غزة 12 سبتمبر 2024 (شينخوا) بدلا من حضور الدروس في فصله الدراسي، يضطر الطفل كنان مهدي المقيم في قطاع غزة إلى الانتظار في طوابير طويلة يوميا للحصول على مساعدات غذائية لأسرته المكونة من ثمانية أفراد.
ويتلقى كنان مساعدات غذائية من مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والتي تم تحويلها إلى مركز إيواء لآلاف النازحين الذين تركوا منازلهم قسرا.
وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي، اعتاد كنان (11 عاما) الانضمام مع زملائه إلى طابور المدرسة الصباحي كل يوم لأداء النشيد الوطني وبعض التمارين الرياضية قبل توجههم إلى فصولهم الدراسية لحضور الدروس المتنوعة.
وقال الطفل الذي فقد بضعة كيلوجرامات من وزنه وبدا وجهه شاحبا لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كنت متحمسا للغاية للانتقال من مدرستي الإبتدائية إلى الإعدادية حيث كان من المفترض أن أكون في الصف السابع لتحقيق حلمي بإنهاء دراستي في المدارس والالتحاق بالجامعة بعد بضع سنوات فقط".
ويحلم كنان بأن يصبح طبيبا يوما ما، ولكن يبدو أن حلمه لن يكون سهلا حيث خسر العام الدراسي وسط الصراع المستمر بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، والجيش الإسرائيلي.
ويخشى الطفل أن يخسر العام الحالي أيضا، أو حتى السنوات المقبلة، بسبب الدمار الشامل الذي لحق بالقطاع الساحلي المحاصر جراء الهجمات الإسرائيلية.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تقوم إسرائيل بعمليات عسكرية واسعة النطاق في غزة بعد هجوم لحماس على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص.
وقُتل أكثر من 41 ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء في الصراع الذي أعقب ذلك، وفقا للسلطات الصحية في غزة.
ومن بين الضحايا نحو 9 آلاف طالب و500 معلم و110 محاضرين وأستاذة جامعيين، بحسب ما أفادت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في رام الله في بيان.
ومنذ ذلك الحين يشكو كنان قائلا "حياتي انقلبت رأسا على عقب حيث أصبحت طفلا نازحا دون أن يكون لدي أي أمل في النجاة من الحرب ... وحتى لو نجونا (أنا وعائلتي) فلن نعود إلى حياتنا الطبيعية".
الوضع المزري نفسه تعيشه مريم نجم الطالبة الفلسطينية من رفح، والتي من المفترض أنها في الصف التاسع.
الفتاة ذات الشعر البني البالغة من العمر (12 عاما) هي الناجية الوحيدة من عائلتها المكونة من تسعة أفراد، والذين قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزلهم قبل ثلاثة أشهر.
وقالت الفتاة الحزينة لـ ((شينخوا)) "في مثل هذه الأيام كانت والدتي تصفف شعري وتعد السندويتشات لي للذهاب إلى مدرستي".
وتابعت "كنت طالبة سعيدة للغاية ولكن كل شيء انتهى، قُتلت أمي وأبي وإخوتي وبقيت وحدي في هذه الحياة دون حتى أمل بمستقبل أفضل".
وبالنسبة لمرح الراسي، فقد كانت تحلم كثيرا باليوم الذي ترى فيه طفلتها الوحيدة سلمى ذات الأعوام الستة وهي تلتحق بصفها المدرسي الأول لتبدأ رحلتها التعليمية مثل باقي أطفال العالم.
وقالت لـ ((شينخوا)) "حلمت كثيرا أن تدخل ابنتي الروضة والمدرسة، لكن للأسف فقدت حق الالتحاق بحياتها التعليمية ... كما فقدت حلمي بإلباس ابنتي زيها المدرسي واصطحابها إليها الصف مثل الأمهات الأخريات".
ولكن لم يتحقق أي من أحلام مرح حيث أنها مضطرة في هذه الأوقات إلى التنقل مع طفلتها من مكان إلى آخر هربا من الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، وتشتكي الأم قائلة "نعيش أسوأ أيام حياتنا ولا نعرف ما هو مصيرنا".
وكنان ومريم وسلمى من بين 630 ألف طالب في غزة حرموا من التعليم منذ 7 أكتوبر 2023، بحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في رام الله.
وتقول الوزارة إن ما زاد الأمر سوءا هو أن معظم المدارس التي تديرها الأمم المتحدة في غزة، والتي يبلغ عددها نحو 200 مدرسة، أصبحت الآن تؤوي النازحين، حيث تم قصف 70% منها وتدمير بعضها بالكامل.
وفي محاولة لإنقاذ العام الدراسي المفقود بسبب الحرب، قالت وزارة التربية والتعليم إنها أطلقت مدارس افتراضية لطلبة غزة.
وقال المتحدث باسم الوزارة صادق الخضور لـ ((شينخوا)) إنه من المتوقع أن يدرس الطلاب في المدارس الافتراضية الدروس الإلكترونية ويحضروا دروسهم.
وأضاف أن "المدارس الافتراضية تستخدم المنصات الإلكترونية لتقديم المحتوى التعليمي الأساسي لجميع المواد ... وهناك خطة لدمج عامين دراسيين لمساعدة طلاب غزة على اللحاق بالركب".
إلا أن الأمهات في غزة عبرن عن تشككهن في فعالية هذه المدارس الافتراضية.
وقالت أمينة عابد، وهي أم لأربعة طلاب من غزة، لـ ((شينخوا))، إن "معظم الأطفال في غزة ليس لديهم هواتف ذكية، وحتى لو كان لديهم هواتف ذكية، فإن خدمات الإنترنت ليست متاحة باستمرار".
كما تقول أمينة "أطفالنا خائفون طوال الوقت بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، فكيف سيدرسون ويحصلون على العلامات؟"