رفح (غزة) 4 أغسطس 2014 /زلزال انفجار وقع في مدرسة تابعة للأمم المتحدة في جنوب قطاع غزة, وضربت الفوضى المكان على وقع صراخ وبكاء المئات من الفارين عقب غارة جوية إسرائيلية أوقعت عشرة قتلى و30 جريحا.
وهذا الهجوم الذي وقع يوم الأحد هو الثالث من نوعه منذ اندلاع الصراع الدامي في الثامن من الشهر الماضي بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة ومن ضمنها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وعقب الانفجار الذي استهدف دراجة نارية على ما يبدو أمام مدخل مدرسة أنس الوزير التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في رفح غطت برك من الدماء فناء المدرسة التي تضم 300 على الاقل من السكان المشردين.
وانتشر في الجو الغبار وتسمر أطفال كانوا يلعبون بالدمى والكرة وبدت على وجوههم علامات الخوف والهلع.
وبينما كانت هناء سالم تراقب ابنها محمد من شرفة حجرتها بالمدرسة وقعت الغارة قتل ولدها وغرق في دمائه، بينما كان يلعب مع الأطفال في الفناء, بحسب ما تقول.
وصرخت الأم الثكلى قائلة "وين الأمان يا وكالة الأمم أين نذهب بأطفالنا".
ولم يؤكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي وقوع الهجوم وقال وفق ما نشر وسائل إعلام إسرائيلية, إنه جاري التحري عن مزاعم استهداف مدرسة تابعة للوكالة الدولية في رفح.
لكن مسعفون ونازحون أكدوا أن صاروخا أطلقته طائرة أصاب مدخل المدرسة وقتل رجال وأطفال تاركا بركة دماء في المكان.
ويقول منذر عواد أحد المقيمين في المدرسة المستهدفة "كان الأطفال في الفناء يلعبون ويمرحون رغم القصف في رفح .. وبعد ثوان سقط صاروخين فيها".
وأضاف "هؤلاء الأطفال تربوا على الرعب وقتل الكثير أمام عيونهم وسيكبرون وسيأخذون ثأر أشقائهم وأصدقائهم وأباءهم وأمهاتهم الذي استهدوا بفعل هذا الجنون الإسرائيلي".
وطلب رجل يكسوا رأسه الشيب من أسرته حزم أمتعتها ومغادرة المدرسة وظل يردد "سأذهب إلى البيت وسأموت على فراشي وليس هنا".
ونقلت جثث القتلى والجرحى من فناء المدرسة على عجل إلى المستشفى بسيارات إسعاف ومركبات خاصة وإحداهما كانت تحمل خمسة أطفال كانوا ينزفون ويصرخون.
وذكر أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة, أن عشرة أشخاص بينهم أطفال قتلوا وأصيب 30 أخرون.
وقال المتحدث باسم أونروا في غزة عدنان أبو حسنة إن الوكالة الدولية "تشعر بالصدمة" لهذا الاستهداف الجديد لمدخل أحد مقرراتها في رفح.
وأضاف أبو حسنة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن هذه المدرسة فتحت بعلم الجيش الإسرائيلي لكن مع تكرار تلك الهجمات "لا مكان آمن" في قطاع غزة.
وتقول الوكالة الدولية التي تقدم خدمات لحوالي مليون لاجئ في القطاع الساحلي إنها تستطيع بالكاد التعامل مع الأزمة الانسانية التي فجرها القتال بين الفلسطينيين واسرائيل منذ أكثر من أربعة أسابيع.
ويوجد حوالي 200 ألف نازح في مراكز إيواء تابعه للوكالة الدولية في محافظات القطاع الخمسة.
لكن الوكالة الدولية قالت يوم (الثلاثاء) الماضي إنها عثرت على مخبأ للصواريخ في إحدى المدارس التي تديرها في قطاع غزة وأدانت من وضعوها هناك.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون معلقا على قصف مركز إيواء جديد تابع للوكالة الدولية إن قصف المدرسة "فضيحة أخلاقية وعملا إرهابيا".
في المقابل قالت حركة حماس إن استهداف مدرسة تابعة للأمم المتحدة "جريمة حرب واستخفاف بالرأي العالمي". وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري في مؤتمر صحفي عقدة في مدينة غزة" إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون والرئيس الأمريكي باراك أوباما "شريكان بالمجزرة بسبب صمتهما عليها وتباكيهما على الجنود الإسرائيليين القتلة وتجاهل دماء الأبرياء الفلسطينيين المدنيين".
وكانت القوات الاسرائيلية قصفت مدرسة في مخيم جباليا شمال القطاع فجر (الاربعاء) الماضي لجأ إليها أكثر من 3000 فلسطيني, وقالت وزارة الصحة في غزة آنذاك إن 15 شخصا على الاقل قتلوا بينهم ستة أطفال.
وقبل ذلك في 24 يوليو الماضي قتل أيضا 15 فلسطينيا وأصيب أكثر من 80 آخرون في قصف مدفعي إسرائيلي على مدرسة إيواء تابعة لأونروا في شمال قطاع غزة.
