات المرات، لحق بي في جميع أرجاء المنزل، كان مفعما بالحياة، وكثيرا ما كان يحب ركوب الدراجة" توقفت أم ابراهيم عن الحديث وأخذت تنحب صغيرها الذي لا تفارق صورته خيالها فتدخل محمد شقيق ابراهيم بالحديث قائلا "افتقد أخي كثيرا، عندما سمعت الانفجار بدأت أصرخ وأنادي ابراهيم، ابراهيم، لكنه لم يجبني، ثم بعد ذلك دخل أحد جيراننا للمسجد وأحضر جثته".
ويضيف محمد "كان انفجارا قويا أصيب بسببه العديد من أصدقاء إبراهيم بينما كانوا يتواجدون بالقرب من المسجد".
كان ابراهيم واحدا من أكثر الأشخاص المحبوبين في العائلة، وازدادت محبته بعد أن نجا من غارة جوية إسرائيلية قتلت عشرة أطفال قبل اسبوعين من مقتله.
وأصيب إبراهيم حينها في يده وساقه عندما استهدف صاروخ إسرائيلي مجموعة من الأطفال يلعبون في حديقة عامة في أول أيام عيد الفطر.
ونفت إسرائيل حينها إطلاق أي صاروخ في المنطقة.
ابراهيم هو واحد من 561 طفلا قتلتهم اسرائيل، بحسب ما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، منذ أن بدأت هجومها العسكري على غزة في 8 يوليو لوقف الصواريخ التي يطلقها نشطاء فلسطينيون على اراضيها وتدمير أنفاق تمتد من القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية.
ويقول زهير والد ابراهيم "إنه كان مطيعا ومعاونا، رغم صغر سنه كان الصبي يدرك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكان تلميذا متميزا في المدرسة".
ويضيف الوالد "جميع من في حينا أحبوه، كان نشيطا ويحب ركوب الدراجات كثيرا ولعب كرة القدم".
ويتهم والد ابراهيم اسرائيل، "بتعمدها استهداف الأطفال"، مشيرا إلى أن المسجد قيد الإنشاء ولم نتوقع أن يكون هدفا للقصف في أي حال".
ويتساءل بتهكم "هل من المعقول أن إسرائيل بما تملكه من تكنولوجيا لم تلاحظ وجود أطفال بالقرب من المسجد عند قصفه ؟".
ويضيف الوالد جازما "إسرائيل تستهدف الأطفال من دون رحمة (...) ماذا فعل هؤلاء لها لتقتلهم بهذه الوحشية تحت مرأى من العالم الصامت على جرائمها".
ولم يشك أصدقاء ابراهيم الذين كانوا يلعبون معه للحظة أن المسجد المجاور لمنازلهم قد يكون مستهدفا، على الرغم من الحملة الإسرائيلية لاستهداف المساجد.
وبوجع تذكروا كيف كان ابراهيم معتادا على اخبارهم أنه "لا يخاف القصف إلا ليلا، لكنه لم يعرف بأن غارة جوية إسرائيلية ستقتله نهارا".
ويقول تامر أحد أصدقاء ابراهيم "كنا نلعب وفجأة ضرب الصاروخ المسجد، هربت بسرعة مع اثنين من أبناء عمي، لكن ابراهيم قتل".
يقول الجار أبو أحمد "احببت ابراهيم كأحد أبنائي، وكنت اعتمد عليه في أشياء كثيرة، وكثيرا ما طلبت منه أن يشتري لي الأغراض من المتجر وطيلة حياته لم يكن يرفض أو يتذمر".
ويضيف أبو أحمد، "ما ذنب هذا الطفل الصغير الذي أحببناه كلنا لقد كان يلهو مع أقرانه فتحول إلى أشلاء في لحظة (...) إنه عالم ظالم يؤيد إسرائيل ويستمع لحججها الواهية بينما يغمض عينيه عن جرائم الحرب التي ترتكبها".
وتشير احصاءات فلسطينية إلى أن الجيش الإسرائيلي دمر بشكل كلي وجزئي أكثر من خمسين مسجد خلال الهجوم على القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.
وقتل خلال عملية (الجرف الصامد) التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، منذ الثامن من الشهر الماضي 2086 فلسطينيا، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 10 آلاف و200 جريح، في مقابل مقتل 68 إسرائيليا بينهم 64 جنديا.
وحثت منظمتي العفو الدولية (أمنستي) و (أوكسفام) الدولية للإغاثة والتنمية أخيرا المجتمع الدولي، على التعليق الفوري لإمدادات السلاح والذخائر لإسرائيل بسبب وجود خطر جدي لاستخدامها في انتهاك القانون الإنساني الدولي خلال الحرب على غزة.
وبعد خسارتها لإبراهيم تبقى الصور والذكريات الجميلة وحدها ما تبقى لعائلته وللكثير من العائلات الفلسطينية التي فقدت أولادها خلال الحرب التي لم تنته بعد على غزة رغم مرور أكثر من ستة أسابيع عليها وسط جهود دولية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لم تحقق أي نتائج بعد.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn