غزة 14 يوليو 2014 / جلس الشاب خلف حمد في منتصف العشرينات من عمره والبؤس يغلبه في ركن داخل فصل دراسي لمدرسة إيواء في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة حزينا على حرمانه من متابعة المباراة النهائية لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي اختتمت الليلة الماضية في البرازيل.
وتابع حمد المولع بمتابعة كرة القدم كافة مباريات البطولة العالمية بشغف وحماس كبيرين وعاش مع إثارة مراحلها المختلفة حتى جاءت العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة لليوم السابع لتحرمه من أكثر مراحل البطولة إثارة ابتداء من نصف النهائي.
وبدأت إسرائيل هجومها على قطاع غزة يوم الثلاثاء الماضي وهو الذي لعبت فيه المباراة الأولى للدور نصف النهائي بين ألمانيا والبرازيل، ويومها أوقفت القنوات المحلية الأرضية التي كان حمد يعتمد عليها في متابعة البطولة نقل مبارياتها وحولت بثها لتطورات التصعيد.
وبينما كان حمد يحاول تدبر أموره من أجل متابعة المباراة النهائية جاء إنذار الجيش الإسرائيلي لعشرات آلاف العائلات من سكان مناطق شمال قطاع غزة بضرورة إخلاء منازلها ليقلب خططه رأسا على عقب.
إذ لجأ حمد مع عائلته إلى مدرسة إيواء تتبع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وبالكاد فيها يتوفر لهم فراش واحتياجات الطعام الأساسية دون أي وسائل للترفيه أو فرصة متابعة التلفاز.
وحتى الإذاعات المحلية التي كان بعضها تذيع مجريات مباريات كأس العالم بالصوت فقط أوقفت بثها ومن تبقى منها تحصر بثها في متابعة مستجدات الغارات الإسرائيلية وما توقعه من قتلى وجرحى على مدار الساعة.
وعلق حمد بمرارة "نحن لا نعامل كبشر في أي شيء من الحياة وأن تحرم من مجرد متابعة في كرة القدم تجذب متابعة مئات الملايين في العالم هو دليل آخر على ذلك".
ويضيف حمد " في أي منطقة خارج غزة يدب الحماس والإثارة في متابعة المونديال العالمي أما في غزة فإن الصواريخ التي توزع الموت في كل متر من قطاع غزة هي نصيبنا".
ولم يكن بالإمكان ملاحظة اي أجواء لها علاقة بمتابعة ذروة مباريات كأس العالم ممثلة بالمباراة النهائية بين منتخبي ألمانيا والأرجنتين بينما شوارع غزة تستمر كمناطق أشباح ويصيبها الشلل الكامل دون أي حركة خارج المنازل.
وأغلقت المقاهي بالكامل بعد أن كان حدث المونديال يوفر لها أكبر فرصة إنعاش سياحي وهي تستقطب آلاف الشبان لمتابعة مباريات المونديال.
ووجه الجيش الإسرائيلي رسالة تحذير صارمة في اليوم الثاني لسكان غزة تمنعهم من مجرد التفكير لخروج متابعة مباريات كأس العالم خارج منازلهم عندما استهدفت طائراته الحربية مقهى على شاطئ بحر خان يونس جنوب قطاع غزة بينما كان يتجمع فيه شبان لمتابعة المباراة الثانية من المربع الذهبي بين الأرجنتين وهولندا.
وفي حينه أطاحت الغارة الإسرائيلية بتطلعات الشبان للهروب من واقع القصف والتوتر وقتلت تسعة منهم على الفور وأصابت أكثر من 20 آخرين بجروح.
ولم يتبق من المقهى المعروف سوى حفرة كبيرة وتلال من الركام وكان ذلك عبرة لجميع اصحاب المقاهي لعدم حتى التفكير باستقبال رواده لمتابعة المباراة النهائية من البطولة.
وقتل 172 فلسطينيا وأصيب أكثر من الف آخرين في الغارات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
لكن هذه الحصيلة الدامية لم تمنع شبان من التمسك بمتابعة نهائي المونديال.
وقال وائل عويضة وهو صحفي رياضي من غزة "رغم الوضع الذي نعيشه من قتل ودمار إلا أن ذلك لا يمنعنا من متابعة نهائي المونديال من منطلق حبنا للحياة وإصرارنا على تحدي الصعاب".
وأضاف عويضة الذي تجمع مع ثلاثة من أصدقائه في منزلهم وهو يرتدي قميص منتخب الارجنتين المفضل لديه " استمتع وأنا أشجع (نجم منتخب التانجو ليونيل) ميسي وأهتف لفوزه بالبطولة حتى لو كان بشعور الخوف والرعب ".
وظل دوي الانفجارات يسمع بوضوح في منزل عويضة بينما إشارة البث الفضائي تتقطع باستمرار بفعل عشرات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي لا تغادر أجواء قطاع غزة.
كما لم يفوت لاعبون محليون في غزة فرصة متابعة نهائي المونديال رغم الظروف الصعبة.
وقال حامد سلسيل وهو لاعب في نادي محلي "طالما عوضنا ظروف حياتنا الصعبة بمتابعة كرة القدم العالمية فالكثير في غزة يتنفسون حب كرة القدم وعشق المستديرة "
ويواجه رياضيو غزة منذ بدء الحصار ظروفا بالغة التعقيد في ممارسة أنشطتهم إضافة إلى منعهم في أغلب الأحيان من مغادرة القطاع للاشتراك في بطولات دولية بدول أخرى.
وكانت غزة استقبلت أجواء افتتاح مونديال البرازيل بمظاهر من البهجة أبرزها انتشار أعلام أبرز فرق البطولة وصور عدد من اللاعبين داخل المقاهي المطاعم المطلة على شاطئ بحر غزة، وداخل المدن والمخيمات وكذلك في الشوارع.
كما عرضت متاجر بيع الملابس الرياضية الأزياء الرسمية للمنتخبات المشاركة في البطولة بما في ذلك البرازيل، والارجنتين، وأسبانيا، وألمانيا، والجزائر وهي الفرق المفضلة لدى الكثير من سكان القطاع.
إلا أن ظروف الهجوم الإسرائيلي خيبت آمال الشاب محمد عليان الذي أزال علم منتخب ألمانيا من غرفته وبدله بصورة صديق له قضى قبل ثلاثة أيام في غارة إسرائيلية وهو يردد "نحن هنا نتعرض لاغتيال شامل يشمل كل صور حياتنا للاحياء قبل الاموات".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn