روابط ذات العلاقة
عباس جواد كديمي
أستاذ في قسم اللغة العربية بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية في بكين
في هذا العام 2023، تدخل مبادرة الحزام والطريق، السنة الحادية عشرة من عمرها، وهي تشهد تحقيق إنجازات بنّاءة ومثمرة، ويتوسع نطاق مشاريعها التعاونية يوما بعد يوم، ويزداد الاعتراف الدولي بها.
ومع دخولها للعقد الثاني من عمرها، تزداد المبادرة قوةً وحماسة، وتستعد لاغتنام الفرص، ومعالجة التحديات أيضا من خلال إيجاد الحلول الابتكارية للتحديات التي تظهر خلال التنفيذ.
ومع استمرار تقدمها، لا بدّ من إعادة التأكيد على أن مبادرة الحزام والطريق هي مبادرة تنموية، لا علاقة لها بالتنافس الجيوسياسي.
كلنا نعرف أن العالم اليوم يشهد تغيّرات غير مسبوقة، وتظهر فيه الفرص والتحديات في آن واحد.
ومع النجاح الواضح لمشاريع بناء المبادرة، من الطبيعي أن ندرك أن طريق تنفيذ مبادرة تنموية هائلة، لن يكون سلسًا دوما، ومن المتوقع أن يشهد العديد من التحديات، وهذا أمر طبيعي حتى في مسيرة الحياة عموما.
هناك تحديات من الطبيعي أن تظهر خلال تنفيذ بناء المبادرة، ولكن التحديات الأكثر بُعدا عن الواقع هي تلك التي تثيرها جهات غربية لا تريد الاعتراف بأن العالم قد تغيّر فعلا، وأن تيار العصر هو العولمة والتعاون المتعدد الأطراف.
أقول هذا لأنه من الضروري جدا إبراز الجانب الحقيقي التنموي التعاوني لمشاريع بناء المبادرة، والعمل على كسب دعم الناس الذين يتمتعون بعقلية منفتحة ذات أفكار تؤمن بالتعاون المتبادل المنفعة والمشاريع التنموية التي تخدم البشر عموما، ودحض مزاعم تلك العقليات التي لا تزال تعيش في فترة الحرب الباردة، وتروّج لتوترات الحروب، وتتمسك بمطامع الهيمنة على كل العالم.
لذلك، لا بدّ من أخذ هذه التحديات على محمل الجدّ. ولا بد من التركيز على المزيد من الاستعداد والابتكار والابداع خلال المستقبل.
خلال العقد الأول من عمر المبادرة وتنفيذ المشاريع فيها، ظهرت تحديات وعراقيل، قد تمّت معالجتها، ثم المُضي قُدمًا بتحقيق الإنجازات العملية ضمن بناء الحزام والطريق.
ولكن، ينبغي على شركاء التعاون لتنفيذ المبادرة أن يضعوا في تفكيرهم، أن أية مشاكل أو تحديات، قد تظهر في العقد الثاني من مسيرة المبادرة، تستوجب إيجاد حلول جديدة مبتكرة لمعالجتها، لأن الحلول القديمة ربما نفعت لمعالجة مشاكل أو تحديات قديمة، ولكن قد لا تنفع في معالجة تحديات جديدة.
ولهذا السبب، نسمع تأكيدات متكررة في الصين خصوصا، وخارجها عموما، على أن العالم يشهد تغيرات غير مسبوقة، وأن التحديات كثيرة، وأنه من الضروري التحلي بعقلية منفتحة تستكشف الحلول الابتكارية باتجاه المستقبل.
الأمة الصينية تتمتع بتاريخ عريق، وحضارة أسهمت في تطور البشرية، ولن تفتقر لحلول ومعالجات لأية مشاكل قد تظهر هنا وهناك، ولديها المرونة والإمكانيات.
وفيما يتعلق بالروابط الوثيقة بين الصين والبلدان العربية، فكلا الجانبين يؤكدان أهمية الصداقة الدائمة والمتينة بينهما، باعتبار هذه الصداقة رابطة ظلت صامدة أمام اختبارات الزمن لآلاف السنين. وفي العقد الماضي مثلا، ازدهرت الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وحققت نتائج مثمرة، وأصبحت مثالا بارزا للتعاون بين بلدان الجنوب، وللمنافع المتبادلة، والنتائج المزدوجة المنفعة. وتوسيع التعاون الاقتصادي الصيني مع البلدان العربية خصوصا، والشرق الأوسط عموا، يمكنه تعزيز الاستقرار السياسي، وتوفير فرص التنمية والازدهار المشتركين.
وفي وقت تشهد فيه الصين مسيرة حيوية تتقدم للأمام، وفي وقت تدخل فيه مبادرة الحزام والطريق عقدها الثاني، من الضروري التأكيد على أن الصين المزدهرة حاليا هي نتيجة لمسيرة الإصلاح والانفتاح، ونتيجة لجهود شاقة بذلها الشعب الصيني، ونتيجة لتعاون الشعب الصيني مع الشعوب المحبة للسلام والاستقرار والتنمية في العالم.
وهذه المسيرة التنموية تؤكد على أن التنمية في الصين لا تستغني عن العالم، وأن العالم لا يستغني في تنميته عن الصين.
منذ إعلان تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، ظهر قلق واضح لدى جهات استعمارية غربية من هذه الجمهورية الفتية، وعمدت تلك الجهات الغربية ذات العقلية الاستعمارية، إلى كبح تقدم هذه الجمهورية الشعبية، ومنعت حتى إقامة العلاقات معها وقاطعتها وحاصرتها، ولكن الشعب الصيني لم يوقف مسيرته، وظل يتقدم رغم تلك العراقيل والتحديات، وحقق إنجازات أبهرت العالم، وها هي الصين تقف اليوم في صفوف المقدمة، وتحتل مركز ثاني اقتصاد بالعالم، وتتطور قوتها الوطنية الشاملة بكافة الميادين، وحققت معجزتين توأم هما التنمية والاستقرار الطويل الأمد، وهذا يعني أن تقدم هذا الشعب لا يمكن وقفه، ولن يحتاج لأخذ الموافقة من أحد.
لذلك، وفي هذه المرحلة التاريخية من عمر المبادرة، على المعنيين بمسيرة بنائها أن يدركوا أن المسيرة لا يمكن أن تتوقف أو تتعرقل من قبل جهات تعاديها. والمنطق يقول إنه على المبادرة أن تواصل سعيها التعاوني القوي المستقر المستدام.
في العقد الثاني من عمر المبادرة، وفي ظل التغيّرات الكبيرة التي يشهدها العالم، لا بدّ من التركيز على النوعية، والاستدامة والمنفعة الفعلية، والابتكار، وعلى جانب إبراز القوة الناعمة للمبادرة.
من المعروف والثابت أن الصين تتمسك بسياسة جوهرية هي عدم التدخل في الشئون الداخلية للآخرين، وهذه سياسة ممتازة، وتحظى بسمعة رائعة في العالم. ولكن بما أن المبادرة في جوهرها هي تشاورية، فلا ضير من التركيز على التشاور حول الأولوية للمشاريع التي تسهم بدفع التنمية وتحسين حياة الناس.
ومع اكتساب المبادرة المزيد من الزخم، لا بد من مزيد من التركيز على الفعالية وإبراز المنافع الفعلية لمشاريع المبادرة وجدواها. مثلا؛ في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، الناس بحاجة إلى محطات الطاقة والمياه والمستشفيات والمدارس، والبنى التحتية للطرق والجسور والاتصالات الرقمية. وأي مشروع آخر، سيكون قليل الأهمية للمواطنين العاديين.
المبادرة أصبحت معروفة على نطاق عالمي، وتحظى بالاعتراف والترحيب ولا سيما في البلدان العربية. في العراق حاليا، هناك حراك شعبي يُسمى (الحراك الشعبي لمبادرة الحزام والطريق وميناء الفاو)، وهو حراك يضم مختلف الناس في العراق، ويدعم المزيد من مشاركة العراق بمشاريع المبادرة، وأن تقوم الشركات الصينية بمزيد من العمل في إعادة إعمار العراق. وهناك طالب قدّم أطروحة حول المبادرة لنيل شهادة دكتوراه.
وفي العقد الثاني من عمر المبادرة، لا بد من التركيز على أهمية الاستثمار في البنية التحتية الرقمية الحديثة، والطاقة المتجددة، وتركيز المزيد من الاهتمام على المشاريع النظيفة الصديقة للبيئة (المشاريع الخضراء)، والصين متقدمة ورائدة في هذا الجانب.
ولدينا أمثلة عديدة على مشاريع الطاقة النظيفة التي نفذتها وتنفذها الشركات الصينية في دول عربية عديدة مثل الأمارات وتونس والجزائر ومصر وغيرها.
ومع دخول المبادرة للعقد المقبل، ينبغي المزيد من التركيز على تكامل مشاريع المبادرة مع رؤية التنمية للكثير من الدول العربية.
معظم الدول العربية لديها برامج وأهداف تنموية تستمر من الآن وحتى عام 2030 أو بعده بقليل، وكلها مهمة وواعدة، وهي فرصة مناسبة للتلاؤم بين مشاريع التنمية الوطنية في الدول العربية، ومبادرة الحزام والطريق المقترحة من الصين.
ولنأخذ رؤية التنمية السعودية 2030، على سبيل المثال لا الحصر. فهي رؤية تتحلى بميزة خاصة تستحق الاهتمام الخاص، لأن السعودية غنية بالموارد الطبيعية والسياحية والبشرية، ومستقرة ومؤثرة خليجيا وعربيا وإسلاميا وعالميا، إضافة لكونها سوقا رئيسية هامة للطاقة وفيها توجّهات حيوية تطمح لمزيد من النمو والتطور والاستقلالية، وتنويع موارد البلاد وتعزيز استدامتها.
الصين هي محرك التنمية في العالم، وآسيا هي المنطقة الأكثر حيوية في العالم، والقرن الـ21 يمكن تسميته بالقرن الآسيوي، وهناك أهمية خاصة لمزيد من تعزيز التكامل بين مبادرة الحزام والطريق وبين الدول المجاورة للصين، وخاصة رابطة الآسيان، ثم منتدى آسيا والمحيط الهادي (آبيك)، وكذلك مجموعة بريكس، والشراكات التجارية والاقتصادية الأخرى.
العالم يتجه فعلا لتعدد الأقطاب، وهناك تراجع للهيمنة الغربية على العالم، ولكن الغرب لا يريد الاعتراف بذلك، ويسعى لمواصلة سيطرة على العالم دامت لسبعة عقود على الأقل، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من ظهور القطبية المنفردة الأمريكية على العالم.
إن قصة نجاح الصين ونهضتها قد قلبت حسابات صانعي السياسات بالولايات المتحدة والغرب. وخاصة بعد أن تمكنت الصين من امتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا والبحوث الحديثة. ولذلك، نرى الولايات المتحدة وحلفاءها يشنون حملات العداء ضد مبادرات الصين، ويفرضون المقاطعة التكنولوجية، والرسوم وإثارة المشاكل، ويكبحون بحوث وأعمال الشركات الصينية، وخاصة العاملة بمجال الاتصالات، بهدف احتواء وكبح مسيرة الصين التنموية. لكن التاريخ والوقائع أكدت أنهم لم ينجحوا بذلك، والشعب الصيني يواصل تقدمه.
في عالم اليوم المتغيّر باستمرار، هناك العديد من مجموعات المصالح. ولكن، هناك مجموعتان، على الأقل، في الغرب تحديدا، ينبغي التركيز عليهما فيما يتعلق بمبادرات الصين، وهما مجموعتان مؤثرتان في المسرح السياسي والاقتصادي والتجاري العالمي، هما مجموعة مصالح تزاوج بين السياسة والمال والأعمال ممثلة بأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، والمحافظين الجُدد، ومجموعة شركات السلاح الحريصة على إثارة التوترات والحروب بالعالم، ليتسنى لها ترويج ما تنتجه من أسلحة، وبما يحقق لها الأرباح الطائلة. ولا يخفى على المتابع أن هاتين المجموعتين تتبادلان الدعم كلّ من أجل مصلحته. فأعضاء الكونغرس الأمريكي، بمجلسيه الشيوخ والنواب، يحصلون من شركات الأسلحة على الأموال اللازمة لحملاتهم الانتخابية وضمان إعادة انتخابهم، مقابل توفير الدعم للشركات الكبرى فيما يتعلق بخفض الضرائب على هذه الشركات. وتبادل الدعم هذا ينطبق حتى على الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض.
ولكن هناك أيضا مجموعة أخرى منتشرة في العالم، تضمّ الاقتصاديين والتجاريين ورجال الأعمال والأكاديميين والمثقفين ومعظم الناس العاديين، أينما كانوا، وهم يشكلون مجموعة واسعة داعمة للتقارب والتعاون الاقتصادي والتجاري في العالم، وتحقيق المنافع المزدوجة، وإبعاد السياسة عن العلاقات الاقتصادية والتجارية.