ولقي ثمانية من موظفي الامم المتحدة مصرعهم خلال الأسابيع الأربعة الماضية إذ كثفت اسرائيل والفصائل الفلسطينية من هجماتهم الصاروخية دون توقف إلا لساعات محدودة تخللها الهدن الانسانية وكثير منها انهارت قبل أن تبدأ.
ووصل عدد الضحايا من الفلسطينيين في غزة حوالي 1834 غالبيتهم من المدنيين, قيما قتل نحو 62 جنديا إسرائيليا, إضافة إلى ثلاثة إسرائيليين قالت السلطات الإسرائيلية إنهم قتلوا بصواريخ حماس وقذائف مورتر اطلقت من غزة على جنوب الدولة العبرية.
ولليوم الثالث على التوالي يواصل الجيش الإسرائيلي بشكل مكثف هجماته على الأرض ومن الجو والبحر على رفح التي تشكل الحدود الجنوبية للقطاع الساحلي مع مصر, بعد اختفاء أثر ضابط إسرائيلي شرق المدينة بعد ساعتين من هدنة انسانية دعت لها الأمم المتحدة وسرعان ما انهارت الجمعة الماضية.
وأعلنت إسرائيل عن تهدئة إنسانية في قطاع غزة اليوم (الاثنين) لمدة سبع ساعات بدأت في العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي وحتى الخامسة مساء مستثنية من ذلك المناطق الشرقية لمدينة رفح.
واتهمت حركة حماس إسرائيل "بخرق الهدنة الإنسانية المعلنة من طرف واحد بعد مقتل طفلة فلسطينية وإصابة 15 آخرين في غارة إسرائيلية على منزل لعائلة البكري غرب مدينة غزة بعد سريانها".
ويدب الرعب والخوف في نفوس السكان مع حلول الظلام إذ قصف الطيران الإسرائيلي حوالي خمسين منزلا إضافة إلى مقرات حكومية ونقابية في المدينة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وقال الطبيب عبد الله شحادة مدير مستشفى (أبو يوسف النجار) التي أخليت على عجل بفعل سقوط قذائف إسرائيلية على مدخلها يوم الجمعة الماضية إن "ما يحدث في رفح جنون لا يتحمله العقل نحن في منتصف النهار واستقبلنا واحد وسبعون قتيلا بينهم تسعة أطفال من عائلة واحدة إضافة إلى مائة جريح".
وأضاف شحادة من ساحة مستشفى تخصصي صغير لـ((شينخوا)) "في اليومين الماضيين وصل عدد الضحايا إلى مائة وستين قتيلا ولا تزال الطواقم الطبية ممنوعه من الوصول إلى الضحايا في شرق المدينة".
وهذه الأيام هي الأصعب منذ اندلاع الصراع على سكان رفح الذين لم يشعروا بحدة احتدام القتال خلال الأسابيع الثلاثة الأولى.
وفي هذه المدينة يقطن حوالي 200 ألف نسمة نصفهم تقريبا فروا إلى مراكز إيواء أونروا أو لدى أقاربهم في عمق المدينة.
ويقول سمير حماد (60 عاما) إنه يخطط للرحيل هو وعائلته والمجازفة بالعودة إلى منزلهم في حي السلام شرق المدينة رغم استمرار المعارك وتحذيرات الجيش الاسرائيلي.
وكرر حماد ما يقوله كثير من اللاجئين إنه يعتقد أن القوى العالمية "خذلتهم وسمحت بقتل الأطفال الأبرياء".
وفوجئ المسعف رامي الشاعر الذي كان يلبي نداء استغاثة لسكان قصف منزلهم وسط المدينة فجر اليوم بإصابة منزله في الهجوم وظل ينقب تحت الركام حتى سحب طفته شهد من حفرة عميقة وهي لا تزال على قيد الحياة.
وكان الشاعر يرتدي بزة خضراء ملطخة بالدماء ويحتضن طفلته التي أصيبت برأسها وتلقت العلاج في ساحة المستشفى وقرر التوقف عن إغاثة الضحايا للاطمئنان على عائلته.
وعند شروق الشمس كانت سميرة الغول تنحب أطفالها وأطفال شقيقتها الذين قتلوا جراء هجوم جوي إسرائيلي استهدف منزلها في مخيم يبنا وسط مدينة رفح.
وسوى منزل الغول بالأرض ونجا خمسة من أفراده من القتل لكنهم أصيبوا بجروح ما بين متوسطة وخطيرة.
وقالت الغول بصوت مخنوق "لقد قتلوا أطفالي وشقيقتي وأطفالها الهاربون من شرق المدينة".
ووضع أطفال الغول في ثلاجات تستخدم في تخزين المرطبات في حجرة داخل المستشفى (الكويتي) المتخصص بالولادة,حيث بات يستقبل القتلى والجرحى رغم قلة إمكانياته بعد أن جرى إخلاء مستشفى (أبو يوسف النجار).
ولا يزال الأطباء يبذلون الكثير من الجهد في جراج المستشفى الذي جهز على عجل كقاعة استقبال لإنقاذ الضحايا لكن بعضهم يقول إن نقص الإمكانات والتجهيزات يمنع إنقاذ كثير من الإصابات الحرجة.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn