14 أكتوبر 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ يستعين العديد من الصينيين في الوقت الحاضر بخدمة المرافقة لقضاء شؤونهم، مثل المرافقة أثناء الفحوصات الطبية، والرعاية الطبّية، والتصوير داخل المدن وغيرها، وقد باتت هذه الخدمة في الوقت الحالي شائعة في أنحاء كثيرة من الصين.
تخضع هذه الخدمة إلى معايير سوقية وأخرى اجتماعية، ما يجعل الحصول على المرافقة شيئا سهلا وفعّالا، وتُجنّب الأشخاص عبء الشعور بضرورة ردّ الجميل أو الالتزام الشخصي. كما تُلبّي بصورة أفضل الاحتياجات المتنوعة والفردية للأفراد.
وقد ظهرت خدمة المرافقة في الصين في ظل عوامل اجتماعية عميقة. فمن جهة، وفي الحركية الدائمة للناس، أصبح من الشائع أن يعيش أفراد العائلة والأصدقاء في أماكن متباعدة، أحدهم في الشمال والآخر في الجنوب، أو هذا في المدينة وذاك في الريف، مما يجعل الحالات التي تتطلب وجود مرافق بحاجة إلى حلول اجتماعية جديدة وسريعة.
ومن جهة ثانية، فإن جيل المستهلكين الجديد بات أكثر اهتماما بالإصغاء إلى صوته الداخلي، وأكثر سعيا لإشباع احتياجاته العاطفية، وغدا أكثر استعدادا لدفع المال مقابل تجربة مرافقة خاصة ومهنية. ومن ثم، فإن سدّ الفجوات الحياتية الناجمة عن تغير البنية الأسرية والتحولات الاجتماعية من خلال منطق السوق هو ما بات يشكل القيمة الجوهرية لخدمة المرافقة.
في الوقت الحالي، لاتزال خدمة المرافقة في مرحلة التطور التلقائي، إذ يعتمد مستوى الخدمة بدرجة كبيرة على كفاءة المرافقين، مما يجعل التجربة أقرب إلى فتح صندوق مفاجآت. لكن في الأثناء، تتزايد الدعوات إلى تعزيز بناء منظومة قويّة لضمان التطور المستقر لهذه الخدمة.
ولاغتنام فرص السوق، بادرت بعض المؤسسات لاستكشاف سبل تفصيل معايير الخدمة وتوحيد الإجراءات. فعلى سبيل المثال، أصدرت الجمعية الصينية للرفاه الاجتماعي وخدمات رعاية المسنين، بالتعاون مع 22 جهة من بينها منصات خدمات، وثيقة بعنوان "المواصفات المعيارية لخدمة مرافقة المسنين في الفحوص الطبية"، التي حدّدت بوضوح إجراءات الخدمة، وقواعد السلامة، وآليات الشكاوى. كما شرعت بعض مؤسسات رعاية المسنين في إنشاء معايير لخدمة المرافقة الشاملة أثناء الفحوص الطبية، بحيث يمكن تتبع الخدمة وتقييمها في الوقت الفعلي عبر منصات رقمية. ويرى الخبراء، أن التركيز على تحسين جودة العرض وبناء منظومة خدمية متكاملة سيُسهم في خلق بيئة صحية ومنظمة لتطور خدمة المرافقة ودفعها نحو نمو مستدام وسليم.
تمثل خدمة المرافقة، تفاعلا بين الأشخاص، وتتطلب دعما مستقرّا ودافئا. ويستند تقديم خدمة المرافقة إلى تعاطف صادق واهتمام إيجابي، بحيث تُدمج الرعاية الإنسانية في كامل عملية الخدمة.
في هذا السياق، يقول مرافق طبي يمارس هذه المهنة منذ عشر سنوات إنّه يحتفظ دائما بمنديل ورقي في حقيبته تحسبا لأي طارئ، مؤكدًا أن تفاصيل الخدمة لا تقل أهمية عن الإجراءات الطبية نفسها. في الوقت نفسه، يعد الحفاظ على حدود ومسافات مناسبة، وبناء حواجز حماية تضمن الأمان والخصوصية، أحد شروط تلبية الاحتياجات العاطفية بشكل أفضل، ويساعد على ترسيخ السمعة الطيّبة.
مع تقلّص حجم الأسر الصينية وتقدّم معدّلات الشيخوخة السكانية، ستلعب خدمة المرافقة دورا أكثر أهمية في المستقبل. فالحصول على المساعدة اللازمة عند مواجهة صعوبات، والعثور على رفاق يشتركون في الهوايات ذاتها، والبحث عن تواصل اجتماعي عند الإحساس بالوحدة، وغيرها من الاحتياجات العاطفية والمعيشية الواسعة تمثل جوهر الإمكانات الكامنة لهذه الخدمة.
ويعد ظهور خدمة المرافقة في الصين، علامة على السعي المتزايد لدى الناس نحو تحسين جودة حياتهم، كما يُبرز الحيوية الكبيرة التي يتمتع بها قطاع الخدمات الاجتماعية في التكيف السريع مع المتغيرات الجديدة. ووفقا لتوقعات إحدى المؤسسات، من المرجح أن يصل حجم سوق خدمة المرافقة في الصين إلى 50 مليار يوان بحلول عام 2025.
وبالإضافة إلى الخدمات العامة الأساسية، فإن عددا متزايدا من الناس بات يمتلك القدرة والرغبة في شراء خدمات اجتماعية فورية ومهنية ومنظّمة، وهو ما يُعدّ تعبيرا عن استجابة إيجابية للتغيرات الاجتماعية، وفي الوقت نفسه نتيجة حتمية لتطور اقتصاد السوق.