25 يوليو 2023 / منذ قطف مزارعي الزهور الكينيين أول ورودهم من مزارعهم في الساعة الواحدة صباحا، يبدأ تسابقهم مع الزمن.
وبعد ساعة كاملة، تُنقل هذه الزهور المقطوفة على متن شاحنة إلى مطار نيروبي الدولي، وتُرسل في الساعة الثالثة مساء اليوم نفسه على متن طائرة صينية إلى مدينة تشانغشا حاضرة مقاطعة هونان وسط الصين على بُعد 8700 كيلومتر عن العاصمة الكينية.
وتصل هذه الزهور إلى مطار هونغهوا الدولي بمدينة تشانغشا صباح اليوم التالي، ويجرى موظفو الجمارك الصينية فحصا دقيقا لعينات من الزهور. ولا يستغرق وقت التخليص الجمركي إلا نصف الساعة بفضل "الممر الأخضر" الذي فتحته جمارك تشانغشا خصيصا للمنتجات الأفريقية.
ومؤسسة شييويه للثقافة والإعلام هي مستورد هذه الزهور الطازجة، وتنتظرها مديرة المؤسسة هوانغ تسي نان في سوق قاو تشياو الكبيرة.
وبعد إكمال التخليص الجمركي للزهور يكون قد مر يوم واحد على قطفها، ويتيح ذلك وقتا كافيا لهذه الزهور الطازجة الزاهية الألوان لدخول ملايين المنازل بالصين.
وتُعتبر كينيا أحد أشهر الدول إنتاجا وتصديرا للزهور. وتظهر ورود كينيا في مناسبات دولية مهمة باعتبارها تتمتع برؤوس كبيرة وأصناف متعددة ويمكن الحفاظ عليها في مزهريات زجاجية لمدة أطول.
وبفضل زيادة الرحلات الجوية المباشرة بين الصين والدول الأفريقية وتسهيل التخليص الجمركي وغيرها من الإجراءات، فقد زادت الزهور الكينية المصدرة إلى الصين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وتعد سوق قاو تشياو الكبيرة أهم نقطة لتوزيع هذه الزهور الطازجة إلى أنحاء الصين.
وبعد مغادرة السوق الكبيرة، تواصل هذه الزهور الطازجة رحلتها إلى بكين وشانغهاي وقوانغتشو وغيرها من المدن الصينية. وتسهم هذه الورود الكينية في تخفيف حدة تذبذب أسعار الزهور الطازجة في موسم ذروة استهلاك الزهور الطازجة، مثل مهرجان تشيشي، والمعروف أيضا محليا باسم عيد الحب، في أنحاء الصين، بفضل طول فترة بقائها طازجة واستقرار إمدادها في السوق.
وأكدت هوانغ تسي نان، أن السوق الصينية لاستهلاك الزهور الطازجة تتمتع بإمكانات واعدة كبيرة، إذ تتشكل عادة الصينيين في استهلاك الزهور الطازجة تدريجيا، وزادت طلبات استخدام الزهور في حفلات الزفاف أو المعارض والمؤتمرات تدريجيا أيضا.
ولا شك أن التشارك في بناء "الحزام والطريق" يجلب فرصا جديدة للتعاون الصيني الأفريقي. وأظهرت بيانات صادرة عن الهيئة العامة للجمارك الصينية أن حجم التجارة الخارجية بين الصين وأفريقيا بلغ 82.232 مليار يوان خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، بزيادة نسبتها 16.4% على أساس سنوي.
وتضخ التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأفريقيا حيوية جديدة في سوق قاو تشياو الكبيرة أيضا. وتعد أكبر سوق متكاملة كبيرة في الصين حيث تحتضن أكثر من 9100 محل، وبلغ حجم التجارة مع الدول الأفريقية في العام الماضي 3.1 مليار يوان، بزيادة قدرها 302% عما كان عليه في العام الأسبق.
وفي هذه السوق الكبيرة، يمكن للمستهلك شراء أصناف عديدة من منتجات الدول الأفريقية، مثل الزيوت الأساسية من مدغشقر، واللوحات الزيتية والأحجار الكريمة من زامبيا، والبن من أثيوبيا، والمنحوتات الخشبية من زيمبابوي، والنبيذ من جنوب أفريقيا وغيرها.
وقال نائب المدير العام للسوق الكبيرة جيانغ شو فانغ "كانت الشركات الأفريقية تأتي إلى السوق لعرض منتجاتها في الماضي، وأصبحت حاليا تستقر في السوق لريادة الأعمال".
وفي زاوية بالسوق، جذبت حاوية تزن 3.5 طن من الأطعمة البحرية المحفوظة حيةً باستخدام النيتروجين السائل أنظار الكثيرين، بما فيها سرطان البحر من مدغشقر وأذن البحر من جنوب أفريقيا وغيرها من 18 صنفا من المأكولات البحرية من 4 دول أفريقية. وهذه هي المرة الأولى التي استوردت فيها هذه السوق الأطعمة البحرية الحية والطازجة من الدول الأفريقية بشكل مباشر.
وقال سو جيون بينغ، رئيس جمعية تعزيز التجارة والاستثمارات المشتركة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، إن الصين تعمل حاليا على إنشاء "ممر أخضر" لتشجيع تصدير المنتجات الزراعية الأفريقية إلى الصين. وتزايد عدد الأصناف المدرجة على قائمة المنتجات المسموح بدخولها للصين. وعلى سبيل المثال، فإن أنواعا من الفواكه الأفريقية قد دخلت السوق الصينية.
وبالإضافة إلى ذلك، تغلغل البن الأفريقي بهدوء في حياة عدد كبير من الصينيين.
وفي السنوات الأخيرة، حول مزيد من المستهلكين الصينيين أنظارهم إلى البن الأفريقي الذي كسب شهرة عالمية بفضل جودته العالية. وقال مسؤول بشركة خاصة لبيع القهوة والبن في تشانغشا إن صنفا من البن الأفريقي في شركته زادت مبيعاته ضعفا عما كانت عليه في السنة الماضية.
ووصلت مبيعات البن في سوق قاو تشياو الكبيرة إلى مليار يوان في عام 2022، ومن بينها شكل البن الأفريقي نحو 40% من إجمالي المبيعات.
وفي الدول الأفريقية، أصبحت صادراتها إلى الصين موضوعا يفضل نقاشه مزيد من المزارعين والمصدرين. وبالنسبة إلى المزارعين الأفارقة الذين اعتمدوا على السوق الأمريكية والأوروبية لفترة طويلة، قد تجلب السوق الصينية الناشئة دخلا أعلى وأكثر استقرارا.
وشركة موليجان هي مؤسسة أثيوبية عائلية تعمل في مجال تصنيع وتصدير البن، وينتشر زبائنها في أكثر من 20 دولة ومنطقة حول العالم. وفي السنوات الثلاث الماضية، ارتفعت صادراتها من البن إلى الصين بشكل ملحوظ، وزاد عدد زبائنها الصينيين بشكل كبير.
وقال جمال أبرال المسؤول بشركة موليجان إن أفراد عائلته جميعهم يكسبون رزقهم من زراعة البن، ويتطلعون إلى أن تحظي منتجاتهم برواج كبير في الصين. وأضاف أن أثيوبيا هي موطن البن، فيتمتع البن المنتج فيها بنكهة قوية خاصة.
وأكد جمال أن سوق القهوة في الصين نمت في السنوات العشر الماضية بسرعة، ويفضل مزيد من الشباب الصينيين تناول القهوة باعتبارها مشروبا مميزا.