غزة 22 يوليو 2014 / وكأن زلزالا ضرب منطقة الشجاعية الفلسطينية كثيفة السكان بفعل القصف والقتال المتواصل بين مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل المسلحة من جهة ووحدات من قوات النخبة في الجيش الإسرائيلي لليوم الرابع على التوالي.
وفي قلب الشجاعية التي تقع شرق مدينة غزة سويت منازل بالأرض وأخرى تهاوت على رؤوس قاطنيها وقتل فارون من ضراوة القصف في الشوارع الواسعة ونجا آخرون لكنهم هجروا هذا الحي التي سمي بهذا الاسم نسبة إلى المقاتل شجاع الكردي الذي قتل في أحد المعارك بين الايوبيين والصليبيين عام 1239م.
يقول ناجون وبينهم محمد سليم حليق الرأس " عند خروجنا من هناك (الشجاعية) صباحا جاء إلى مخيلتي وأنا أرى الناس العزل يركضون وبعضهم حفاة الأقدام أن يوم القيامة قد أتى..".
ويضيف سليم الذي نجا مع أسرته رغم الدمار الذي أصاب المنازل المجاورة له: "كان الأطفال والنساء والشيوخ والرجال يهربون من هول القصف العشوائي والجثث ملقاة في الشوارع والدخان الأبيض يغطي سماء المنطقة .. خلفنا قتلى في منازلهم المدمرة وآخرون تحت الأنقاض بفعل القصف".
ويحظر الجيش الإسرائيلي الدخول إلى أطراف الشجاعية الشرقية، ورغم ذلك يخاطر مسعفون ورجال إطفاء بالدخول إلى هذه المنطقة لليوم الثالث على التوالي بحثا عن ناجين أو قتلى تحت الأنقاض لكنهم يعودون أدراجهم بفعل كثافة النيران الإسرائيلية المتواصلة.
وكانت جثث عشرات الضحايا المدنيين وبينهم أطفال ونساء ملقاة في الشوارع وأمام بوابات المنازل عندما وافق الجيش الإسرائيلي وحركة حماس على هدنة انسانية اقترحها الصليب الأحمر لساعتين سرعان ما انهارت يوم الأحد الماضي.
وأقر العقيد محمد العطار من جهاز الدفاع المدني في غزة، بصعوبة انتشال الضحايا من الشجاعية لكنه ظل يقول: "رغم ذلك استطعنا إخراج بعض الحالات التي لا تحتاج إلى عمليات بحث وإنقاذ، كالقتلى الذين كانوا على أرصفة الطرق ووسطها خلال اليوم الأول والثاني".
ويضيف العطار لوكالة أنباء ((شينخوا)): "لا نعرف إن كان هناك أحياء أم لا لكن طواقمنا لم تصل لكثير من المنازل المدمرة التي كانت تكتظ بالسكان".
وقتل خمسة نشطاء فلسطينيين عصر اليوم (الثلاثاء) في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف وسط الشجاعية وقد تناثرت جثثهم على الاسفلت الذي يغطيها الركام الملون بالدماء.
وواصلت إسرائيل اليوم قصف اهداف في قطاع غزة مستبعدة على ما يبدو وقف إطلاق النار في وقت قريب في حين يسعى دبلوماسيون من الولايات المتحدة والامم المتحدة لإنهاء القتال الذي أودى بحياة أكثر من 600 فلسطيني.
وكان حوالي مائة ألف نسمة يقطنون في الشجاعية قبل توغل لواء "جفعاتي" الإسرائيلي ذو الكفاءة القتالية العالية لمئات الأمتار شرق هذه المنطقة المعروفة بأنها من أكبر معاقل حركة حماس.
وأقر الجيش الإسرائيلي اليوم بفقدان أحد جنوده في القتال على أطراف الشجاعية مطلع هذا الأسبوع لكنه يعتقد أن مقاتلي حماس سحبوا أشلاءه بعد استهداف مدرعة أمريكية الصنع غير محصنة بالقدر الكافي ببرميل متفجرات كان موضوع في باطن الأرض.
ويتوزع الناجون من الشجاعية على مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) ولدى أقربائهم في عمق مدينة غزة وعلى أسرة الاستشفاء لتلقي العلاج بينما يفترش آخرون حديقة مجمع الشفاء الطبي في المدينة ويقيمون على أرضها حتى إشعار آخر لا يعرف متى سيأتي.
"لقد كان كل شيء مفزع حقا" هكذا تقول بيسان ظاهر بصوت لا يكاد يسمع من غرف العناية الفائقة ل((شينخوا)).
وتلك الطفلة قتل والداها وشقيقها واثنتان من شقيقاتها وأطفال شقيقيها الثلاثة إذ كان يحتمون في الطابق الأرضي من منزلهم فجر السبت الماضي، لحظة القصف المدفعي والجوي الهائل على منازل الشجاعية.
وقال حسن ظاهر وهو لم يكن متواجدا في تلك الليلة بالمنزل "مجزرة صهيونية بحق عائلة بأكملها .. والداي قتلا وشقيقي وشيقتي أيضا وزوجتي وطفلي وطفلة شقيقي ..".
ويقضي ظاهر (38 عاما) أياما قاسيه في هذه الأثناء لكن علامات الأمل ترتسم على ملامحه عندما تتحدث إليه بيسان (عشر سنوات) الذكرى المتبقية له بعد ما أبيدت عائلته بالكامل.
وقتل أكثر من 70 فلسطينيا عندما كثفت الجيش الإسرائيلي من نيرانه المدفعية فجر الأحد الماضي على حي الشجاعية لتغطية إجلاء قتلى وجرحى من الجيش الإسرائيلي سقطوا جراء اشتباك مباشرة من مقاتلي حركة حماس وفق ما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون.
وقال حسن حمتو وهو أب لستة أطفال وفر من الشجاعية دون أن يصاب بأذى غاضبا ومتوعدا "لن ننسى هذه المجزرة لقد قتلوا كل شيء إلا الأمل".
بينما لا تفارق ذاكرة موسى جندية (34 عاما) أصوات انفجار القذائف المتتالية قرب منزله الذي تعرض لتدمير جزئي ويقول: "كنت أجلس أنا وأبنائي وأشقائي وأخواني وأبنائهم في إحدى غرف المنزل بالطابق الأرضي كي نتجنب أي إصابات مباشرة".
ويضف وهو ينتظر وصول باقي أفراد أسرته إلى حجرة خصصتها أونروا في غزة للعائلة: "كان في الغرفة أكثر من 20 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، ولم نتمكن من المغادرة .. القصف بدأ بعد مغرب يوم السبت واستمر حتي الساعة السادسة من صباح اليوم التالي.. الحمد لله لقد نجونا لكن كثير من الجيران قتلوا دون ذنب".
وقال سالم شمالي (42 عاما) وهو رب أسرة قتل ثلاثة من أفرادها: "قبل أن تحاصرنا القذائف وتقتل أطفالي اتصلت باللجنة الدولية للصليب الأحمر لنجدتنا لكن كان الرد من جانبهم "الوضع خطير جدا ونحن نبذل جهدا لإنهاء معاناتكم وإخراجكم من المكان".
أما رائد الجمال (37 عاما) الذي ظل يعمل لساعات على إخلاء الجيران من الحي جراء اشتداد القصف فقد فوجئ عند إعلان الهدنة الانسانية بمقتل طفلي شقيقه أحمد، إضافة فقد أثر طفله عثمان تسع سنوات.
ولا يفارق الجمال مستشفى الشفاء الآن ويتفحص كل طفل قتيل أو جريح يصل بسيارات الأسعاف ويردد "سأجد عثمان وسنبني منزلنا من جديد ولن نهزم أبدا".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn