الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

تحقيق إخباري: برد الشتاء يقض مضاجع إيواء النازحين التي تفتقر لوسائل التدفئة في المناطق الجبلية اللبنانية

/مصدر: شينخوا/   2024:11:13.10:03
تحقيق إخباري: برد الشتاء يقض مضاجع إيواء النازحين التي تفتقر لوسائل التدفئة في المناطق الجبلية اللبنانية
في الصورة الملتقطة يوم 10 نوفمبر 2024، مشهد للدمار الذي تسببت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على سهل البقاع، لبنان. (شينخوا)

مرجعيون، جنوب لبنان 12 نوفمبر 2024 (شينخوا) تحتضن سائدة العبدالله وفي مشهد مؤثر طفلها الرضيع بقوة وحنان تضمه إلى صدرها بعدما لفت جسده النحيل بحرام قديم محاولة بكل جهد حمايته من صقيع نوفمبر الذي بدأ يقض مضاجع إيواء النازحين في المناطق الجبلية المشرعة أبوابها لبرد الشتاء وعواصفه.

في غرفة جانبية وسط الطابق الأول من مدرسة جب جنين الرسمية شرق لبنان والتي حولت إلى مركز إيواء، تجهد الأم الثلاثينية سائدة والتي بدت حزينة ،شاحبة الوجه، حائرة في كيفية حماية رضيعها من البرد وعوارضه الخطرة طيلة فصل الشتاء والذي يمتد في لبنان لحوالي خمسة أشهر.

بصوت خافت وبنبرة هادئة رصينة قالت سائدة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لقد دخلنا فصل الشتاء عراة من كل حاجيات الوقاية من برده وعواصفه، وهاهي الشتوة الأولى التي ضربت لبنان أمس نموذجا حيا لما ينتظرنا من ويلات مع إشتداد العواصف وتراكم الثلوج".

وتابعت "مع حلول فصل الأمطار المتزامن مع الأعمال العسكرية بتنا نتقاسم البرد والخوف غير قادرين في الكثير من الحالات التمييز بين وميض البرق ورعده وانفجار القذائف ودويها".

وقالت "الخوف ينتابنا من تجاهل الجهات المعنية لأوضاعنا المزرية وتركنا وحيدين نقارع الصقيع الذي يهدد حياتنا وحياة أطفالنا".

ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر 2023 على خلفية الحرب الدائرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة، وسط مخاوف دولية من تصاعد المواجهات إلى حرب واسعة.

من جهتها، ربة العائلة سليمة عواد النازحة من بلدة كفركلا الحدودية وخلال انكبابها على غسل ملابس أطفالها بمياه باردة وسط قدر متوسط الحجم من البلاستيك قالت لـ((شينخوا)) "قاعات المدرسة حيث ننزح فسيحة والنوافذ بدون ستائر ومع حلول الليل نشعر وكأننا ننام في العراء من شدة البرد".

وأضافت "فرش الإسفنج المتواضعة التي وزعت علينا نفرشها فوق البلاط والأغطية الموزعة صيفية ورقيقة لا تحمينا من زمهرير الشتاء حيث تتدنى درجات الحرارة في هذه المناطق الجبيلة إلى ما دون الصفر".

وتابعت "مع هروبنا السريع من منازلنا لم نتمكن من نقل الملابس الشتوية بحيث باتت حاجتنا ملحة لمثل هذه الثياب مع حلول فصل البرد".

وأضافت "حتى الآن بدت الجهات الرسمية والمانحة عاجزة عن تأمين حاجيات النازحين كاملة وخاصة معدات التدفئة لمراكز الإيواء من مدافىء ومازوت ومياه ساخنة وكهرباء وأدوات مطبخية ومواد تنظيف مما يهدد مجتمع النازحين بالأمراض".

وفي السياق ذاته، أوضح المكتب الإعلامي لوزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ورئيس اللجنة الوطنية للطوارئ، ناصر ياسين لـ((شينخوا))، إن "أعداد النازحين في تصاعد شبه يومي، ليتجاوز العدد في آخر إحصاء حدود المليون و300 ألف نازح".

وقال ياسين "لقد تم حتى الآن افتتاح 1151 مركز إيواء للنازحين في العاصمة بيروت وفي العديد من المناطق اللبنانية وهناك 984 مركزا وصلت إلى قدرتها الإستيعابية ونعمل على تحضير مراكز إيواء جديدة حتى لا يبقى أي نازح في العراء".

وأضاف "نجري اتصالات مكثفة مع جهات دولية وجمعيات إنسانية مانحة بهدف تأمين لزوم التدفئة والمياه الساخنة والتي تتجاوز كلفتها الشهرية حدود 250 مليون دولار".

وكانت وزارة الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، وفق ((الوكالة الوطنية للإعلام)) الرسمية قد وجّهت إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي طلبا بصفة عاجل، بتخصيص اعتمادات مالية لشراء المحروقات التي ستستخدم للتدفئة وتوليد الكهرباء وضخّ المياه في مراكز إيواء النازحين.

وأضافت "قدّرت الوزارة حاجاتها في هذا الإطار بنحو 19.5 مليون دولار، إلا أن مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة منتصف الأسبوع الماضي وافق على تخصيص مبلغ 1000 مليار ليرة فقط (الدولار الأمريكي يساوي نحو 89.5 ألف ليرة لبنانية)، أي ما يوازي 57 % من الحاجات المطلوبة لمدّة أربعة أشهر".

وخلال تنافس مجموعة من الأطفال في لعبة كرة السلة وسط باحة مركز الإيواء في جب جنين شرق لبنان، قال الطفل جمال يحيى (10 سنوات) لـ ((شينخوا)) "نمضي عدة ساعات في اللهو لمقاومة الطقس البارد".

وأضاف "كنا قد خرجنا من منازلنا على عجل بملابس صيفية وتركنا الكسوات الشتوية في الخزائن والتي أعتقد أنها احترقت بفعل الغارات الإسرائيلية المدمرة التي إستهدفت منازلنا".

وتابع "نحتاج نحن الصغار كما الكبار في هذا الطقس البارد لوسائل تدفئة، وثياب شتوية وأغطية صوفية، تقينا من البرد القارس الذي ينخر أجسادنا".

أما الفتاة العشرينية نجلا أبو حويلي من بلدة حلتا شرق لبنان قالت لـ((شينخوا)) ندعو أن ينجح لبنان بمساعيه مع الدول الفاعلة في الوصول إلى وقف لإطلاق النار بأسرع وقت علنا نتمكن من العودة إلى منازلنا إتقاء لفصل الشتاء وبرده".

من جهتها، ناشدت هويدا الترك محافظ النبطية في تصريح لـ((شينخوا)) كافة النازحين بضرورة تسجيل أسمائهم والتصريح إلى أية منطقة لجأوا، وذلك عبر رابط الكتروني خاص معتمد من قبل وزارة الداخلية اللبنانية.

وأضافت "كان هذا الرابط الخاص بالنزوح قد وزع على البلديات والجمعيات الإغاثية، مما يسهل مساعدة النازحين بالشكل المطلوب".

وأوضحت لـ((شينخوا)) الين حمود المشرفة من قبل إحدى الجمعيات المانحة على عدد من مراكز إيواء النازحين في بلدات شرق لبنان أن "هناك نقصا حادا في الكثير من الحاجيات الملحة للنازحين وفي مقدمتها مستلزمات التدفئة والملابس الشتوية والأحذية والفرش والأغطية السميكة والأدوية".

وقالت "هناك ضرورة ملحة أيضا لتأمين معالجين نفسيين يترددون بشكل دوري على مراكز الإيواء، لمعالجة الكثير من الحالات خاصة تلك التي تعرضت لصدمات نفسية جراء الحرب، مثل فقدان أهل وأعزاء وتدمير ممتلكات ومنازل وماشبه وهذه الفئة بحاجة لدعم معنوي ونفسي".

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 23 سبتمبر الماضي هجوما في لبنان أطلق عليه اسم "سهام الشمال" بدأ بغارات جوية مكثفة قبل أن يطلق في مطلع أكتوبر الماضي عمليات برية محددة ضد أهداف لحزب الله بالقرب من الحدود مع جنوب لبنان.

فيما يشن حزب الله هجمات صاروخية على قواعد ومواقع للجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل، وطالت هجماته مواقع في وسط البلاد في تصعيد للقصف المتبادل بينهما منذ الثامن من أكتوبر 2023 على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة.

وقتل 3136 شخصا وأصيب 13979 آخرون بجروح في لبنان منذ بدء الهجمات الإسرائيلية في الثامن من أكتوبر 2023، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

صور ساخنة