غزة/القدس 8 أكتوبر 2023 (شينخوا) صادقت إسرائيل اليوم (الأحد) على قرار حالة الحرب للمرة الأولى منذ عقود، في اليوم الثاني من أعنف جولة قتال مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي سجلت حصيلة القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين فيها ارتفاعا دراماتيكيا غير مسبوق.
فيما بذل لاعبون رئيسيون في المنطقة جهودهم في محاولة لاحتواء التصعيد بي طرفي النزاع رغم صعوبة المهمة.
ــ حالة حرب
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية في بيان اليوم مصادقة مجلسها الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية على حالة الحرب، وبالتالي القيام بعمليات عسكرية كبيرة في قطاع غزة.
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل حالة الحرب منذ 50 عاما بعد حرب يوم الغفران عام 1973 والتي خاضتها إسرائيل ضد مصر وسوريا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن سلاح الطيران الحربي شن غارات على 800 هدف في قطاع غزة، من بينها أبراج وعمارات سكنية ومؤسسات خدماتية ومصرفية ومواقع لحركة حماس وفصائل أخرى.
فيما أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية ارتفاع حصيلة القتلى الإسرائيليين إلى 700 وإصابة أكثر من 2200 آخرين منذ إطلاق حركة حماس السبت هجومها غير المسبوق ضد إسرائيل تحت اسم "طوفان الأقصى".
وأوردت مصادر إسرائيلية أنه تم توثيق أكثر من 300 إسرائيلي مفقود منذ بدء جولة التوتر الحالية.
ودفع ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تعيين الجنرال احتياط غال هيرش مسؤولا عن قضية الأسرى والمفقودين.
في المقابل، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أن عناصرها يخوضون "اشتباكات ضارية" في عدة مواقع قتال داخل إسرائيل لليوم الثاني على التوالي.
ونشرت الكتائب المزيد من مقاطع الفيديو لدخول مقاتليها إلى مواقع للجيش الإسرائيلي وبلدات ومستوطنات محاذية لقطاع غزة.
كما نشرت القسام مقطع فيديو لإطلاقها طائرة مسيرة انتحارية قالت إنها دخلت الخدمة خلال جولة القتال الحالية مع إسرائيل وشاركت في "التمهيد الناري لعبور مجاهدي الكتائب" إلى الأراضي الإسرائيلية.
واستخدمت كتائب القسام 35 مسيرة انتحارية في هجماتها على إسرائيل "في جميع محاور القتال"، بحسب ما أعلنت.
ومساء اليوم أعلنت كتائب القسام عن أسر "مجموعة جديدة" من الإسرائيليين واقتيادهم إلى قطاع غزة.
وقال الناطق باسم الكتائب المكنى أبو عبيدة في بيان صوتي وزع على الصحفيين إن مقاتلي القسام تمكنوا من الوصول إلى جنوب عسقلان الواقعة على بعد 21.2 كيلومتر عن غزة، وخاضوا اشتباكات ضارية أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والإصابات.
وأكد أن عناصر الكتائب لازالوا يخوضون "اشتباكات عنيفة" في عدد من المواقع مع الجيش الإسرائيلي.
بدوره، صرح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في كلمة متلفزة بأن "عملية طوفان الأقصى كشفت ضعف إسرائيل"، معلنا أن حركته تأسر وحدها 30 إسرائيليا.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أطلق السبت عملية عسكرية تحت اسم "السيوف الحديدية" شن فيها عشرات الغارات على مواقع لكتائب القسام وأبراج ومنازل سكنية من بينها منازل لقادة حماس.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة في بيان أن حصيلة القتلى الفلسطينيين بلغت 413 قتيلا، من بينهم 78 طفلا و41 سيدة، بجانب 2300 إصابة بينها العشرات بحالة خطيرة.
واتهمت الوزارة الجيش الإسرائيلي بارتكاب ثمان مجازر بعد قصف جوي استهدف منازل سكنية، ما أدى إلى مقتل 54 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال.
ــ تحذيرات من أزمة إنسانية في غزة
وفي إطار تداعيات القتال الدائر، أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف عن تدمير 13 برجا ومبنى وعمارة سكنية وتضرر أكثر من 1000 وحدة جراء هجمات إسرائيل.
وحذر معروف خلال مؤتمر صحفي من أزمة إنسانية في غزة بعد قطع إسرائيل إمدادات الكهرباء عن القطاع ليصبح عدد ساعات وصل الكهرباء 4 ساعات "ما يفاقم من الواقع الإنساني الصعب ويهدد خدمات القطاعات الأساسية مثل المستشفيات وآبار المياه".
كما حذرت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة من توقف محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها خلال يومين، وذلك في ظل تشديد إسرائيل حصارها على القطاع.
من جهته، دعا برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى إنشاء ممرات إنسانية لإدخال الغذاء إلى غزة، معربا عن القلق البالغ بشأن التدهور السريع للوضع في إسرائيل وفلسطين وتأثير الصراع على السكان.
وذكر البرنامج العالمي أنه "فيما تزداد حدة الصراع، يواجه المدنيون، بمن فيهم الأسر والأطفال الضعفاء، تحديات متزايدة في الوصول إلى الإمدادات الغذائية بسبب عرقلة الأعمال العدائية لشبكات توزيع وإنتاج الغذاء".
بموازاة ذلك، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) نزوح 74 ألف فلسطيني بينهم نساء وأطفال في قطاع غزة جراء الهجمات الإسرائيلية.
وفي ظل التصعيد الحاصل في غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان عن مقتل 6 شبان فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات متفرقة في مدن رام الله وأريحا والخليل ونابلس.
ورفع ذلك إجمالي عدد القتلى في الضفة الغربية إلى 12 منذ السبت، إضافة إلى عشرات الجرحى في مواجهات اندلعت في مناطق متفرقة.
وعم الإضراب الشامل مدنا وقرى وبلدات ومخيمات الضفة الغربية اليوم تنديدا بالتصعيد الإسرائيلي على غزة.
وأغلقت المحال التجارية والمدارس والجامعات والبنوك والمؤسسات الأهلية أبوابها في كافة المدن تلبية لدعوة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
ــ تحركات وجهود لاحتواء التصعيد
وعلى صعيد التحرك السياسي، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقادة عرب وأجانب اتصالات من أجل تكثيف الجهود الدولية لوقف التصعيد بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وطلبت السلطة الفلسطينية من جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ على المستوى الوزاري في أقرب وقت ممكن لبحث الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وفق ما صرح به سفير فلسطين المناوب في جامعة الدول العربية مهند العكلوك.
وقال العكلوك إنه تم تقديم مذكرة تتضمن طلب عقد الاجتماع العربي الطارئ على مستوى وزراء الخارجية العرب.
وبحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس هاتفيا مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كلا على حدة التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وأكد عباس خلال الاتصالات على ضرورة العمل مع الأطراف كافة على ضمان وقف "العدوان الإسرائيلي على شعبنا في كل مكان وتحديدا في قطاع غزة".
وشدد على أن "الحل الوحيد لكل ما يجري من تصعيد في المنطقة هو الحل السياسي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس".
فيما أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية استمرار الحراك عربيا ودوليا لـ "وقف العدوان وشلال الدم"، مشددا على أن "الحلول الأمنية التي تتبناها إسرائيل لن تفيد بشيء، والحل الوحيد يكمن في إنهاء الاحتلال".
من جانبه، توجه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم إلى موسكو في زيارة عمل إلى روسيا يبحث فيها مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف التصعيد في قطاع غزة وقضايا إقليمية ودولية أخرى، وفق بيان للجامعة العربية.
ودعا العاهل الأردني أيضا خلال اتصالات مع قادة عرب وأجانب إلى ضرورة تكثيف الجهود الدولية لوقف التصعيد بين الفلسطينيين وإسرائيل في قطاع غزة.
كما بحث الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اليوم خلال اتصالات هاتفية مع قادة عرب وأجانب، من بينهم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ضرورة وقف التصعيد بين الفلسطينيين وإسرائيل، بحسب الإعلام الرسمي.
وكذلك أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اتصالات مع قادة عرب وأجانب لاحتواء التصعيد.
وكشف مصدر في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مساء اليوم عن وساطة متقدمة تقودها قطر لإجراء صفقة تبادل عاجلة مع إسرائيل.
وقال المصدر لوكالة أنباء ((شينخوا))، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن الدوحة تسعى بدعم أمريكي إلى اتفاق يقضي بالإفراج عن النساء الإسرائيليات اللاتي تأسرهن حماس مقابل الأسيرات الفلسطينيات في سجون إسرائيل.
وتابع أن قياديا في حماس أبلغ قطر عدم ممانعة الحركة إجراء الصفقة على أن تضمن الإفراج عن جميع الأسيرات الفلسطينيات البالغ عددهن 36 أسيرة من سجون إسرائيل.
ورغم الجهود المتواصلة للتهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يؤكد الجانبان أن المعركة متواصلة وستستغرق وقتا.