الأول في العالم .. الصين تكشف النقاب عن تلسكوب الأشعة تحت الحمراء المتوسطة لدراسة المجال المغناطيسي الشمسي (2)

4 ديسمبر 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أطلقت الصين أول تلسكوب في العالم لقياس المجال المغناطيسي الشمسي بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة، وهو تلسكوب "القياسات الدقيقة للمجال المغناطيسي للشمس بالأشعة تحت الحمراء" (AIMS)، مما يمثل إنجازًا كبيرًا في مجال رصد الشمس ويعزز قدرة البشرية على دراسة الشمس.

يقع تلسكوب (AIMS) على قمة جبل سايشيتنغ في بلدة لينغهو بمقاطعة تشينغهاي شمال غرب الصين، على ارتفاع يزيد عن 4000 متر، ويسد هذا التلسكوب فجوة عالمية في عمليات رصد المجالات المغناطيسية في نطاق الأشعة تحت الحمراء المتوسطة. كما يمثل نشره معيارًا لبناء مرافق فلكية متطورة في المناطق المرتفعة.

تطوير علوم الطاقة الشمسية

تُعدّ المجالات المغناطيسية عنصراً أساسياً في نشاط الغلاف الجوي الشمسي، والذي يحدث ضمن بيئة بلازمية واسعة. قال دنغ يوان يونغ، الباحث في المراصد الفلكية الوطنية الصينية (NAOC) والباحث الرئيسي في مشروع AIMS، إن تحسين دقة قياسات المجال المغناطيسي أمر بالغ الأهمية لتقدم فيزياء الشمس ولتعزيز التنبؤات بالطقس الفضائي.

لفترة طويلة، ركزت عمليات رصد المجال المغناطيسي الشمسي بشكل أساسي على الدقة المكانية، وغالبًا ما كان ذلك على حساب دقة القياس. فمعظم التلسكوبات الشمسية ذات الفتحة الكبيرة في جميع أنحاء العالم لا تحقق دقة تتجاوز مستوى 100 غاوس. مع ذلك، ومع تطور الفهم العلمي، يتزايد الإجماع على أن دراسة المجالات المغناطيسية الضعيفة لا تقل أهمية، وأن الدقة العالية وحدها غير كافية لتطوير فيزياء الشمس.

أوضح وانغ دونغ قوانغ، الباحث في المرصد الفلكي الوطني الصيني والمدير الفني لمشروع AIMS، قائلاً: "تماماً كما تُظهر الصورة الفوتوغرافية العادية والأشعة السينية جوانب مختلفة من جسم الإنسان، فإن عمليات الرصد بأطوال موجية مختلفة تكشف عن عمليات فيزيائية متميزة على سطح الشمس." وأضاف: "تم تصميم مشروع AIMS خصيصاً لمعالجة الفجوة القائمة منذ فترة طويلة في عمليات رصد المجال المغناطيسي الشمسي في نطاق الأشعة تحت الحمراء المتوسطة".

التقنيات الرائدة

منذ إطلاقه في عام 2015، حقق مشروع AIMS سلسلة من الإنجازات الرائدة. والأهم من ذلك، أنه عزز دقة قياس المجال المغناطيسي إلى أقل من 10 غاوس، وطور أول مطياف فورييه للأشعة تحت الحمراء المتوسطة في العالم يتميز بدقة طيفية فائقة وقدرة تصويرية، مما أدى إلى تحسين أداء الدقة الطيفية بمقدار 156 ضعفًا مقارنةً بالمعيار المحلي السابق.

كانت هذه الإنجازات ثمرة التغلب على تحديات تقنية كبيرة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك قياس الاستقطاب. فعلى الرغم من أن فريق المرصد الفلكي الوطني الصيني كان يتمتع بخبرة تزيد عن أربعة عقود في الكشف عن الاستقطاب ضمن الطيف المرئي، إلا أن الانتقال إلى قياس الاستقطاب في نطاق الأشعة تحت الحمراء المتوسطة تطلب بناء قدرات جديدة تمامًا من الصفر.

استذكر وانغ قائلاً: "في ذلك الوقت، لم تكن هناك أي أدوات لقياس الاستقطاب في نطاق الأشعة تحت الحمراء المتوسطة في أي مكان في العالم، لا كاشفات ولا تقنيات راسخة. كان علينا اختيار المواد بشكل مستقل، وتجربة طرق المعالجة، وتصميم معدات الاختبار. ومن خلال البحث المكثف، نجحنا في النهاية في إنتاج أكبر لوحة موجية من سيلينيد الكادميوم للأشعة تحت الحمراء المتوسطة في العالم."

التعاون الوطني والدعم المحلي

كان تطوير نظام AIMS عبارة عن جهد وطني منسق ومتعدد التخصصات بقيادة المرصد الفلكي الوطني الصيني (NAOC)، بالتعاون مع معهد شنغهاي للفيزياء التقنية، ومعهد شيآن للبصريات والميكانيكا الدقيقة، ومراصد يوننان، ومعهد كونمينغ للفيزياء، وشركة نانجينغ للأدوات الفلكية المحدودة، ومؤسسات أخرى.

أشار وانغ إلى أنه "منذ البداية، ركزنا على التصميم عالي المستوى، وقمنا بتفصيل المواصفات والوظائف التقنية بواجهات تقنية محددة بوضوح. وقد ضمن هذا النهج سير العمل بسلاسة وقلل من الحاجة إلى إعادة العمل أثناء عملية التطوير."

وبفضل هذا التعاون، تم تطوير وتصنيع جميع المكونات الأساسية لتلسكوب AIMS محليًا، مما حقق سيطرة مستقلة كاملة على التقنيات الحيوية وأظهر قوة الصين المتنامية في مجال الأجهزة الفلكية.

يُعد اختيار الموقع المناسب للمراصد الشمسية عملية بالغة الصعوبة، إذ يتطلب ساعات طويلة من ضوء الشمس، وظروفًا جوية جافة لتقليل تداخل بخار الماء في عمليات الرصد بالأشعة تحت الحمراء، وارتفاعات عالية لتحسين حساسية الكشف. وقد اختار الفريق جبل سايشيتنغ في منطقة لينغهو بمقاطعة تشينغها، بعد تقييم خمسة مواقع محتملة.

أعرب دنغ عن تقديره الكبير لدعم الحكومة المحلية، قائلاً: "نظراً لأن معدات التلسكوب كانت كبيرة جداً بحيث لا يمكن نقلها عن طريق البر، فقد قدمت السلطات المحلية المساعدة بطائرات الهليكوبتر. وفي غضون عامين من تأكيد الموقع، تم الانتهاء من جميع البنية التحتية اللازمة."

خلال الاختبارات والملاحظات العلمية الأولية، نجح نظام (AIMS) في التقاط مجموعات بيانات متعددة للأشعة تحت الحمراء المتوسطة للانفجارات الشمسية، مما يوفر رؤى قيمة حول انتقال الكتلة والطاقة أثناء الانفجارات، فضلاً عن تراكم الطاقة المغناطيسية وإطلاقها. وأضاف دنغ: "تتمثل أولويتنا التالية في ضمان التشغيل المستقر للتلسكوب وتطوير الأبحاث الرائدة باستخدام البيانات الجديدة التي يوفرها."