هناك حقيقة هامة وهي أن الصين عندما طرحت المبادرة، فقد أكدت رغبتها في تعزيز التعاون مع كل من يرغب بالتعاون، ثنائيا أو متعدد الأطراف، ضمن المبادرة. والمبادرة تنموية تعاونية تكاملية، لا علاقة لها بالتنافس الجيوسياسي.
وهذا يعني أنه إلى جانب تعزيز التعاون عموما، يمكن التركيز أكثر على تعزيز التعاون مع العالم كله، ونخص بالذكر هنا الدول العربية، والشرق الأوسط كله، والقارة الأفريقية الصديقة للصين، وضرورة استكشاف السُبل الفعالة ودراسات الجدوى لتحقيق المزيد من التعاون مع الهند الجار الآسيوي القريب من الصين.
مثلا؛ إذا تم استكشاف السُبل الفعالة ودراسات الجدوى لمزيد من تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية، أو الشرق الأوسط عموما، إضافة إلى القارة الأفريقية ممثلة بالاتحاد الأفريقي، وكذلك الهند، فهذا يعني تحقيق التعاون بين نصف سكان الأرض تقريبا. فالصين تضم 1.4 مليار نسمة، والدول الأفريقية مجتمعة تضم نفس العدد، والهند أيضا تضم نفس العدد، والشرق الأوسط يضم أكثر من 550 مليون نسمة، وكل هذه الأرقام تضم نسبة كبيرة من القوة الشبابية الحيوية.
وفي وقت تدخل فيه مبادرة الحزام والطريق عامها الـ11، لا بدّ من التركيز على إبراز المشاريع الناجحة الكثيرة ضمن بناء الحزام والطريق، لأن النماذج الناجحة المثمرة هي الوجه الحقيقي لمشاريع المبادرة، وبإمكانها أن تدحض بعض المزاعم والشكوك الغربية.
ومن الضروري أيضا التأكيد على أن المبادرة ليست حدثا طارئًا، أو شيئا مُستجدّا في تاريخ الصين، وخاصة التاريخ الحديث منه، بل أن تاريخ الصين، وخاصة منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، مليء بنماذج التعاون مع الدول النامية، حتى عندما كانت الصين فقيرة ومُحتاجة.
لأن هذه النماذج التاريخية يمكنها أن تعزز القوة الناعمة للمبادرة، وتسهم بالوقت نفسه في دحض المزاعم القائلة بأن الصين تسعى للنفوذ بالعالم.
قبل المبادرة بعقود طويلة، لدينا أمثلة كثيرة لمشاريع التعاون الصينية مع العالم النامي، بدءا بالفرق الطبية التي أرسلتها وترسلها الصين لمساعدة الدول النامية، ومنها أول فريق طبي أرسلته الصين إلى الجزائر عام 1963، ثم مشروع السكك الحديدية بين تنزانيا وزامبيا، إضافة لدعم مساعي ونضال الدول النامية لتحقيق الاستقلال والتحرر والنمو.
في أبريل عام 1963، أرسلت الحكومة الصينية فريقا مؤلفا من 24 عاملا في المجال الطبي إلى الجزائر، بناءً على طلب من هذا البلد. كانت تلك بداية المساعدات الطبية الصينية لأفريقيا، والتي استمرت في النمو على نطاق واسع على مر السنين.
وفي فبراير 1965، جاء الرئيس التنزاني آنذاك جوليوس نيريري، إلى الصين، طالبا المساعدة في بناء خط للسكك الحديدية، لتعزيز التعاون والنقل بين بلاده تنزانيا وزامبيا، وجيرانهما. وخلال اجتماعه مع الرئيس الصيني حينئذ، ماو تسه دونغ، قال له ماو "لديكم صعوباتكم، ولدينا صعوباتنا. لكنها ليست من نفس النوع. سنساعدكم في بناء خط السكك الحديدية هذا، حتى لو اضطررنا إلى التخلي عن بناء خط سكك حديدية خاصة بنا".
وفي الستينات من القرن الماضي، أرسل الرئيس الباكستاني آنذاك محمد خان، مستشارا سياسيا إلى بكين لمناقشة إمكانية طلب مساعدة الصين في بناء طريق سريع على طول طريق الحرير القديم. حينئذ، وافق الرئيس ماو تسه دونغ ورئيس مجلس الدولة تشو اَن لاي، دون تردد، على أن الصين ستقدم المساعدة وتنفذ ذلك مع باكستان. وهو ما يُعرف حاليا باسم طريق كاراكورام السريع، والذي يمتد لمسافة 1224 كيلومترا.
وخلال العقد المنصرم من عمر المبادرة، وضمن مشاريعها التعاونية المفيدة للشعوب، هناك مشروع، يُطلق عليه اسم "مشروع رقم 1 للرئيس". وهو خط سكة حديد انغرين - باب، الذي يمر عبر الجبال في آسيا الوسطى، وهو مشروع بارز بين الصين وأوزبكستان، تم بناؤه في إطار مبادرة الحزام والطريق. وهو أيضا جزء من ممر نقل دولي على طول طريق الحرير، يربط بين الصين وآسيا الوسطى وأوروبا. النفق الرئيسي لخط السكة الحديد، نفق كمشيك، هو أول نفق للسكك الحديدية في أوزبكستان. يمتد بطول 19.2 كيلومترا، وهو أطول نفق في أوزبكستان وآسيا الوسطى. إنه معجزة في تاريخ بناء الأنفاق، وقد سُمّي بـ"مشروع رقم 1 للرئيس"، وذلك تكريما لاهتمام الرئيس الصيني شي جين بينغ، بتنفيذه، حتى يحقق المنفعة للشعبين وللمنطقة.
ومنذ السبعينات، وخاصة عام 1972، الذي تم خلاله اكتشاف عقار الأرتيميسنين من قبل العالمة الصينية تو يو يو، التي حصلت على جائزة نوبل بسببه في عام 2015، فقد شاطرت الصين هذا العقار الطبي مع العالم لعلاج الملاريا.
وفي مارس 2014، تفشى وباء إيبولا في غرب أفريقيا، وأصبح أزمة صحية عامة عالمية. وفي استجابة فورية لنداءات الدول المتضررة، ومنظمة الصحة العالمية، تحركت الحكومة الصينية فورا، وقامت بإرسال العاملين الطبيين والإمدادات إلى المنطقة المتضررة، حيث قدمت أربع جولات من المساعدة الطارئة بإجمالي 750 مليون يوان (115.38 مليون دولار).
الأمة الصينية أمة محبة للسلام والتعاون، وكما قال الرئيس شي جين بينغ في افتتاح الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية "فالبشرية هي مجتمع مصير مشترك. والتضامن والتعاون هما أقوى سلاح لدينا"، والصين تؤمن تماما أن البشرية تشترك في نفس المصير، وأن الحكومة الصينية لا تهتم بحياة وصحة ورفاهية الشعب الصيني فحسب، بل ستظل ملتزمة أيضا بتعزيز التعاون المنفعة المتبادلة في جميع أنحاء العالم.
وفي يونيو 2014، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، في كلمته بحفل افتتاح المؤتمر الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني – العربي، أن الحزام والطريق يمثلان مسارات نحو المنفعة المتبادلة التي ستحقق تكاملا اقتصاديا أوثق بين البلدان المعنية وتعزيز قدراتها على تحقيق النمو المحلي وحماية نفسها من المخاطر.
وعند اختتام كلمته، روى الرئيس شي، قصة ذات مغزى حدثت في مدينة إيوو، وهي مدينة تُعرف باسم عاصمة السلع الصغيرة في العالم، في مقاطعة تشجيانغ بشرق الصين.
روى الرئيس شي قائلا "هناك رجل أعمال أردني يدير مطعما للأكلات العربية الأصيلة في مدينة إيوو، حيث يلتقي الكثير من رجال الأعمال العرب. ومن خلال جلب المأكولات العربية الأصيلة إلى إيوو، حقق نجاحا تجاريا في هذه المدينة الصينية المزدهرة، وتزوّج من فتاة صينية، وكوّن عائلة، واستقر في الصين. ومع دمج أهدافه الخاصة مع حلم الصين بتحقيق السعادة، بنى هذا الرجل العربي حياةً كريمة لنفسه من خلال مثابرته، فهو يجسد مزيجا مثاليا من الحلم الصيني والحلم العربي".
هذه أمثلة على روح التعاون للشعب الصيني مع العالم، وهي أمثلة يمكن اعتبارها من جانب القوة الناعمة لمبادرة الحزام والطريق.
الأمة الصينية تؤمن بتقاليد الحوار والتفاهم والاستماع لمختلف الآراء وتبادل وجهات النظر، على أساس الاحترام والمنفعة المتبادلة، وتؤمن أيضا بأن فهم التاريخ مهم للانطلاق نحو المستقبل، وفي ظل ما يشهده عالم اليوم من تغيرات غير مسبوقة، لا بدّ من تعزيز جانب القوة الناعمة للمبادرة.