غزة 11 يناير 2024 (شينخوا) يعاني الفلسطيني يوسف علي من تدهور مستمر في حالته الصحية في ظل حاجته لرعاية طبية مكثفة من مرض السرطان، لكنه يفتقدها في خضم الحرب الدائرة في قطاع غزة.
ويقيم علي البالغ من العمر (44 عاما) في مدرسة إيواء للنازحين في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة من دون الحصول على أدويته اللازمة في وقت تتضاعف آلامه جراء تفاقم حالته.
ويقول علي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه يعاني من سرطان الرئة منذ ثلاثة أعوام وكان تلقيه العلاج الدوري في مستشفيات بالضفة الغربية وإسرائيل يبقي حالته مستقرة قبل أن تقلب الحرب وضعه رأسا على عقب.
ويشكو علي من أنه لم يتمكن منذ ثلاثة أشهر من السفر لمتابعة علاجه ولم يتلق أي أدوية متخصصة تقريبا، فيما لم يعاينه طبيب متخصص منذ نحو ستة أسابيع ما يجعله يواجه خطر "الموت البطيء".
وداخل نفس مدرسة النازحين يسيطر الإعياء والإنهاك الدائم على السيدة سميرة زيارة (51 عاما)، وهي أم لستة أبناء مريضة بالقلب ولم تتمكن عائلتها من نقلها إلى أي مستشفى لتلقي الرعاية الطبية.
ويقول نجلها الأكبر كمال إن والدته تشهد وضعا قاسيا ومؤلما في ظل تدهور حالتها الصحية وافتقادها للرعاية الطبية والأدوية اللازمة لحالتها بينما تنتشر الأمراض والأوبئة في مراكز الإيواء.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة بعد أن شنت الحركة هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أودى، وفق السلطات الإسرائيلية، بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي.
وأدت الحرب المتواصلة إلى مقتل 22 ألفا و722 شخصا، بحسب أرقام فلسطينية رسمية في وقت دفعت إلى نزوح أكثر من 85% من إجمالي سكان قطاع غزة البالغ عددهم زهاء 2.3 مليون نسمة.
وبحسب مدير مكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، فإن أكثر من 1.9 مليون نازح فلسطيني يعانون من أوضاع كارثية ومأساوية في ظل نقص الاحتياجات الإنسانية وافتقاد الرعاية الطبية.
ويقول الثوابتة لـ (شينخوا) إن 150 فقط من أصل 325 مركز إيواء تتكدس بعشرات آلاف النازحين لديها حاليا نقاط طبية، في وقت خرجت أغلب المستشفيات والمراكز الصحية الأولية عن الخدمة.
ويضيف أن الجهات الطبية المختصة رصدت أكثر من 400 ألف حالة إصابة بأمراض وأوبئة في وقت يواجه فيه النازحون قسرا تحديات مزدوجة تشمل ظروف الشتاء القاسية والتعرض للطقس البارد.
وينبه الثوابتة إلى أن قطاع غزة يعاني من انقطاع التيار الكهربائي واستنفاد احتياطي الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، فيما يعوق قطع الاتصالات والوقود جهود الاستجابة بشكل مناسب للأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وتعمل 9 من أصل 36 مستشفى حاليا و19 من أصل 72 مركزا للرعاية الصحية في قطاع غزة فيما يبلغ متوسط إشغال الأسرة في المستشفيات العاملة 351%، ونسبة إشغال الأسرة في وحدة العناية المركزة 261%.
وذكر المكتب الإعلامي لإدارة معبر رفح أنه تم تحويل 972 مريضا لتلقي الرعاية خارج القطاع، منهم 571 جريحا و401 مريض، بينهم مرضى بالسرطان.
وقالت وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية إن هناك أهمية بالغة لإعطاء الأولوية لإجلاء أكثر من 5300 شخص يواجهون حالات طبية خطيرة ومعقدة في غزة لتلقي الرعاية اللازمة والمناسبة في الخارج.
وأبرزت الوزارة وجود نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية في مستشفيات قطاع غزة والمراكز الصحية، بما في ذلك مستلزمات التخدير والمضادات الحيوية والسوائل الوريدية ومسكنات الألم والأنسولين والدم ومشتقاته.
كما أن المعدات الطبية لا تعمل بشكل متزايد في المستشفيات مثل أجهزة المراقبة وأجهزة التنفس الصناعي والحاضنات والأشعة السينية والأشعة المقطعية وأجهزة التحليل وأجهزة التخدير والتي تعتمد على الكهرباء.
ويضاف إلى ذلك النقص الحاد في الوقود والمياه والغذاء والكهرباء في المستشفيات والمرافق الطبية.
بموازاة ذلك يواجه قطاع غزة نفادا خطيرا في مخزون اللقاحات، ما يساهم في حدوث آلاف حالات الأمراض المعدية في مراكز إيواء النازحين، بينما تشكل البقايا المتحللة خطرا، ما يزيد من خطر حدوث أزمة في الصحة العامة.
وقال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة إن الوضع الصحي في عموم القطاع لا سيما في مراكز إيواء النازحين شديد المأساوية ويهدد بكارثة شاملة وأرقام صادمة من الوفيات.
وتابع القدرة في تصريحات لـ(شينخوا) أن الفئات الضعيفة بمن في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة والنساء الحوامل والمرضعات والأفراد الذين يتعافون من الإصابات أو العمليات الجراحية والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، يواجهون ظروف مأوى صعبة.
ولفت إلى وجود أكثر من ألفي مريض بالسرطان و1100 مريض بحاجة لغسيل الكلى ونحو 45 ألف مريض مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرهم الآلاف من أصحاب الأمراض المزمنة بدون رعاية صحية فعلية.
وشدد القدرة على أن مستشفيات قطاع غزة التي لا تزال تعمل جزئيا تعاني من نقص كبير في الأدوية الأساسية وخدمات الرعاية الصحية، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إليها.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تواجه مستشفيات قطاع غزة كذلك تحديات نقص الطاقم الطبي، بما في ذلك الجراحين المتخصصين وجراحي الأعصاب وطاقم العناية المركزة، فضلاً عن نقص الإمدادات الطبية مثل التخدير والمضادات الحيوية وأدوية تخفيف الآلام والمثبتات الخارجية.
فيما أورد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) أن وضع المستشفيات ومستوى أدائها بات يعتمد على السعة المتقلبة والحد الأدنى من الإمدادات التي يمكن أن تصل إلى المرافق.
وبحسب المكتب الأممي تعمل المستشفيات التسعة التي تعمل جزئياً في الجنوب بثلاثة أضعاف طاقتها، في حين تواجه نقصاً حاداً في الإمدادات الأساسية والوقود ما يفاقم من المخاطر على الجرحى والمرضى.