أجرت أمريكا وأستراليا يوم 12 أغسطس الجاري إجتماعا على مستوى وزراء الدفاع، حيث أمضى الجانبان إتفاقية حول الإنتشار العسكري تمتد لـ 25 سنة |
يوان تشنغ: باحث بمركز الدراسات الأمريكية بالأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية
أجرت أمريكا وأستراليا يوم 12 أغسطس الجاري إجتماعا على مستوى وزراء الدفاع، حيث أمضى الجانبان إتفاقية حول الإنتشار العسكري تمتد لـ 25 سنة، تقضي بالسماح لـ قرابة 2500 جندي من البحرية الأمريكية بالإقامة في مدينة داروين شمال أستراليا. وكشفت بعض الشخصيات الإعلامية، عن الحكومة الإسترالية من المتوقع أن تسمح للمزيد من القواة العسكرية الأمريكية بالدخول إلى أراضيها.
ورغم أن هذا الخبر قد إستقطب إهتمام العديد من الأوساط، إلا أنه لا يعد مفاجئا. ويمكن القول أن تعزيز التحالف العسكري وتوسيع التعاون بين أمريكا وأستراليا، يستجيب لحاجة كل منهما، ويحقق الإهداف الإستراتيجية لكلاهما.
تسعى أمريكا لتعزيز إنتشارها الإستراتيجي في منطقة آسيا المحيط الهادي، وتقوية مكانتها القيادية. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تخلت أمريكا عن التقاليد الإنعزالية، وأصبح تأسيس التحالفات أحد الوسائل المهمة التي تعتمدها أمريكا في بسط وتعزيز هيمنتها. ومنذ أن أعلن أوباما عن إستراتيجية العودة إلى آسيا، أصبح تقوية التحالفات العسكرية الإقليمية أحد العناصر الأساسية المكونة لهذه الإستراتيجية. وفي الحقيقة، إن تعزيز العلاقات مع الحلفاء، يجعلهم أكثر تحملا للواجبات، ويخفف من أعباء أمريكا، وهذا من الواضح أنه خيارا مهما بالنسبة لأمريكا التي تشهد أزمة الديون السيادية وتقليصا كبيرا في النفقات العسكرية. وفي ظل إتجاه الإستراتيجية الدولية الأمريكية إلى التقلص، يشهد الإنتشار العسكري الأمريكي في منطقة آسيا المحيط الهادي تطورا نحو النزعة الهجومية. ونظرا للإستقرار النسبي الذي تعيشه منطقة شمال شرق آسيا، ركز أوباما إهتمامه على منطقة جنوب شرق آسيا وجنوب المحيط الهادي. ويعتقد الخبراء، أنه بالمقارنة مع القواعد العسكرية الأمريكية في كل من اليابان، كورياج الجنوبية وقواهان، تتميز القاعدة العسكرية الأمريكية في أستراليا بموقع جغرافي مناسب، غير بعيد وغير قريب. وهي مناسبة لقيام بعض المناطق بتدريبات عسركية واسعة النطاق، وإستعمال السلاح بشكل مكثف.
طبعا، لدى أستراليا مصلحتها الخاصة من وراء السماح للجيش الأمريكي بالدخول إلى أراضيها وإستعمال قواعدها العسكرية. وبصفتها احدى الدول الغربية المتقدمة، فلا شك بأن أستراليا تعترف من منظور قيمي بالريادة الأمريكية. والأهم من ذلك، هو سعي أستراليا القديم في لعب دورا هاما داخل منطقة آسيا المحيط الهادي وحتي على المستوى العالمي. وبالنسبة للجانب الرسمي الأسترالي على الأقل، يعد تعزيز علاقات التحالف والتعاون مع أمريكا، فرصة لرفع مكانة أستراليا الدولية، كما سيساعدها على لعب دور أكثر أهمية في منطقة آسيا المحيط الهادي. في ذات الوقت، تأمل أستراليا من خلال تعزيز هذا النوع من علاقات التحالف في ردع النفوذ الصيني المتزايد في جنوب المحيط الهادي.
تجدر الإشارة أيضا، إلى أن تعزيز التعاون العسكري بين أمريكا وأستراليا، يعد جهدا جديدا يأتي في إطار مواجهة النهوض الصيني. ومن منظور عسكري، يعد ذلك أهم خطوة تتخذها أمريكا على مستوى دفاعها الإستراتيجي. ومع تزايد نمو القوة العسكرية الصينية، رفع الصين لقدراتها الدفاعية داخل منطقة السلسلة الأولى من الجزر. تجد أمريكا نفسها مجبرة على تعزيز دفاعها في منطقة ما بعد السلسة الأولى للجزر والسلسة الثانية من الجزر، ويأتي تراجع الإنتشار الساحلي إلى الخلف، في إطار تخفيف إعتماد أمريكا على القواعد العسكرية الرئيسية في كل من اليابان وكوريا الجنوبية. وعلى مستوى دفاع سلسلة الجزر الثانية، يعد تعزيز الإنتشار العسكري في جزيرة قوانهان وأستراليا بمثابة المهمة الرئيسية لأمريكا. ويتركز التعاون الأمريكي الأسترالي على تحويل إسترالي إلى قاعدة للجنود ونقطة لتخزين السلاح والإمداد. وهذه خطوة هامة بالنسبة للإنتشار العسكري الأمريكي في منطقة آسيا المحيط الهادي. فشمالا هناك اليابا، وجنوبا أستراليا، وتقع جزيرة قوانهان في الوسط، وهذه النقاط الثلاث تكون الخط الثاني للدفاع الأمريكي. حيث يهدف الأمريكيون إلى تحقيق معادلة إمكانية الهجوم عند التقدم، والدفاع عند التراجع.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn